الوظيفة العامة حق مكفول لكل يمني لديه القدرة والكفاءة والاستحقاق في شتى الظروف والصعاب والتخصصات الإدارية السياسية المدنية والعسكرية، إلا أنها جُعلت أوسمه استحقاق في الأنظمة السابقة تعطى للبعض تارة كهبات وعطايا ومكافئات سياسية للبعض الاخر تارة أخرى.
ونتيجة لعدم وجود الدولة الحقيقية العادلة طوال مراحل تلك النظم البائدة حُصِرت الوظيفة العامة حول الفئات المستبدة واذنابهم واعوانهم ووزعت في الغالب على أسس مناطقية، طائفية مذهبية أو سلالية.
قرأت سيرة الدكتور سعيد الشيباني الاقتصادي والشاعر الغنائي المبدع الذي حصل على شهادة الدكتوراة من فرنسا في الاقتصاد في ستينيات القرن الماضي في وقت كان الموظف العام في اليمن يكاد "يفك الخط" في اللغة العربية كتابة أما القراءة فتلك قصةٌ أخرى وتولى وظائف على هامش الدولة، وغيره كثر من عباقرة اليمن يعملون في شتى بقاع الأرض في كل المجالات عدا بلدهم اليمن.
خلال اليومين الماضيين طالعتنا الأخبار عن أن الوظيفة العامة في خطر داهم جراء حصول توظيف هنا أو هناك وهنا نأتي إلى قصة استحقاق أبناء المسؤولين في التوظيف في الأمس واليوم وغداً، في الأمس كانت كما في التوطئة آنفاً، واليوم ورثت النخب ذلك الماضي ولن نستثنى منهم أحد، غير أن المياه الراكدة تُحرك ويلقى إليها الأحجار عندما يقوم أحد الفاعلين في السياسية اليمنية بتوظيف أحد أقاربه في زمن صارت المجاملات في التعيين والتوظيف لا تخفى على أحد من الكل تجاه الكل على أسس تُرك فيها المؤهلين وعُيّن فيها أصحاب الصلاة السياسية والحزبية وذي القربى وكلا بحسب قربه وحساسية موقعه.
كلمة حق أريد بها الحق لم ولن نُدخل فيها شيء من الحزبية أو التعصب لأي مفهوم من مفاهيمها في أمرٍ تعلق بتوظيف نجل وزير الخارجية عبدالملك المخلافي أحد رموز الشرعية والوطن، وابن رجل الأعمال البسيط ودافع الضرائب والواجبات الى خزينة الدولة حتى توفاه الله ولم يعرف الوظيفة العامة أو وقف على باب شباك صرف لهبات أو مرتبات أو حق من المال العام يوماً ما.
ما المانع هنا إذا التحق شابا مؤهلاً علميا وإداريا بالوظيفة العامة؟ الوظيفة العامة هي حق لكل يمني مهما كان اسمه ورسمه وأيا كانت روابط النسب والقربى بأي وزير أو قيادي في الحكومة أو الحزب السياسي، لا يمكن منع شابا مؤهلا من الالتحاق بالوظيفة العامة بحجة أن له قرابة مع مسؤول حكومي أو حزبي، ما الفائدة إذن من دراسته العلمية واكتسابه للخبرات الإدراية؟ هل لكي يعلق شهاداته وخبراته على جدران مسكنه ويبقى حبيس الحجج وتجنب القيل والقال ويتخلى عن حقه كمواطن يمني درس وتعلم على نفقة بلده وعليه خدمة وطنه في أي مكان سنحت له الفرصة تقديم خدمته لوطنه.
لم تكن وظيفة الشاب المخلافي المؤهل حالة استثنائية إذا صحت، أو حقاً غير مستحق لنجل رجلٍ أفنى عمره واشتعل رأسه وتصلبت شرايين قلبه هماً باليمن وكفاحاً في سبيله وكمداً جراء العواصف التي تكاد تقتلع اليمن من جذوره ارضاً وانسانا، ومتى كانت المسؤولية حرمان لمستحق ما بسبب قربه أو بعده من صاحب قرار وماذا تعني إذاً إذا كانت كذلك في زمن كادت الجمهورية من الصحراء إلى البحر ومن الجبل إلى السفح أن تقع رهينة لنظام أسري اعتبر اليمن في سفر جده وبصيرة أبيه إلى أبد الآبدين.