كتبت عددا من المقالات عن اليمن وأحواله، واذكر منها مقالا بتاريخ 29/2، وآخر في تاريخ بتاريخ 1/3 بعنوان علي محسن المناسب في المكان المناسب، وثالث في 8/3/2016، ملخص تلك المقالات الدعوة إلى تسليم الفريق علي محسن الأحمر مهمة مواجهة الحوثي وصالح في ميدان القتال، وقلت إنه أكثر الشخصيات العسكرية اليمنية عندي معرفة بطبوغرافية شمال اليمن ووسطه، وهو الأقدر على تشكيل جبهة عسكرية ومدنية موحدة في وجه الحوثي وصالح، وناديت بإعطاء هذا القائد العسكري الفذ الإمكانات اللازمة (من مال وسلاح وذخائر متطورة) وبشكل مستمر وليس متقطع، وحاسبوه إن لم ينجز عملا عسكريا يليق بمكانته وخبرته.
(2)
أدركت القيادة اليمنية العليا وقيادة التحالف ولو متأخرا أهمية تكليف الفريق علي محسن بإدارة سير العمليات العسكرية في اليمن، خاصة في الجبهة الشمالية والشمالية الشرقية، واستطاع تحقيق إنجازات ميدانية عسكرية وكذلك سياسية واجتماعية.
اليوم نراه مع جنوده وضباطه الميامين في الصفوف الأولى بزيه العسكري وسلاحه في جبهة (نِهم) بكسر النون، لم يقعد في الصفوف أو المكاتب الخلفية من ميدان القتال. إلى جانب إدارته للعمليات لم ينس الجبهة الداخلية، فوجه دعوة صادقة إلى من تبقى من قوات الحرس الجمهوري والقوات الخاصة وغيرهم من المنتسبين إلى المؤسسة العسكرية والأمنية اليمنية، وكذلك وجه الدعوة إلى أبناء القبائل بقوله "يا أبناء اليمن الأوفياء أدعوكم إلى تفويت الفرصة على ميليشيات الحوثي وصالح ومن خلفهما إيران". كما وجه دعوة لأبناء محافظة صنعاء وأمانة العاصمة والقبائل المحيطة بمختلف توجهاتهم وانتماءاتهم ومناطقهم إلى الاصطفاف مع الجيش الوطني والمقاومة الشعبية الباسلة في مواجهة فوضى ميليشيات الحوثي وصالح، والعمل على إفشال كل خططهم وجهودهم الداعية للعودة باليمن إلى الوراء.
وقال في بيانه إلى الناس إن القيادة اليمنية الشرعية بكل أركانها وقوى التحالف بقيادة المملكة العربية السعودية سيثمنون دورهم ولن ينسوا ومواقفهم الوطنية.
(3)
إذا كان نائب الرئيس الفريق علي محسن في جبهات القتال بزيه العسكري الميداني يؤدي واجبه القتالي، فإن الرئيس عبد ربه منصور ورئيس وزرائه يقومون بجولة سياسية تبدأ من المكلا عاصمة حضرموت، وهي تعتبر رابع أهم مدينة في الجمهورية اليمنية، الأولى صنعاء، والثانية تعز، والثالثة عدن، والرابعة المكلا.
وتأتي زيارة الرئيس عبد ربه منصور لحضرموت (بعد طول انتظار) في ظروف صعبة يمنيا وعربيا ودوليا، ولن أخوض في تلك الصعوبات، لكني أقف عند حضرموت، فالمكلا مثلا كانت تحت سيطرة تنظيم القاعدة لأكثر من عام، كما تقول وكالات الأنباء، وأصبحت اليوم تحت سيطرة الدولة اليمنية بجهود أبنائها المخلصين، ويكاد يكون فيها الأمن مستتبا نسبيا، لكن حضرموت تشهد جهودا سياسية حضرمية تعمل من أجل عقد مؤتمر "حضرموت الجامع" والذي يهدف إلى رسم خطة مستقبلية للمحافظة بما في ذلك إنتاج البترول. في الوقت ذاته يوعز المراقبون أن زيارة الرئيس لحضرموت، إلى جانب أمور أخرى، العمل على إعادة تصدير النفط ويبذل مساع حثيثة لإعادة الشركات النفطية للاستثمار والعمل في البلاد.
(4)
أتمنى على الرئيس اليمني عبد ربه منصور وأركان حكومته أن يكمل المشوار ويقوم بزيارة محافظة المهرة، فالأمور هناك ليست على ما يرام، هناك تنافس بين قوى إقليمية واضحة للعيان، قد تتطور تلك المنافسة إلى ما لا تحمد عقباه.
الأمر الآخر، هناك قوى مهرية ترفض انضمام المهرة إلى إقليم حضرموت حسب التقسيم الفيدرالي لليمن، وقد تضم معارضة الانضمام إلى التشكيل الجديد للدولة الاتحادية كل من محافظات سقطرى وحضرموت والمهر وشبوة، حركة الرئيس عبد ربه منصور لزيارات كل أرجاء الدولة اليمنية أمر مطلوب في هذه الظروف لطمأنة الناس على مستقبلهم ومستقبل أجيالهم القادمة.
كما أتمنى على دول التحالف أن تبذل كل جهودها لبقاء الدولة اليمنية موحدة، فالتعامل مع قيادة موحدة في إقليم واحد خير من التعامل مع دول صغيرة ومفككة في ذلك الإقليم، واليمن خير مثال.
آخر القول: أتمنى من الله أن يوفق قوات التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية، والجيش اليمني الباسل والمقاومة الوطنية لتحقيق أهداف عاصفة الحزم قبل تولي الرئيس الأمريكي الجديد ترامب منصبه في الشهر المقبل، لأن مشروعه في المنطقة مخيف وعلينا في مجلس التعاون أن نشد من أزر المملكة السعودية لتكون قادرة على مواجهة العواصف السياسية القادمة علينا.
*الشرق القطرية