لايزال نَفَس على عبدالله صالح يسري في أوساط الجيش الوطني الساكن في قلوب كثيرٍ من قادته ولا يزال الاحتيال على مرتبات الأفراد الجرحى والمقاتلين في جبهات القتال مستمر، ولازالت مضايقات الأفراد والضباط على أسس مناطقية وطائفية قائمة على قدمٍ وساق، ولا يزال انتهاب مخصصات الأفراد والضباط من تعيينات وحقوق جاري دون حدود وكأن التصريح الذي قاله علي صالح مخاطباً قادة الألوية في أحد المشاريع التكتيكية " كلوا وأكّلوا نحن ما وصلنا إلى ما وصلنا إليه إلا أننا كنا نأكل ونأكّل" في إشارة منه لقادة الألوية وتفويض لهم بنهب مستحقات مقوديهم مقولةً ما انفك صداها مخيم في معظم عقول قيادات الجيش الوطني الداعم للشرعية وكأن شيئاً لم يحدث وكأنه لم تقم ثورة راح ضحيتها قلب اليمن شبابه النابض بالحيوية والتضحية والفداء.
أفراد الجيش ما فتئوا يترددون على بوابات القيادات ولا تزال الأبواب توصد في وجوههم ووجوه المقاتلين المطالبين بحقوقهم حتى الكُتَّاب الماليين ما برحوا يلقنوا أولادهم الكذب بعبارة شهيرة "قولوا لمن يسأل عني ما بحد أبي أو ما هلوش" وهو مختفي إما مستلقٍ على سريره أو مخزناً تملأ فاه خضرة القات الممتزجة بأنواع المشروبات الغازية في ديوانه الواسع الأثير بينما الأفراد يتضورون جوعا هم وأطفالهم.
ممارسات تخرق القانون العسكري وتستلب حقوق أفراده وضباطه وتمتهن كرامتهم وتسحق الأخلاق وشيم الرجولة وتدمي القلوب وكأنا لسنا في حالة حرب والعدو يعد إما لهجوم مباغت أو لانسحاب تكتيكي مدروس، قادة متخمون قلما حملَ أحدهم هم الوطن وألقى بمصلحته دون مصلحة الشعب أو حتى مصلحة من يقودونهم بل "نفسي نفسي" ولله المشتكى.
غصةً في الحلق وهماً في النفس ووخزاً في الضمير، قائداً ينهب المرتبات ويحولها إلى عملات صعبة يودعها في البنوك رغم كل الظروف القاسية والصعوبات المتعددة ورغم أن جرحى المعارك في آلامهم وجراحاتهم في ضمائدها عرضةً للعطب والهلاك، جروح مطوية ومنسية ومهملة، وكأن جراحاتهم لم تكن في سبيل انقاذ الوطن وتحرير الأمة، وكأن جراحاتهم نتجت عن عملٍ في مصنعٍ للطوب أو مقلب للحجار!
معادلات مقلوبه لن تنتج النصر إلا بإصلاح قادتها، وتدويرهم على مختلف المناطق وضخ دماء جديدة إلى شريان القوات المسلحة المتدلي لا أن يبقى القائد قائدا من مهده إلى لحده كما حدث وأن ظل أحد الوزراء في وزارته منذ أن قامت ثورة 26من سبتمبر عقودا وحينما أصيب بمرض الزهايمر بقي متمسكا بها إلى أن تعلم ولده وذهب لدارسة الهندسة في الخارج وتزوج وخلف الأبناء سلمه الوزارة في أواخر عهد الدولة الصالحية وكأنها كانت في سجلاته الوراثية التي ورثها عن أبيه! قصص حزينه وتحدث في بلد منهك وشعب نصفه في الشتات الداخلي والخارجي وكأننا في عالمٍ من الخيال.
ثار الشباب في مطلع العام 2011م وخرجت الأمة اليمنية كلها في سبيل الخلاص من الظلم وتحقيق العدل وإقامة دولة العدل والمساواة وهاجت بهم الامواج وتاهت بهم السفن في ظلمات السياسة وأنصاف الحلول حتى اصطدموا بساسة مدنيين وقادة عسكريين يديروا السياسة ويقودوا المعارك بعباءاتٍ ثورية وعقولٍ عفاشية صدئةلم تصحوا ولم تصقلها تغيرات الزمن أو تعتبر من كل ما جرى ويجري على الساحة اليمنية إلا من رحم الله منهم وأدرك بأن حياة الانسان هي تاريخ أحداث ومواقف سَتُدَون إما على صحفٍ سوداء على هامش التاريخ أو على صحائفٍ بيضاء في متن التاريخ وبأحرفٍ من نور وألق دائم.