[ جدول يوضح اعداد المشردين في اليمن ]
قال تقرير حديث للبنك الدولي ان الحرب اثرت بشكل مباشر على نحو 87 مليون شخص من أربعة بلدان في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وهي العراق وليبيا وسوريا واليمن بما يعادل ثلث سكان المنطقة التي تأثَّرت كل مناحي الحياة بشدة القتال في هذه الصراعات المنفصلة.
وذكر التقرير في الموجز الاقتصادي الفصلي لمنطقة الشرق الاوسط وشمال افريقيا والذي حمل عنوان الاثار الاقتصادية للحرب والسلام ونشره على موقعه في الانترنت ان 80% من سكان اليمن أو 20 مليونا من 24 مليون نسمة اصبحوا الان في عداد الفقراء، وهي زيادة نسبتها 30% منذ أبريل/نيسان 2015 حينما اشتدت المعارك.
ومن خلال استعراض مؤشرات التقرير، فقد خلا من الاشارة الى الطرف المتسبب في الوضع الذي وصل إليه اليمن، واكتفى بسرد المؤشرات والارقام والتقديرات بعيدا عن تحميل أي طرف مسؤولية تدهور الاوضاع في البلاد.
وعكست بعض مؤشرات التقرير قدم الارقام التي سجلها، فقد جاءت عدن على رأس المحافظات التي تدفق منها اللاجئين، كما اعتبر صنعاء المدينة الاولى التي طالتها الاضرار.
وفيما يلي استعراض لابرز ما تطرق إليه التقرير في سياق تناوله للوضع في اليمن.
الاقتصاد
وقال التقرير ان الحرب في اليمن أَّدت إلى توقف شبه كامل لإنتاج النفط والغاز في بلد يعتمد اعتمادا كاملا تقريبا على عائدات تصدير النفط، مؤكدا بأن النشاط الاقتصادي تقلص بمقدار الربع، مشيرا الى ان أوضاع المالية العامة وميزانية المعاملات الخارجية تدهورت.
وذكر أن الدين العام وصل إلى 74 في المائة من إجمالي الناتج المحلي في عام 2015، مرتفعا 20 نقطة مئوية عن مستواه العام السابق، كما تضاعف معدل التضخم، و بلغ 21 في المائة في عام 2015م، بينما هوت احتياطيات النقد الأجنبي إلى مستوى قياسي متدن قدره ثلاثة مليارات دولار في عام 2015 ويقدر أنها ستهبط إلى 2.2 مليار دولار في 2016.
وعن مؤشرات الاقتصاد الكلي وصل نمو الانتاج المحلي الحقيقي – حسب التقرير - الى الصفر خلال العام 2015م، ومن المتوقع ان يستمر كذلك خلال العام 2016م الجاري و 2017م، بعد ان كان 0.2- في العام 2014م، اما رصيد المالية العامة فلم يحمل هو الآخر، أي مؤشر وكانت العلامة هي صفر للعام 2015م، و2016م، ويتوقع ان تستمر خلال العام 2017م، بعد ان سجل معدل 5.3- في 2014م.
وقال التقرير ان اليمن يعاني من أزمة فقر متفاقمة، وبحسب التقرير فقبل الحرب، كان أكثر من نصف السكان يعيشون في فقر مدقع وتحت خط الفقر البالغ 1.90دولار يوميا، وان أكثر من نصف الشباب عاطلون، مؤكدا ان هذه الارقام آخذة في الزيادة منذ اندلاع الحرب، و قال ان أكثر من 20 مليون شخص أو 80 يعتبرون فقراء.
وذكر ان اكثر من 15 مليونا لا تتوفر لهم سبل الوصول إلى المنشآت الصحية والحصول على الرعاية الطبية.
التعليم
وقال التقرير ان الناس فروا من ديارهم بسبب الحرب، ونتيجة لعدم وجود مخَّيمات رسمية، اقاموا في260 مدرسة، وهو ما يعوق العملية التعليمية لنحو 13 ألف طفل.
وبحسب مكتب الامم المتحدة لتنسيق الشؤون الانسانية، فلا يستطيع 1.8 مليون طفل آخرين الحصول على خدمات تعليمية نتيجة لاغلاق أكثر من 3500 مدرسة في أنحاء البلاد.
وقدر التقرير وجود نحو 1.6 مليون طفل لا يتاح لهم الالتحاق بالمدارس قبل مارس/آذار.
وقال انه منذ تصاعد أعمال العنف، تشير التقديرات إلى أن أكثر من 537 الف طفل معرضون لخطر الإصابة بنقص حاد للتغذية، واكد ان هذه التحديات تتفاقم جراء ارتفاع الأسعار التي قلصت بالفعل إمكانية الحصول على الغذاء والماء المأمون والخدمات العامة الاساسية وفرص العمل وكسب الرزق.
وجاءت اليمن في المرتبة الثانية بعد سوريا في نسبة عدد الاطفال الغير ملتحقين بالمدارس بعد سوريا.
وقال ان هناك أكثر من 3.4 مليون طفل غير ملتحقين بالمدارس أي ما يعادل 47 في المائة من مجموع الأطفال في سن الدراسة باليمن، نظار لان أغلبية المدارس مغلقة أو يقيم فيها المشردون ولذا يصعب مواصلة الدراسة فيها.
واوضح ان نسب تسجيل التلاميذ والانتظام في الدراسة في المحافظات التي لاتزال تعمل فيها المدارس انخفضت بنسبة (30-70) بالمئة بسبب المشكلات الامنية، فعلى سبيل المثال، في محافظة ريمة وبعض المديريات في محافظة حجة ما زال عدد المدارس اكثر من 10 بالمية مغلقا بسبب قلة المعلمين.
الغذاء
وقال التقرير ان اليمن يواجه نقصا حادا في السلع الأساسية ومنها المياه والكهرباء والدواء والوقود.
وذكر ان التقديرات تظهر أن أكثر من 21.1 مليون شخص في اليمن بحاجة إلى الغذاء والملجأ والرعاية الصحية ومياه الشرب، نصفهم أطفال، وأكثر من 10 في المائة مشَّردون داخليا، وفضلا عن ذلك زادت معدلات الفقر وسوء التغذية بين أكثر فئات السكان ضعفا وحرمانا بسبب الارتفاع الحاد لأسعار المواد الغذائية وفقدان الوظائف وقلة فرص العمل.
اللاجئين
وعن اللاجئين قال التقرير ان عدد المشَّردين داخليا في اليمن زاد إلى خمسة أضعاف منذ تفجر الصراع في مارس/آذار 2015م ليصل إلى أكثر من 2.5 مليون شخص أو عشرة في المائة من السكان في ديسمبر/كانون الاول 2015 م.
وصنف التقرير عدد اللاجئين وفقاً للمحافظات التي ينتموا إليها، وقال ان عدن والضالع وصعدة هي اكثر المحافظات تدفقا للاجئين منها، وذكر ان النساء تعول أكثر من 30 من الاسر المشردة في بعض المناطق، مؤكدا وجود زيادة في عدد اللاجئين منذ اندلاع الأزمة.
واظهر تقديرات البنك أن أكثر من ثلاثة أرباع اللاجئين اليمنيين فروا الى سلطنة عمان والمملكة العربية السعودية وجيبوتي، مؤكدا بأن الصراعات الداخلية ومنها المصادمات القبلية تخلق موجات جديدة من النزوح والتشُّرد.
ويرى التقرير ان تحقيق تسوية سلمية في سوريا والعراق وليبيا واليمن قد يؤدي إلى انتعاش سريع لإنتاج النفط يتيح لهذه البلدان توسيع الحيز المتاح لماليتها العامة، وتحسين موازين المعاملات الجارية، وتعزيز النمو الاقتصادي في الأمد المتوسط، وستكون لذلك آثار إيجابية غير مباشرة على بلدان الجوار.
وقال التقرير ان البنك الدولي في الوقت الحالي يعكف على إجراء تقييم مماثل بالتعاون مع وكالات الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية لدراسة حجم الاضرار في اليمن.
وذكر ان التقييم المبدئي اكد أن الاضرار في اليمن كانت في أربع مدن هي صنعاء وعدن وتعز وابين، و شملت ستة قطاعات هي التعليم والطاقة والصحة والسكان والنقل والمياه والصرف الصحي وتتراوح الخسارة فيها بين أربعة مليارات دولار وخمسة مليارات دولار، مؤكدا بأن اكثر القطاعات تضررا هو الاسكان.
حلول السلام
وقال التقرير أن التوصل إلى تسوية سلمية في سوريا والعراق وليبيا واليمن قد يؤدي إلى انتعاش سريع إلنتاج النفط وصادراته ، ومن ثَّم يساعد على زيادة الحيز المتاح للمالية العامة، وتحسين أرصدة المعاملات الجارية، وزيادة احتياطيات النقد الاجنبي، وتعزيز النمو الاقتصادي في المدى المتوسط.
ويقول البنك في تقريره ان من الصعب حصر الخسائر التي أصابت مرافق البنية التحتية في بلدان تشهد حروبا مثل سوريا والعراق وليبيا واليمن، بسبب صعوبة الوصول إلى المواقع المتضررة، مؤكدا بأن البيانات والمعلومات محدود مادام الصراع قائما.
وقال انه يسعى في عدة أماكن في سوريا واليمن والعراق إلى تقييم الأضرار في البنية التحتية من خلال تجميع البيانات والمعلومات المتصلة بالأضرار الفعلية مستخدما مختلف مصادر البيانات مثل الصور التي تلتقطها الأقمار الصناعية، ووسائل التواصل الاجتماعي، والبيانات المتاحة لمراكز المعلومات العامة والوكالات الإنسانية الشريكة.
وقال التقرير إن انتهاء الحروب، إذا تحقَّق، فسوف يُؤدِّي إلى تحسين مؤشرات الاقتصاد الكلي، واوضح ان البلدان الغنية بالنفط تتعافى بسرعة أكبر لأنه من السهل نسبيا إنعاش إنتاج النفط.
واضاف: لكن إذا استمر انخفاض أسعار النفط، وضعْف المساعدات الدولية، فإن ليبيا وسوريا والعراق واليمن-وكلها بلدان مُصدِّرة للنفط- ستجد صعوبة أكبر في التعافي من الأوضاع الحالية. وستكون استثمارات القطاع الخاص ضرورية.