المتأمل والمراقب في حركة الحوثيين من بدايتها سيجد انها كانت تتعامل بالقوة الناعمة، من أجل أن تنظم صفوفها، وتروج لذلك عبر ملازمها والمتعاطفين معها.
مظاهرة القوة الناعمة كانت تحدث في بداية الأمر على ظلم الحاكم وظلم الجبابرة والمستعبدين، وأن هناك ظلم حل بهذه الحركة، وأن لهم حرية الرأي وحرية المعتقد، وأنهم ظلموا وأنهم يريدون أن يرفعوا عن أنفسهم الظلم، فقاموا بتوزيع ملازمهم، وأقاموا لهم علاقاتهم الداخلية والخارجية، حتى أنهم امتلكوا قناة فضائية، وبدأوا يتحدثون من خلال القناة بالقوة الناعمة، حتى أصبح لهم كيان وفجأة تحولت القوة الناعمة الى قوة خشنة.
فكان هناك مسرحية من إخراج علي صالح الرئيس السابق لليمن متمثلة بالحروب الستة، وهذه هي المرحلة التي أرادها المخرج أن يحولها من قوةٍ ناعمة الى قوةٍ خشنة.
وفي هذه المرحلة وبعد ما كانت القوة الخشنة للحوثيين خلال الحروب الست، أظهر الحوثيين الازدواجية بين القوة الناعمة والقوة الخشنة، فتغلبت القوة الخشنة على القوة الناعمة، فأصبح متحدث الجماعة وقادتها يتحدثون من خلال القوة الخشنة، وبدأ الوعد والوعيد بمحاسبة كل ظالم وطاغية وكل من أشعل نيران الحرب ضدهم.
وكان المراقبون ينتظرون ساعة الصفر تبدأ ضد الخصم الذي ظهر في أثناء مرحلة القوة الناعمة، وهو رئيس الجمهورية أنداك الذي أمر بإشعال الحرب ضد هذه الجماعة ولكن كان الوضع الميداني عكس ذلك تماما.
فكانت أول أهدافهم طلاب العلم في دماج، ثم تطورت الأحداث شيئا فشيئا حتى بدأوا في تفجير المساجد ودور القرآن واستهدف كل شخص مؤثر في المجتمع، خاصة طلاب العلم والعلماء والمفكرين والسياسيين وبعض مشايخ القبائل الذين خالفوهم المعتقد والفكر.
وصل الحال في هذه الجماعة الى الغطرسة والتكبر والنهب والسرق وسفك الدماء، بالرغم ان هذه الحركة تأسست على حد زعمهم أنها ضد الظلم والفساد والإستبداد، فأصبحوا هم أصل كل هذه المصائب، وانتقل شرهم الى منطقة عمران، وهناك مارسوا في هذه المحافظة كل أنواع الفساد، بدايةً سفك دم الشهيد القشيبي مروراً بالنهب والسرقة، واستباحة المحرمات، ثم كان هدفهم العاصمة صنعاء.
وهناك كانت المفاجأة أيضا، فكان متوقعا أثناء اقتحامهم العاصمة ان يتجهوا الى منزل من أمر بقتالهم طيلة السنين الماضية، ولكن كان الواقع عكس ذلك تماما، فقد ذهبوا ضيوفاً عنده واستقبلهم بحفاوةٍ وكرم، وقدم لهم خصومه قرباناً لهم وسلمهم مؤسسات الدولة ومقدرات الوطن.
وكانوا أداةً وورقةً يلعب بها صالح من أجل تصفية خصومه حتى حرمة المنازل وغرف النوم لم تسلم منهم.
هناك الحديث عن جرائم لا يستطيع المجتمع اليمني الإفصاح عنها بسبب عادات وتقاليد القبيلة، وهنا تتجلى معالم الخطة المدروسة منذ سنين عديدة هنا تظهر معالم القوة الناعمة، وكيف تمت وكيف تحولت الى قوة خشنة هنا يتبين من هو المخطط والمنفذ والمخرج.
الآن وبعد سنين من اقتحام العاصمة صنعاء وبقية المحافظات، وبعد قيام عاصفة الحزم، وتعرية هذه الجماعة، ووضعهم في حجمهم الطبيعي، ومن خلال خطابات زعيمهم وحليفهم المخلوع صالح، يتبين لنا من هم خصومهم الحقيقيين، وكيف استخدمت القوة الناعمة من أجل كسب المزيد من متعاطفيهم، وبنفس الوقت كيف استخدمت القوة الخشنة مع المخلصين من أبناء الوطن من علماء ومفكرين وسياسيين وإعلاميين، حتى نالوا منهم وشرد من شرد وقتل من قتل وأعتقل من أعتقل.
وهنا نتساءل؟ ألم يدرك أولئك الذين استخدمت معهم القوة الناعمة من المغرر بهم والمتعاطفين معهم، في هذه الأحداث.
هل يستفيدون الان من هذه الدروس، خاصة ان هناك من يعمل مع الحكومة الشرعية، ويظهر انه مع الحكومة، ولكن له يد مع الانقلابيين، ونحن نلمس هذا عندما نشاهد تصرفاتهم في بعض الملفات، فملف الجرحى وارهاصات عديدة في أكثر من ملف، ينبغي على الحكومة الشرعية توخي الحيطة والحذر من أعداء الوطن، وان يرمى بهم في سلة المهملات، وان يقربوا كل من كان مخلصا لوطنه ومحباً لهذا الشعب.