[ يواصل الحوثيون مسلسل الاعتقال لغرض الإتجار بالمختطفين ]
على الرغم من الدعوات المحلية والدولية المتكررة لمليشيات الانقلاب وجماعة المخلوع صالح بالتوقف عن التعذيب للمعتقلين والسماح للمنظمات الدولية بالدخول إلى السجون والمعتقلات والاطلاع على أوضاع المعتقلين، إلا أن المليشيات تستمر برفض ذلك وعدم إعارة حديث العالم أي أهمية من جهة، ومن جهة ثانية تستمر بمسلسل الاعتقالات للمئات من الناشطين السياسيين والصحفيين والمدنيين من الطرقات والشوارع والمدن ومن المنازل التي نسفت المليشيات حرمتها وتقوم باقتحامها ما بين فترة وأخرى وفي مختلف الناطق والمدن اليمنية.
حتى لحظة كتابة هذا التقرير والأخبار والمعلومات تتحدث عن معتقلين جدد تم اعتقالهم من قبل مليشيات الحوثي في صنعاء وذمار وتعز ومناطق أخرى.
ومن بين هؤلاء الذين تم اعتقالهم خلال الساعات الماضية، مستشار محافظ محافظة البيضاء مقبل أحمد العباهي، والذي اعتقلته مليشيا الحوثي وصالح من أحد شوارع العاصمة صنعاء.
وقالت مصادر محلية إن "مسلحين يعتقد انتماؤهم لجهاز الأمن القومي الذي يسيطر عليه الحوثيون في صنعاء، أوقفوا العباهي المنتمي لمدينة رداع بمحافظة البيضاء (وسط اليمن) أثناء عودته إلى منزله، واقتادوه إلى جهة مجهولة".
وكان الحوثيون قد اختطفوا في شهر رمضان الماضي البرلماني السابق أحمد عبدالولي الطشي أثناء خروجه من صلاة التراويح بمدينة رداع.
وتنتشر نقاط واسعة للمسلحين الحوثيين في صنعاء ومداخلها وفي الخطوط الطويلة الرابطة بين المدن، وبشكل يومي تقوم هذه النقاط بتفتيش العابرين وبطائقهم وهواتفهم ومن ثم تقوم باعتقال العشرات والزج بهم في السجون والمعتقلات بعد الاشتباه بهم وتوجيه تهما لهم لا دلائل لها ولا خيوط وجميع تلك الاعتقالات تتم خارج القانون والدستور اليمني.
وعادة ما تكون تصرفات الحوثيين مع المختطفين والمعتقلين غريبة وخارجة عن حدود العقل، حيث تصادر حقوق المعتقل إلى درجة حرمانه من إبلاغ أهله بأنه معتقل، وخلف المعتقل يخضع للتعذيب بشتى جوانبه والابتزاز.
دبلوماسي أمريكي يحكي تجربته في سجون الانقلاب
دبلوماسي أمريكي، تحدث مع قناة العربية "الحدث"، وحكى تفاصيل اعتقاله من قبل جماعة الحوثي في صنعاء وتفاصيل تعذيبه ومصادرة المليشيات لكل ما كان بحوزته من ممتلكات ومال.
وأشار الدبلوماسي الأمريكي إلى أن التعذيب الذي تعرض له في سجن قال إنه لم يكن يعرف أين يقع بالضبط، لكنه استطاع أن يحدد بعده عن موقع مطار صنعاء الدولي، وقال إن المسافة التي قضاها اثناء نقله من قبل الحوثيين من المطار حتى أوصلوه إلى المعتقل استغرقت عشرين دقيقة تقريبا.
وفي القسم الذي وضع فيه قال إنه كان هناك قرابة مئة شخص معتقلين وظروفهم النفسية تبدو سيئة للغاية وعلى أجساد بعضهم تظهر علامات تعذيب بالغة.
لم يسلم الرجل طبقا لحديثه من السجن في زنزانة انفرادية والتعذيب، مؤكدا أنه حرم من كل حقوقه لدرجة أنه حرم من رؤية الشمس لمدة تسعين يوما تقريبا، إضافة إلى ذلك يقول إن الحوثيين وأثناء التحقيقات كانوا يحضرون مترجمين ليترجموا ما سيقوله وإجاباته على أسئلتهم ولكنهم لا يجيدون اللغة الإنجليزية بشكل جيد مما جعل فترة التحقيقات صعبة وطويلة.
إيرانيون خطفتهم المليشيات
اعتقال الأجانب من قبل المليشيات ضمن سيناريو مصادرة الحريات والابتزاز مستمر على قدم وساق.
مصادر خاصة في الهيئة العامة للأراضي بصنعاء كشفت لـ"الموقع بوست" قيام الحوثيين والأمن القومي باعتقال شخص إيراني الجنسية ويعمل مديرا في الهيئة منذ ما يقارب عشرون عاما، ويدعى بديع الله سنائي، وهو الاعتقال الثاني الذي يتعرض له الرجل من قبل المليشيات والأمن القومي.
واستغربت المصادر من هذه الإجراءات، والهدف الذي يقف وراءها، خصوصا وأن الرجل إيراني والجماعة حليفة لها وتتلقى دعما منها باستمرار، وهو ما يدور الحديث عنه وصار الأمر مكشوفا أمام الرأي العام.
وتتوقع المصادر أن يكون الهدف من وراء اعتقاله الحصول على أموال من قبل الشخص نفسه أو من قبل دولة إيران أو أهله هناك.
ويعاني آلاف المعتقلين في السجون من كافة أشكال الانتهاكات والتعذيب اليومي، في ظل غياب المؤسسات الحقوقية والإنسانية ومنهج التخويف وتكميم الأفواه من قبل المليشيات التي تنتهجه منذ دخولها صنعاء.
المعتقلون ضمن الإتجار بالبشر
في الوقت الذي يعاني فيه آلاف المعتقلين في السجون من كافة أشكال انتهاك حقوق الإنسان، يعاني أضعافهم من أبائهم، وأمهاتهم، وإخوانهم، الأمرين في سبيل إخراجهم من المعتقل أو الاطمئنان عليهم على أقل تقدير، ويدفعون الغالي والنفيس في سبيل ذلك، وسط تفشٍّ لظاهرة السمسرة على يد ضباط أو محاميين أو أشخاص عاديين، يدعون معرفتهم بمكان المعتقلين، وإمكانيتهم في إطلاق سراحهم مقابل مبالغ مالية ضخمة.
المصادر الحقوقية تتحدث عن هذا الإشكال، مشيرة إلى أنه صار ما يعرف بالسوق السوداء للمعتقلين، أحيانا جماعة الحوثي وصالح، تقوم بعملية اختطافات واعتقالات، ثم بعد ذلك تبدأ تفاوض الأهالي على مبالغ مالية من أجل إخراجهم، وهناك بعض الأشخاص خرجوا بمبالغ مالية كبيرة تصل إلى ملايين، بحسب قدرة الشخص، وهكذا تحدث ابتزازات، وفي بعض الحالات يتم دفع المبالغ دون أن يتم الإفراج، وهناك أيضا مقابل الزيارة للاطمئنان على الشخص تفرض مبالغ مالية، وبذلك تحول المعتقلون إلى سوق سوداء، وتصف المصادر الحقوقية هذه الأمور بعملية إتجار بالبشر.
يقول الناشط السياسي والحقوقي محمد المقبلي لـ"الموقع بوست" إن "فكرة المتاجرة بالمختطفين فكرة إرهابية وقد تدخل ضمن حالة الإتجار بالبشر، وأنا على المستوى الشخصي استمعت كثيرا لأقارب مختطفين يتحدثون عن الإفراج عن أقاربهم مقابل المال".
ويتابع المقبلي قائلا "آخر التقارير الحقوقية أشارت إلى أن هناك أكثر من 12 ألف مختطف في سجون الجماعة، وهذا الرقم مفزع جدا، معنى ذلك أننا أمام ظاهرة خطيرة لم تحصل في التاريخ السياسي والمدني الحديث، أما عن حضور التعذيب كظاهرة فهي ظاهرة دخيلة على الأعراف اليمنية المدنية، والاجتماعية، وهي تحمل بذور الفاشية للانقلاب الحوثي وصالح".
وتعتقد المصادر الحقوقية أن الأرقام التي تتحدث عنها المنظمات الإنسانية قليلة بحجم الواقع، لأن هناك اشخاص كثيرون جدا يتم اعتقالهم ولم يتم الإبلاغ عنهم من قبل أهاليهم، باعتبار أن مليشيا الحوثي وصالح عندما يذهب أهالي المختطفين إليها يوعدونهم بالإفراج، ويشترطون عليهم عدم الحديث وإبلاغ المنظمات الحقوقية ووسائل الإعلام حول الاعتقال، زاعمين لهم أنه إذا تحدثوا إلى الإعلام ستكبر المشكلة وستصبح عملية الإفراج صعبة.
وهكذا يتحدث الوسطاء فيظل الأشخاص أحيانا سنة حتى يتم إبلاغ المنظمات الحقوقية، وتتفاجأ المنظمات بأن هناك بلاغ بشخص معتقل والاعتقال قد تم قبل سنة أو قبل ستة أشهر، وتقول مصادر حقوقية "عندما نسال أهالي المعتقل عن عدم إبلاغ المنظمات الحقوقية يقولون هذا طلب من الحوثيين عندما كانوا يوعدوننا بالإفراج عنه".