إن الأمة الإسلامية والعربية تتطلع الى وحدة الصف، وجمع الكلمة، وخاصة في ظل هذه الظروف التي تعصف بها، وفي ضل هجمة شرسة من قبل الأعداء، ومؤامرة تحاك ضد المسلمين.
فعندما أدرك الأعداء أهمية الوحدة، وجمع الكلمة قاموا بتقسيم الأمة الواحدة وتفتيتها بعد الخلافة الإسلامية الى دويلات عديدة لأضعاف قوتها، ولتشتيت شملها، وهاهم الآن يريدون تقسيم المقسم، وتفتيت الممزق، بينما الإتحاد الأوروبي اليوم يجتمع وهم واحد وعشرون دولة، وهم يختلفون في أديانهم، ويختلفون في لغتهم، ويختلفون في الكتاب الذي يتبعونه ويختلفون في عاداتهم وطباعهم، ومع ذاك اجتمعوا وصار لهم جيش واحد، و قيادة واحدة رأي واحد.
وأمتنا التي هي أكثر من ستين دولة عندها إكتفاء ذاتي، عندها النفط والذهب والمعادن المتنوعة والمياه، وعندها الطاقات البشرية القادرة وعندها ذكاء وحكمة، وعندها هذا الدين الذي يوحدها قبل ذلك، وهذا الكتاب الذي يقودها فهي مؤهلة للإجتماع، فربهم واحد ونبيهم واحد ولغتهم واحدة، ومتحدين في الفرائض ويتجهون الى قبلة واحدة، ويجتمعون في عبادة واحدة، ويحضرون لأداء مناسك الحج جميعهم في وقت واحد في هذا الجمع المهيب يدركون جميعاً أنهم أمة واحدة لا فرق بين عربي ولا أعجمي ولا أسود ولا أبيض ولا غني ولا فقير، يتفقون جميعاً على شعائر هذا الدين ويعيشون كالجسد الواحد، هذه الأمة تستطيع أن تتكامل فيما بينها لو دفعت زكاة بعضها لبعض وصار إتحادها لبعضها البعض لقادت الدنيا.
تجد لكل أمة مميزات فالدولة التي لديها المال وتفتقر لبعض المميزات الأخرى تجد أن جارتها لديها الكفاءات فتتبادل المصالح فيما بينهم ويشكلون تحالفاً إسلامياً يقودون به الأمة وبالتالي سيتحولون من خط الدفاع الى خط المواجهة فيهابهم العدو وتنكسر شوكة المتربصين الذين يتربصون بهذه الأمة.
ونصوص الوحي ما أكثرها بالأمر بتوحيد الكلمة ووحدة الصف بالتحذير من الفرقة والخلاف واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا وكنتم على شفا حفرةٍ من النار فأنقذكم منها كذلك يبين الله لكم آياته لعلكم تهتدون.
والآية الاخرى: (وأن هذه أمتكم أمة واحدة وانا ربكم فاتقون فتقطعوا أمرهم بينهم شورى كل حزب بما لديهم فرحون فذرهم في غمرتهم حتى حين )، وكذلك : ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم.
والحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم قال مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد اذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى.
وقال أيضاً لاترجعوا بعدي كفاراً يضرب بعضكم رقاب بعض، وقال أيضاً من خرج من الطاعة وفارق الجماعة مات ميتةً جاهلية أخرجه مسلم والنسائي.
وقال صلى الله عليه وسلم ان الله يرضى لكم ثلاثاً ان تعبدوه لا تشركوا به شيئاً وان تعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا، وقال أيضاً عليكم بالجماعة وإياكم والفرقة فإن الشيطان مع الواحد وهو مع الإثنين ابعد من أراد بحبوحة الجنة فليلزم الجماعة.
وكم درسنا في مدارسنا وسمعنا من خطبائنا وعلمائنا عن وحدة الصف وجمع الكلمة وخطر التشرد والفرقة، ولكن نحن امام تحديات كبيرة يتطلب منا وعي عظيماً وإيماناً راسخاً وعلماً مبيناً، ويتطلب منا حشد طاقات ورص الصفوف، ويتطلب منا سهراً بالليل وعملاً بالنهار، ورباطاً على الثغور ويتطلب منا حراسة، ويتطلب منا وحدة على الحق، وإلا ستأكل الأمة، وان الله ناصر دينه ومعلي كلمته، وأنه سبحانه قد وعد أن يتم هذا الأمر.