مرة أخرى سأكتب عن القبيلة كبوابة من بوابات الاستقرار أو فجوة تؤتى منها الدولة.
القبيلة في شمال الشمال تميل إلى الجانب البراجماتي المصلحي أكثر من ميلها للانتماء الايدلوجي أو المناطقي أو حتى الوطني؛ ولذلك فهي لا تهتم بالسيادة الوطنية، ولا تهتم باتجاهات الحاكم المناطقية أو العقائدية.
هي تبحث عن تحقيق اهدافها المفترضة المنطلقة من مصالحها؛ وتشكل تحالفاتها بناء على ذلك وتتأثر بعوامل القوة والمال، وحين تكون الدولة قوية تخضع لها، وحين تكون الدولة ضعيفة تبحث عن حصتها في إرث السقوط.
المؤثران الهامشيان في القبيلة واللذان يحتاجان وقتا طويلا ليصبحان عاملي تغيير هما التعليم والعمل السياسي المرافق لإعلام وطني مؤثر.
التعامل مع القبيلة على أنها الأساس في حل مشاكل اليمن نظرة خاطئة؛ بينما التعامل مع القبيلة على أنها ظاهرة صوتية لا تؤثر في التوازنات نظرة قاصرة جدا.
نحتاج اليوم في المرحلة الأولى تحقيق الضرورات الأولية في ترتيب مصلحة القبيلة، وهو الغذاء والماء والاستقرار والقانون العادل، ثم في المرحلة الثانية تحقيق أولويات التنمية، لإحداث اختراق داخل القبيلة، وتغيير أولوياتها من الولاء للمصلحة، إلى الولاء الوطني للدولة، من خلال تقديم خدمات التعليم والصحة والقضاء النزيه؛ لتنطلق اليمن إلى المرحلة الثالثة، وهي إعادة دمج القبيلة بالمجتمع المتحضر من خلال برامج اقتصادية تحقق الرفاه لأبناء القبائل.
وربما نحتاج لهذه الخطوات ليس لحل إشكاليات القبيلة في الشمال فحسب بل لحل كثير من النتوءات المناطقية والمذهبية، التي تنشأ بفعل الصراع السياسي على السلطة وبفعل تخلي الدولة عن واجباتها أو ضعفها أو انهيارها!
نحتاج مزيدا من التفكير والقراءة لوضعنا الاجتماعي، ونحتاج جهدا أكبر في تحقيق دولة تحفظ حقوق ومصالح اليمنيين.
لا نحتاج للكثير من الشتم والتدليس على القبيلة؛ وإلى ذلك الحين ستبقى تحالفاتها منطقة تأثير في الخارطة اليمنية مالم تقم الدولة اليمنية الوطنية!