لن أصدق أحداً غير رواية الجندي أنور عقلان. كل مفردة تخرج من حنجرته مثقلة بمرارات بحجم العالم.
ما الذي سيكسبه جندي، قاتل في جبهات عديدة إبتداءاً من تعز وصولاً الى نهم، والتقى بالموت وجهاً لوجه، لكي " يتصلبط" على قائد عسكري، بتلك الصور ة المذلة له شخصياً ؟
إذا كان يريد " الصلبطة " وإثارة معركة كلامية مع القائد إياه، فكان يكفيه فقط، أن يشير الى الرد العنصري والألفاظ المناطقية من قبل التويتي، أو يختلق الأمر عند تلك الحدود، كي يثير زوبعة لن تتوقف.
هل كان يحتاج الى إهانة نفسه ليصف واقعة الإعتداء عليه بتلك الصورة المذلة، كي يكسب تعاطف الناس؟
لدى أنور خمسة أطفال، أقسم برؤوسهم الخمسة أن كل ما قاله صحيحاً وأن التويتي أعتدى عليه في مكتبه "بحذاء جلدي أحمر اللون" بينما كان إثنين من مرافقيه يضحكون كما لوكانوا يشاهدون لقطة مسلية !
اتصلت به اليوم بحثاً عن ما يمكن أن يكون لبساً في الواقعة، ولمستُ صدقه في بساطة حديثه المخنوق بالوجع.
لكن من أين سيأتي أنور بالأدلة لإثبات الواقعة؟
من هم الشهود الذين بوسعهم مواجهة القائد، ويتحلون بالشجاعة والأمانة اللازمة ليقولوا ماحدث ؟
ليس ثمة من يمكن الرهان عليه في هكذا واقعة، إلا إذا كان المرافقان اللذين كانا يستمتعان بالمشهد، سيفصحان عن ماجرى !
وحده التويتي، يصلح دليلاً لإدانة التويتي نفسه بالكذب، والفساد، وتالياً سيكون علينا الإستنتاج بأنه أقدم على فعلته المهينة تلك!
أما الروايات الأخرى المنقولة عن "شهود عيان" فهي مضروبة من الأساس لأنها جاءت من أشخاص تربطهم مصلحة مباشرة بالتويتي، فرواتب الفرار والأسماء الوهمية، المقيدة في كشوفات اللواء، ستحتاج الى " معالجة ضرورية " من " الفريق" بحيث يجري التصرف بها بصورة " عادلة"!
مهما كان هؤلاء " جيدون " وهم يقومون بتمرير " هبرات " الفندم ، فحتماً ثمة تضارب مصالح، تجعلهم يكيفون تهمة التويتي، بالطريقة التي تخدم هدفه الرئيس.
هل نسينا ميراث جيش "الزنة" الذي قدم منه التويتي والمقدشي وكل العسكريين اليمنيين، حيث يعمل القائد العسكري بكل السبل، لتسجيل أكبر عدد ممكن من الفرار والأسماء الوهمية.
إنها الإستثمار الأهم ، إن لم يكن الوحيد، الذي يقدم إجابة واضحة ومختصرة عن هذه الثروات والعقارات الفخمة للقادة، الملهمين !
أهم المستفيدين من هكذا "إستثمار" قيادة اللواء " والكاتب المالي.
في الوضعية الحالية القيادة و" لجان الصرف"!
أما التويتي، فلا زال قائداً طازجاً قدم لتوه من جبهات عفاش، بعد تسليم جنوده بعتادهم في معسكر العمالقة بعمران للحوثيين.
رغم هذه الفترة القصيرة، فقد استطاع قائد اللواء 29 القادم من معسكر الإنقلابيين بعد عام ونصف من القتال في صفوفهم، تقمص الدور جيداً، فهو يتحدث عن "الإنقلابيين" وعن " الجيش الوطني الذي بدأ يتعافى" لكن العبارة الأهم التي سترد في بيانه أكثر من مرة " القانون العسكري ".
يقول بيان التويتي إن "الجندي أنور عقلان، كان احد أفراد اللواء في محافظة مأرب، وفر قبل أربعة أشهر ضمن مجموعة من أفراد اللواء بما بعهدتهم من سلاح ولم يتم إعادته حتى اللحظة أو إبلاغ قيادة وحداتهم بذلك ".
هذا الجندي الذي فر قبل أربعة أشهر، هو نفسه الجندي الذي أصيب في حادث مروري، مطلع هذا الشهر عندما كان في طريقه للانضمام الى الجبهة، وفقاً لرواية أنور.
لكن التويتي يقول في نفس البيان " بأن الجندي تعرض لحادث مروري في المجمع بمحافظة مارب بعد فراره بسلاحه ومع ذلك تدخلت قيادة اللواء وطلبت من إدارة مستشفى مأرب بمعالجته كما تكفل اللواء بكافة حقوقه ومستحقاته خلال إقامته في المسشتفى"!
يبدو أن التويتي و" شلته" أخذوا وقتاً طويلاً ل لإختلاق ذريعة والرد على واقعة اعتداء من شأنها أن تجرد القائد من رتبته وعزله من موقعه وبالتالي خسارة كل " المزايا" التي يحصل عليها لوائه حديث التشكيل، قياساً بألوية أخرى ليس مرضي عنها لدى رئاسة أركان المقدشي، بحسب مصادر عسكرية.
مع ذلك فقد كان بياناً " مهماً " للغاية، يؤكد ضمنياً ليس فقط الواقعة، بل ويقدم دليلاً دامغاً على لسان القائد نفسه عن فساد كبييير داخل اللواء وفي الجانب المالي على وجه التحديد.
إذا كان الجندي فاراً بسلاحه وهو ما ينفيه أنور، فقد كان التصرف الواجب على قائد اللواء، في الأوضاع المثالية طبعاً، التكفل بتقديم الرعاية الصحية للجندي، باعتباره مصاباً حتى يشفى ومن ثم تكليف الشرطة العسكرية لجلبه الى اللواء حتى يتم اتخاذ الإجراءات اللازمة حيال جندي " فار من أرض المعركة"، لكنه لم يفر فحسب،بل " سرق السلاح " وهذه الترجمة الحرفية لاتهامات التويتي !
اللافت أن بيان التويتي يؤكد بأن " قيادة اللواء تدخلت وطلبت من إدارة مستشفى مأرب بمعالجته كما تكفل اللواء بكافة حقوقه ومستحقاته خلال إقامته في المسشتفى"!
هل لدى الجندي، أثناء فراره ومتورط بأخذ سلاح الدولة معه، حقوق ؟
يبالغ التويتي في تقديم نفسه، كقيادي شهم وكريم، لدرجة أنه ينسف قضية الفرار برمتها ويفضح زاوية أخرى غير مرئية في القضية، أو كليهما معاً!
في هذه الرواية يكشف البيان عن أن " الفرار " ليس تهمة مناسبة للجندي أنور فحسب، بل الهدف الحقيقي للقائد، "المقاتل العنيد "على "جبهة الرواتب"!
مع ذلك ذعونا نسلم بتهمة الفرار ونتعامل معها كحقيقة ثابتة.
لكن التويتي نفسه، قائد اللواء، يكذب التويتي، المعتدي والبلطجي المتورط في واقعة إهانة جندي !
يقول البيان إن أنور فار عن المعسكر منذ أربعة أشهر، وهذا يعني أن على القائد القيام بواجبه بحسب " القانون العسكري " الذي يتغطى به في ورطته، وإبلاغ المنطقة العسكرية السابعة التي يتبعها اللواء، لاتخاذ مايلزم، حيال الراتب والرقم، وقبلها يفترض أن بلاغاً قد وصل الى الشرطة العسكرية بالجندي الفار!
لكن القائد الهمام، الذي يقوم بتطبيق قانونه العسكري غير المكتوب، تدخل لدى المستشفى مطلع إبريل من هذا الشهر ، لتقديم الرعاية للجندي " الفار" وتسامح حيال السلاح الذي قال أنه " فر وهو بعهدته" وقدم له "كافة حقوقه ومستحقاته خلال إقامته في المستشفى"!
إنظروا الى كرمه البالغ، وسعة صدره في تطبيق " القوانين العسكرية"!
الأدهى من كل ذلك أن أنور الذي ظل يلاحق راتبه المستحق، لجأ الى المنطقة العسكرية السابعة، وعاد بتوجيه لقيادة اللواء بصرف الراتب، ما يؤكد أن الجندي لم يكن فراراً الا في رأس التويتي، وإذا كان فاراً حقاً فلماذا يحتفظ به في كشوفات راتب اللواء؟
إن القائد الذي بوسعه أن يلتهم مستحقات مئات الفارين وربما آلاف الأسماء الوهمية، أو حتى راتباً واحدا، هل سيتورع عن الكذب في واقعة إعتداء على جندي بصورة مهينة؟
ثم، كيف يجروء، جندي فار متهماً بالسيطرة على سلاحه المملوك للواء، العودة للمطالبة براتبه، وبهذه الصورة الملحة؟
هل هو سوبرمان مثلاً حتى يتحدى قائد اللواء الذي يستطيع إخفائه بلمحة، في زنازنه السفلية؟
ياسادة : هذه الواقعة لا تخص الجندي أنور، والسخفاء الذين حاولوا الإشتغال على الجانب المناطقي في الواقعة كانوا يخدمون القائد " المعتدي" ومعه أصحاب الإسطوانة الرديئة إياها عن " إستهداف الجيش الوطني... ووو.." .
هذا طرف خيط ألقاه إليكم الجندي أنور، يقدم لمحة بسيطة عن الكيفية المعتمدة لدى مراكز " الثقب الأسود" في بناء الجيش الوطني، وماهي معايير إسناد القيادة.
أنتم مدينون لأنور، لأنه تحلى بالشجاعة اللازمة لإظهار واقعة مؤلمة تمس كرامته وتمس جيشكم قبل أي شيئ.
عندما يستوطن الفساد رأس الجيش، فما هو شكل النصر الذي تنتظروه في معركة وجودية كهذه ؟
كيف يمكن لقائد أن ينجز نصراً وهو مليئ بكل هذه الأمراض العنصرية القبيحة، كيف سيقاتل الجندي بروح معنوية عالية، وقائده يتعامل معه كشيئ تافه، يعتدي عليه بالضرب، مستغلاً وضعه الصحي، ويبذل كل ما بوسعه للسيطرة على حقوق هذا الجندي ومصادرتها الى جيبه؟
سيكون من الصعب على أنور إثبات واقعة الإعتداء، فقد كان مسرح الجريمة الحقيرة، مكتب القائد " وخدامه " من المرافقين.
سيبدو المشهد كمن يقع في "مغارة" عصابة ثم ينتظر من جلاديه إنقاذه!
بالبيان وحده تستطيع السلطات القضائية العسكرية، إثبات كذب وتهافت القائد وفساده.
إنه يقدم دليل إدانته بيده،هذا لا شك، سيفضي الى إثبات الإعتداء، الإهانة والقدح العنصري المقيت.
هذه الواقعة يجب أن تكون سبباً لفتح تحقيق واسع داخل قيادة الجيش والألوية بشأن طريقة التعامل مع الأفراد، وهل يحصلون على حقوقهم المقررة في الكشوفات كماهي.
لا أعرف التويتي، ولم يسبق لي حتى أن سمعت به، كما أنني لا أعرف الجندي ولم أسمع باسمه من قبل إلا مع هذا النقاش الجاري بشأن الواقعة.
لكن ما حدث مستفز لأي سوية إنسانية، جعلنا أمام وضع مزري ومحبط، يعيدنا مجدداً الى ذات النفق الذي أسسه عفاش والقيادات العنصرية والعصبوية للبلد .
ذات الطريقة التي كانت سبباً في بناء جيش فاسد، ليغدو ملحقاً بمليشيا طائفية قذرة.
ــــــــــــــــــــــــــــ
اليكم بيان التويتي :
بيان صادر عن العميد حميد التويتي - قائد اللواء 29 ميكا
لم نكن نريد أن نخوض في مايفرق وحدة صف الجيش اليمني الذي بدأ يتعافى يوماً بعد آخر ولكن مع انتشار الإشاعات والادعاءات الكاذبة التي طالت قيادة اللواء 29 ميكا من قبل أحد أفراده المفصولين بسبب مخالفة واضحة في القانون العسكري.
إننا في قيادة اللواء ننفي الاتهامات الموجهة من قبل الجندي " أنور حميد محمد عقلان " بالاعتداء عليه والتهديد بقتله .
ونؤكد " أن الجندي " أنور عقلان " كان أحد أفراد اللواء في محافظة مأرب وفر قبل أربعة أشهر ضمن مجموعة من أفراد اللواء بما بعهدتهم من سلاح ولم يتم إعادته حتى اللحظة أو إبلاغ قيادة وحداتهم بذلك .
كما نؤكد " أن اللواء قام بفصل المجموعة الفارة بالكامل بسبب مخالفتهم أحد القوانين العسكرية الواضحة التي يستند إليها اللواء .
وحول الادعاءات التي وجهها الجندي " أنور عقلان " بأنه أحد جرحى اللواء نؤكد أنه تعرض لحادث مروري في المجمع بمحافظة مارب بعد فراره بسلاحه ومع ذلك تدخلت قيادة اللواء وطلبت من إدارة مستشفى مأرب بمعالجته كما تكفل اللواء بكافة حقوقه ومستحقاته خلال إقامته في المسشتفى .
كما ندعوا وسائل الإعلام في هذا البيان إلى عدم تناقل الادعاءات المغرضة التي تخدم الانقلاب بتشويه صورة وحدة الجيش الوطني ومحاولة زعزعة الصفوف في الوقت الذي يبذل فيه أفراد اللواء إلى جانب إخوانهم من بقية الألوية دمائهم رخيصة في سبيل استعادة الدولة وإنهاء الانقلاب .
العميد " حميد التويتي " - قائد اللواء 29 ميكا
الخميس 20/ أبريل / 2017م / 23/رجب/1438
*المقال خاص بالموقع بوست