[ مهرجان عدن ]
بعد شحن متواصل للشارع على خلفية قرارات الرئيس هادي بإقالة محافظ عدن اللواء عيدروس الزبيدي، وبعد ترقب وانتظار في صفوف الشارع اليمني، أقام الحراك الجنوبي مهرجانه الاحتجاجي في ساحة العروض في العاصمة المؤقتة عدن بحضور جماهيري كبير.
انتهت الفعالية بإصدار بيان سمي بـ"إعلان عدن التاريخي" تضمن تفويضا للزبيدي بإعلان قيادة سياسية وطنية برئاسته لإدارة وتمثيل شعب الجنوب، ويخوله بكامل الصلاحيات لاتخاذ ما يلزم بحسب البيان.
لم يختلف البيان عن توصيفات فصائل الحراك وناشطيه باعتبار القرارات الرئاسية المتعلقة بإقالة المحافظ السابق عيدروس الزبيدي بـ"المؤامرة"، معلنا رفضه لقرار الرئيس هادي "وأي قرارات مماثله مستقبلا".
ردود الفعل
تضاربت مواقف قيادات وفصائل الحراك الجنوبي بشأن ما سمي بإعلان عدن التاريخي، وفي حين أعلنت شخصيات تأييدها للإعلان، عارضت ذلك أخرى.
وكان من أبرز المؤيدين الشيخ صالح بن فريد العولقي، والقيادي في الحراك الجنوبي أحمد عمر بن فريد، ومحافظ الضالع فضل الجعدي، بينما عارضت البيان فصائل وقيادات أخرى في الحراك، أبرزهم مجلس الحراك جناح باعوم.
فشل وورقة الضغط
يرى الكاتب والسياسي فتحي بن لزرق، وهو رئيس تحرير صحيفة "عدن الغد" الصادرة من عدن، أن ما سمي بإعلان عدن لم يرتقِ إلى قوة أبسط بيان سياسي صدر عن أي فعالية سياسية للحراك الجنوبي خلال ١٠ سنوات مضت.
وأضاف بن لزرق -في تعليقه على الفعالية- "أخفق البيان في إعلان فك ارتباط الجنوبيين بشرعية الرئيس عبدربه منصور هادي، وذهب إلى انتقاد قراراتها وإعلان رفضه لها".
وبحسب بن لزرق، فإن "هذا أكد أن الخلاف بين الطرفين لم يكن له أي صلة بقضية الجنوب، بل له صلة رئيسية بالخلاف حول القرارات الرئاسية الأخيرة، وهنا حولت القضية إلى ما وصفه بصراع مناصب".
وتابع رئيس تحرير صحيفة "عدن الغد" -في منشور على صفحته بموقع فيسبوك- "لم يدعو البيان لا صراحة ولا ضمنيا لاستقلال الجنوب واستعادة دولته الكاملة، وذهب إلى استخدام عبارات مطاطة شاهدناها آخر مرة في بيانات أحزاب اللقاء المشترك قبل ٨ سنوات".
وانتقد بن لزرق منح البيان تفويضا للواء عيدروس الزبيدي، وقال "كان يجب أن يتضمن أسماء القوى السياسية الجنوبية التي منحت له هذا التفويض لكي يكون فاعلا على الأرض".
وبشأن إعلان مجلس سياسي جنوبي كما كان متوقعا من بيان الفعالية، أوضح بن لزرق أن المهرجان فشل في إعلان ذلك وذهب إلى التهديد بإعلان مجلس، وهو الأمر الذي يعني -بحسب بن لزرق- أن هذا المجلس سيتحول إلى ورقة ضغط في وجه الشرعية لإجبارها على التراجع عن قراراتها الأخيرة لا أكثر.
أمر آخر يشير إليه بن لزرق في كلامه بقوله "البيان أثبت أن الصراع مع الشرعية يندرج ضمن الصراع حول المناصب والامتيازات التي ظهرت عقب الحرب، وليس له أي صلة لا من قريب ولا من بعيد بالجنوب وقضيته".
ويختتم بن لزرق رأيه بالتأكيد على أن البيان سيعزز حالة المتاجرة بالقضية الجنوبية خدمة لمصالح كل الأطراف على الساحة السياسية.
تناقض وصراع
ويتفق مع الصحفي بن لزرق القيادي في الحراك الجنوبي فادي باعوم، إذ يرى أن البيان الصادر والمسمى إعلان عدن التاريخي لم يكن ملبيا لتطلعات شعب الجنوب وقضيته، وأثبت أن الصراع صراع مناصب لا صلة له بقضية الجنوب.
وقال باعوم في حديثه لـ"الموقع بوست" إن ما يجري هو صراع إماراتي سعودي، وإن إعلان عدن كان متناقضا، إذ إنه مع شرعية هادي ويريد دولة جنوبية.
ويؤكد باعوم مواصلة النضال وصولا إلى إعلان دولة الجنوب المستقلة كاملة السيادة، حسب قوله.
باهتة لم تأتِ بجديد
من جانبه، قال المحلل السياسي عبدالرقيب الهدياني إن الفعالية الاحتجاجية جاءت ردا على قرار إقالة عيدروس الزبيدي من منصب محافظ عدن، ويرى أنها كانت ردة فعل غاضبة ولهذا فهي جاءت باهتة وغير مدروسة.
وبشأن البيان، قال الهدياني لـ"الموقع بوست" إنه "لم يأتِ بجديد يستحق أن يخلده التاريخ كون الإعلان عن تشكيل المجلس السياسي تكرارا لمكونات جنوبية سابقة تجذر الانقسام والتفرقة وسط شارع الحراك الجنوبي".
ويوضح الهدياني في حديثه أن الرد جاء سريعا من ساحة أخرى في كريتر وعصر نفس اليوم، بعد خروج مسيرة مناهضة للبيان، وتؤيد قرارات الرئيس هادي.
ويدعو الهدياني قيادات الشارع الجنوبي إلى ترك أسلوب التحشيد، الذي قال إنه يمزق لحمة الجنوب، ويجب عليهم أن يشاركوا مع كل نسيج ومكونات عدن والجنوب بعيدا عن لغة الوصاية وادعاء التمثيل.
ويختتم الهدياني حديثه بالقول "المقاومة الجنوبية والحراك هما اليوم جزء من المعادلة وشركاء في كل مفاصل السلطة، ولهذا وجب عليهم مغادرة الشعارات وتثوير الشارع ضد سلطة هم ممثلون فيها حتى يتحقق للناس الأمان والاستقرار وتستكمل الحكومة الشرعية والتحالف معركة تحرير البلد من الانقلابيين".
رفض القرارات خطأ
المحلل السياسي الجنوبي الدكتور حسين لقور قال إن البيان الصادر عن مليونية الخميس بعدن تضمن موقفا سياسيا خاطئا، وذلك بإعلان الرفض للقرارات التي أصدرها الرئيس عبدربه منصور هادي.
وقال لقور -في منشور على صفحته بموقع فيسبوك- "الفقرة الغير موفقة في البيان هي رفض قرارات الرئيس هادي، كان يفترض أن يتركوا الأمر دون ذكر هذا الأمر، ويتصرفون كرجال دولة باحترام القرار والاكتفاء بتوضيح ملابسات صدوره ومن وراءه".