حوّلت السنوات الأخيرة العراق إلى جحيم حقيقي للصحافيين، سواء كانوا أجانب أو عراقيين. هكذا بات عدد الصحافيين المقتولين جزءاً من الأخبار اليومية في بلاد الرافدين. وآخر القتلى كان المصور عبد الله عريان. إذ أعلن المرصد العراقي للحريات الصحافية في العراق، الثلاثاء، عن مقتل مصور تلفزيوني خلال تغطيته لمعارك اندلعت بين القوات العراقية وتنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، أمس، على أطراف مدينة الفلوجة. وقال المرصد، في بيان له، إن "المصور التلفزيوني عبد الله عريان عودة قتل برصاص "داعش" خلال تغطيته المعارك التي اندلعت بين القوات العراقية وتنظيم "داعش" يوم أمس الاثنين.
وكشف البيان عن أن "المصور توجّه بصحبة القوات العراقية، مساء أمس الاثنين، إلى مناطق الاشتباك القريبة من محيط المدينة لتغطية المعارك، وحدثت اشتباكات عنيفة بين الجانبين، فأصيب المصور برصاصة مباشرة أسفرت عن مقتله على الفور".
وأضاف البيان أن "عودة كان ثاني صحافي يقتل على أطراف الفلوجة بعد مقتل المراسل الحربي تحسين الساعدي الذي كان يرافق القوات العراقية بعد يوم واحد من إعلان بدء معركة استعادة المدينة أخيراً ".
من جانبه، وجّه رئيس مرصد الحريات الصحافية في العراق هادي جلو مرعي، دعوة للقوات العراقية مطالباً بضرورة توفير الحماية الكافية للصحافيين المرافقين لها خلال العمليات العسكرية.
وطالب مرعي وسائل الإعلام كافة بتوفير مستلزمات الحماية اللازمة لصحافييها المتوجهين لتغطية معارك أو عمليات عسكرية، من خوذ ودروع، وخاصة أن تبقى المؤسسات الإعلامية على تواصل مستمر دون انقطاع مع مراسليها.
وكشف مرعي أن عدداً من الصحافيين شكوا من عدم تعاون بعض الجهات الحكومية خلال تنقلهم لتغطية الأحداث الجارية ميدانياً في مختلف مدن البلاد.
وصُنّف العراق على أنه البلد الأخطر في العالم على حياة الصحافيين والناشطين الإعلاميين الميدانيين بسبب عمليات التهديد والاستهداف والتصفية والاعتقال التي تطاولهم من قبل مختلف الجهات الحكومية والمسلحة في عموم البلاد.
وكان مرصد الحريات الصحافية أصدر تقريراً مفصلاً في 3 مايو/ أيار 2016 كشف فيه أرقاماً وتفاصيل عن أعداد الصحافيين الذين قتلوا وأصيبوا في البلاد منذ عام 2003.
وكشف التقرير المفصّل أن "عام 2016 شهد تسجيل 477 حالة انتهاك بحق الصحافيين، منها مقتل 9 صحافيين عراقيين واحتجاز 87 آخرين و98 حالة منع وتضييق و32 حالة ضرب واعتداء و23 حالة ملاحقة قضائية و4 حالات إغلاق ومصادرة لمؤسسات إعلامية وتجهيزات ومعدات أخرى.
وذكر التقرير أن "عدد الصحافيين الذين قتلوا منذ احتلال العراق عام 2003 وحتى 2016 بلغ 296 صحافياً عراقياً وأجنبياً قتلوا خلال تغطيتهم الميدانية، بينهم 168 صحافياً و73 فنياً ومساعداً إعلامياً.
ويتعرض الصحافيون العراقيون لاعتداءات متواصلة خلال تغطيتهم، منها إصابة نحو 14 صحافياً خلال تغطيتهم للمظاهرات التي أعقبها اقتحام المنطقة الخضراء، وسط العاصمة العراقية بغداد، لمرتين خلال شهر مايو/ أيار الماضي بعد أن أطلقت القوات العراقية الرصاص والغاز المسيل للدموع على المتظاهرين والصحافيين وصادرت عدداً من معدات الصحافيين وكاميراتهم.
ويجد الصحافيون أنفسهم في تغطيتهم للأحداث والمعارك الجارية في مختلف مدن البلاد في أخطر الأماكن وسط عدم تعاون من قبل عدد من الجهات الحكومية، فيما شكا صحافيون آخرون من ضغوط تمارس عليهم من قبل المؤسسات الإعلامية التي يعملون فيها تطالبهم بالتوجه لتغطية المعارك رغم الخطورة الشديدة.
ويفتقد العراق أية أرضية مناسبة لثقافة إعلامية لدى مؤسسات الدولة والقوات الأمنية والعسكرية والأطراف المتصارعة من تنظيمات مسلحة ومليشيات، ما يجعل العمل الصحافي خطيراً جداً، خاصة خلال التغطية الميدانية للمواجهات المسلحة.
ويأتي مقتل المصور التلفزيوني عبد الله عريان عودة بعد نحو 9 أيام من مقتل المراسل الحربي تحسين الساعدي الذي يعمل في إحدى القنوات الفضائية المحلية خلال تغطيته لمعارك بين القوات العراقية وتنظيم الدولة الإسلامية (داعش) على أطراف الفلوجة.
ولا يوجد حتى الآن في العراق قانون يحمي حقوق الصحافيين المتوفين خلال تغطيتهم الميدانية، كراتب تقاعدي أو مخصصات مالية لأسرته، فيما تكتفي بعض المؤسسات الإعلامية بمكافآت مالية لأسرهم، بحسب صحافيين.