أصدرت محكمة بون في ألمانيا حكما لصالح الصحافية مرام سالم، ببطلان الاتهام الصادر عن مؤسسة دويتشه فيله الإعلامية الألمانية، ضد الصحافية وزملاء آخرين في القسم العربي، بسبب نشر مواد “معادية للسامية”، قامت على إثرها بفصلهم. ونص حكم المحكمة، الذي اطلعت عليه “القدس العربي”، اليوم الجمعة، أن إجراء الفصل ضد مرام سالم باطل. وأكدت أن منشورات فيسبوك المتهمة بها ليست معادية للسامية وأن الفصل غير قانوني. ونص الحكم على ضرورة تعويض الصحافية الفلسطينية ماليا.
وأوضحت مرام للمحكمة أن ادعاءات دويتشه فيله أضرت بها بشدة، وبسمعتها. وطالبت بضرورة اعتذارها بشكل رسمي ومكتوب عما اقترفته بحقها، وهو ما ترفض المؤسسة القيام به لغاية الآن.
وكانت المؤسسة الألمانية فد فصلت موظفين من القسم العربي في ديسمبر/ كانون الأول بتهمة انتقاد إسرائيل على حسابات التواصل الاجتماعي الخاصة. كما قررت تشكيل لجنة تحقيق مستقلة، من خارج المؤسسة من أجل التثبت من اتهامات أطلقتها صحيفة “زود دويتشه تسايتونغ” بحق بعض موظفيها.
وصرح رئيس دويتشه فيله، بيتر ليمبورغ، لوسائل إعلام ألمانية، حينها، أن موظفي المؤسسة كافة ملتزمون بالإخلاص لقيم واستراتيجيات المؤسسة داخلياً وخارجياً بما في ذلك الاعتراف الواضح في حق إسرائيل في الوجود، إضافة لموقفها الواضح ضد معاداة السامية، مشيراً إلى أن الأمر ذاته ينسحب على الحسابات الشخصية على مواقع التواصل الاجتماعي للعاملين معها.
وأوضح أن دويتشه فيله “تمكنت من الاستعانة بكل من وزيرة العدل الألمانية السابقة، زابينه لويتهويزر شنارنبرغر، والأخصائي النفسي أحمد منصور، وهما شخصيتان معروفتان يتفق مسارهما المهني مع هذه المهمة بشكل خاص”.
وأوضحت مرام، في حديث لـ”القدس العربي”، أنها تمكنت خلال فترة المحكمة من الاطلاع على كافة المنشورات التي تم اتهامها على إثرها بمعاداة السامية، وتم فصلها دون أن تعرف السبب. وفندت جميع الادعاءات، مشيرة إلى أن المحكمة لم تر ما يؤيد أقوال المؤسسة الألمانية بحقها. وبينت أن القاضي أكد في حكمه أن انتقاداتها ومنشوراتها على فيسبوك ليست معادية للسامية. وصرحت أن الأمر يتعلق فقط بانتقاد “إسرائيل”.
وطالب المحامي الفلسطيني الأصل أحمد عابد، الموكل بالدفاع عن مرام، المؤسسة الألمانية بالقيام بمسؤولياتها وتقديم الحماية لمرام عوضا عن الانسياق للمحرضين.
وقالت مرام لـ”القدس العربي”: “لقد كان واضحا منذ البداية أني بريئة ومع ذلك تمت محاولة استخدامي ككبش فداء وتعريض حياتي المهنية وصحتي العقلية للخطر”. وتابعت “لقد ناضلت طوال حياتي من أجل حقوق المرأة وحقوق الإنسان وحريات التعبير، ودائما كنت أقف بشكل واضح فيما يتعلق بمواقفي من القضايا الإنسانية، ولهذا فإن المزاعم أثرت علي خلال الفترة السابقة بشدة”.
وتابعت “لهذا بعد قرار المحكمة فإني أطالب دويتشه فيله بتحمل المسؤولية والاعتذار علناً وسحب الادعاءات. يجب ألا تسعى دويتشه فيله بعد الآن إلى إنهاء عقود عمل الفلسطينيين بسبب حديثهم علنا عن انتهاك إسرائيل لحقوق الإنسان الفلسطيني”.
يشار إلى أن قرار المحكمة الألمانية في بون أوليّ، ولا يزال بإمكان دويتشه فيله تقديم استئناف خلال فترة معينة.
وكانت دويتشه فيله قد فصلت، في شباط/ فبراير الماضي، 7 صحافيين من القسم العربي بينهم الفلسطينيون مرام سالم، وزاهي علاوي، وياسر أبو معيلق، بتهمة “معاداة السامية”، عبر حساباتهما على مواقع التواصل الاجتماعي.
وفي تصريح خاص لـ”القدس العربي” أعرب جورج رشماوي، عضو المكتب التنفيذي للجالية الفلسطينية في ألمانيا، عن سعادته بقرار المحكمة، مؤكدا ضرورة الاستفادة منه من أجل ملاحقة قانونية لجميع الصحف الألمانية التي ربطت الموظفين الفلسطينيين والعرب بالعداء للسامية، مؤكدا على ضرورة الالتزام بالفقرة الخامسة من القانون الأساسي الألماني الذي ينص بوضوح على حق المواطنين في التعبير عن رأيهم عبر جميع الوسائل ومنع تقييد ذلك. وأكد رشماوي وجود حالة من الغضب لدى الجالية الفلسطينية، وذلك لشعورهم أن هناك توجها لمنعهم من التعبير السياسي، بحجة العداء للسامية، وهو أمر تراه الجالية غير صحيح، وترفض الزج بنفسها في هذا الأمر.
كما صرح هشام حماد، رئيس الجالية الفلسطينية في دورتموند، أن المؤسسات الفلسطينية ساندت منذ البداية توجه الموظفين المفصولين للقضاء، كما أنها أجرت العديد من الفعاليات والأنشطة من أجل التعريف بهذه القضية.
يشار إلى أن ناشطين ألمان وفلسطينيين قد نظموا مظاهرة أمام المقر الإعلامي الرئيسي لدويتشه فيله في مدينة بون، احتجاجا على فصل الإعلاميين. وحمل المتظاهرون شعارات مثل “الحرية لفلسطين” و“نقد الاحتلال الإسرائيلي ليس معاداة للسامية” .