في الفيلم الشهير "Spotlight" تمكن صحفيو الـ"بوسطن غلوب" من توثيق الاعتداء الجنسي لقساوسة كاثوليكيين. وقد فاز التحقيق بجائزة بوليتزر كما فاز على جائزة أفضل فيلم في حفل توزيع "Academy Awards" في فبراير/ شباط، حيث أضاء هذا التحقيق على أهمية متابعة القصص كجزء من أجندة الأخبار مع أنه في كثير من الأحيان في عالم الإعلام اليوم، يتم تجاهل هذا النوع من التقارير الصحفية.
وقال جون تالتون، الكاتب الصحافي الإقتصادي في صحيفة "سياتل تايمز": "لم تكن المنظمات الأخبارية أبدا جيدة في هذا.. لكن الوضع ازداد سوءاً". ويُلقى اللوم جزئياً على قلة الموظفين، ميزانيات غرف الأخبار المقتطعة والسرعة المحَرِفة في عصر الإنترنت . لكن تالتون يشدد على أهمية وضرورة متابعة الأحداث.
وأضاف في حديث عبر بريده الإلكتروني: "باتت المعلومات تُنشر بسرعة وأغلب الأحيان لا تُتابع لمعرفة ما قد حدث لاحقاً أو كيف كانت الخاتمة. إذ أن هذه السبل لا تساعد القُراء فقط، بل من الممكن أن ترفع الستار على أحداث أخرى ليتابعها مراسل جيد". وأضاف: "يجب على الأخبار المتابعة أن تكون على نفس المستوى من الأهمية في الإعلام الشبكي كما المطبوع، بل من الممكن أكثر لإشباع شهيتها النهمة".
من جهتها، وضعت صحيفة "بوسطن غلوب" الصحافة في المتابعة الإستقصائية الى مراتب مرتفعة من خلال مجموعة جوائز Pulitzer . وتمكن فريق Spotlight من بناء قاعدة بيانات لتوثيق عدد الكهنة المتحرشين في بوسطن. حيث ركزوا على سؤالين رئيسين: متى أكتشفت الهيئة الكنسية هذه الجرائم، وإن كانت ضالعة في إخفائها.
ومن خلال نشر عدد كبير من الأخبار التي تتمحور عن هذا الموضوع، إستطاعت هذه السلسلة تفجير فضيحة صدمت البلاد.
خلال سنوات عملي كمراسل صحافي، غالبا ما كتبت أخبار متابعة لتأمين السياق وإلقاء الضوء على مسائل جديرة بالذكر.
وعلى سبيل المثال: في منتصف الثمانينات، عندما كنت أعمل في صحيفة Des Moines Register اليومية، أدت أزمة زراعية في ولاية ايوا الى هلاك عائلات بأسرها في ذلك الوقت. فقد تابع المراسلون نشر هبوط أسعار المحاصيل، نزع ملكية المزارع وإغلاق المحال التجارية في المجتمعات الريفية. حيث كتبت متابعات لوصف الأبعاد الإنسانية للأزمة.
لقد حضرت مزادات حيث شهدت على أسى عائلات تراقب ممتلكاتها تباع لغرباء، كما كتبت عن مزارعين بعدما كانوا ذي شأن، تُركوا مُفلسين ومجردين من كراماتهم. بمجرد ظهور علامة بيضاء في الباحات تدل على حجز عقاري، إذاً هناك قصة تروى.
لقد تناولت كل متابعة ككيان مستقل كما أضفت مقطعاً واحدا على الأقل في السياق عن المشهد العام للأزمة. وقد أبرزت كل واحدة منها حيثية ومصدر جديدين: كان هدفي الأوحد إظهار تأثير الأزمة على سكان أيوا العامين.
وأوصى تالتون المراسلين بمتابعة القصص على المحك، كالتابعة لمؤسسات كبيرة، أو أخبار القضايا المهمة التي أدت الى تداول كثيف على الشبكة.وتابع: "هذه هي الأهداف المثالية لمتابعة الأخبار والتي تطلع القراء على المتغيرات، سواء إن كانت قد حُلَت أو تفاقمت تعقيداً منذ بداية الحدث."
كما اقترح المقاربات التالية لكتابة المتابعات:
ما كانت القصة الأهم في السنة المنصرمة في مجتمعك؟ لا تدعها تذهب سدىً. إبحث عما كان قد نشر سابقاً، ثم تفحص المعطيات الجديدة وتواصل مع الشخصيات الرئيسية للحدث.
ما كانت حصيلة الدمج؟ هل تم تسريح موظفين؟ هل انتقل مدراء تنفيذيون إلى شركات أخرى؟ هل حقق الدمج النتائج المرجوة منه؟هل المستثمرون سعداء؟
مواعيد مهمة في التاريخ: إذا أغلق مصنع أبوابه منذ عشر سنوات خلت، إبحث عن عمال فقدوا وظائفهم. ما هو وضعهم الحالي؟ وهل تم شغل العقار القديم من قبل شركة أو جديدة أو قد ترك شاغراً؟
المساءلة: سواء إن كنت تتعامل مع نظام سائد، إدارة مؤسساتية أو جريمة منظمة من ذوي الياقات البيضاء، تبقى المتابعة أساسية في هذه الحلة لتأجيج الحماسة ولإفشاء المجريات و ما بقي على حاله.
وقال تالتون:"بتحكُمك بالمادة المنشورة، تمكنك من قولبة الأجندة الإخبارية، بما فيها من المتابعة الشرسة. لا تبدي ردة فعل أو يُملى عليك مؤتمرات صحفية. على المنافسة اللحاق بك. على سبيل المثال حول كيفية إحتراف نص المتابعة الإخبارية، تصفح مدونة الصحفي المخضرم طوني رودجرز. إذ يقترح وضع التطورات في أعلى الصفحة ثم وصلهم بالمشهدية العامة من الحدث الأساسي".
وكتب رودجرز في مدونته: "بهذه الطريقة، يمكن لقارئ يطلع على هذه القصة للمرة الأولى أن يفهم بسهولة مجريات الأحداث السابقة. من الناحية المثالية فالمتابعة الإخبارية تملأ الثغرات المهملة في المدونة الأساسية. كما حصل في أزمة ولاية أيوا الزراعية".