[ مارغريت بورك وايت التقطت بعض الصور الأولى داخل معسكرات الاعتقال الألمانية بعد نهاية الحرب العالمية الثانية (غيتي) ]
ربما تعتقد جماهير الصورة أن التصوير الفوتوغرافي في بدايته كان مجالا ذكوريا، لكن التاريخ ينفي تلك المعلومة، حيث إن هناك العديد من المصورات اللاتي تركن بصمة واضحة في تاريخ التصوير الفوتوغرافي منذ القرن الـ18 وحتى وقتنا الحاضر.
آنا أتكينز
تعتبر البريطانية آنا أتكينز واحدة من أوائل المصورات الإناث على الإطلاق، وكانت عالمة نباتات ورسامة إنجليزية، نشرت عام 1841 وهي في عمر 42 أول كتاب مصور حصريا باستخدام التصوير الفوتوغرافي، وتعلمت تقنيات التصوير من رائد التصوير الفوتوغرافي ويليام هنري فوكس تالبوت.
كان الكتاب يضم صورا توضيحية للطحالب البريطانية، حيث جمعت أتكينز بين شغفها بالبحث العلمي والتجريب التكنولوجي والتعبير الفني.
جمعت أتكينز الكتاب المصور بدافع من إيمانها بأن المظهر المرئي للنباتات يمتلك أهمية علمية وصورا جمالية، لذلك قررت جمع العينات النباتية وتصنيفها وتصويرها.
وبعد الانتهاء من صور الطحالب البريطانية تحولت أتكينز إلى النباتات الأرضية، وصنعت دليلا مصورا لها تماما كما فعلت مع الطحالب المائية.
بعد ذلك بدأت في تصوير موضوعات مختلفة تماما، حيث دمجت الزهور والريش والدانتيل، بعد أن تحررت من ضرورات الدقة العلمية وركزت بشكل متزايد على الخصائص المرئية مثل الخط والشكل واللون والفراغ والشفافية والتعتيم.
جوليا مارغريت كاميرون
عاشت كاميرون حياة برجوازية، فهي كانت ربة منزل وأمًّا لسنوات طويلة، حتى أهدتها ابنتها أول كاميرا وهي في عمر 48 مع عبارة صغيرة "قد تسعدك المحاولة يا أمي".
جاءتها الكاميرا في وقت كان زوجها بعيدا في سيلان يهتم بأمر مزارع البن الخاصة بالعائلة، أما أطفالها فكانوا في المدرسة الداخلية، وابنتها الوحيدة كانت قد تزوجت، فأصبحت الكاميرا أكبر من مجرد تسلية، وقد تعاملت معها بحماس وأصبحت بالنسبة لها شيئا حيا وذاكرة إبداعية.
بدأت في التقاط الصور في مستعمرة الهند البريطانية وفي إنجلترا، وبتصويرها للطبقة العليا البريطانية أصبحت كاميرون واحدة من أهم المصورين البريطانيين في العصر الفيكتوري، وكانت صورها المذهلة ودراساتها للصور الشخصية حول الموضوعات الأدبية والتوراتية غير مسبوقة في عصرها، وظلت من بين أكثر الصور الفوتوغرافية الفيكتورية جمالا.
لم تهتم كاميرون بإنشاء استوديو تجاري، وغالبا ما كانت تتعامل مع العائلة والأصدقاء بهدف التقاط صفات البراءة والحكمة والتقوى، وهو ما جعل شخصياتها تجسيدات حديثة للشخصيات الدينية والأدبية الكلاسيكية.
تينا مودوتي
عُرفت المصورة الإيطالية تينا مودوتي باستخدامها الماهر للتكوين والظل، والتقطت أشهر صورها في مدينة نيو مكسيكو في الفترة بين الحرب العالمية الأولى والثانية، بما في ذلك بورتريهات للفنانين والمثقفين مثل الفنانة الشهيرة فريدا كاهلو وزوجها دييغو ريفيرا.
ولدت مودوتي في إيطاليا عام 1896، وهاجرت مع والدها إلى الولايات المتحدة عام 1913 لتعيش في سان فرانسيسكو، وشاركت مودوتي في التمثيل في أوائل عشرينيات القرن الماضي، وتعرفت إلى العديد من الفنانين بما فيهم صديقها المصور إدوارد ويستون، ثم انتقلا معا إلى نيو مكسيكو عام 1923، وأنشآ استوديو ويستون ومودوتي.
انخرطت مودوتي بشكل أكبر في السياسة قبل نفيها عام 1931، ثم توقفت عن التصوير بعد هذا الوقت، وتوجد مجموعات من صورها في أكثر من متحف، كمتحف الفن الحديث في نيويورك، والمعرض الوطني للفنون في واشنطن العاصمة.
مارغريت بورك وايت
تعتبر المصورة الأميركية مارغريت بورك وايت مصورة صحفية رائدة، وثقت عن طريق صورها تاريخ روسيا في الثلاثينيات، والصناعة الألمانية، وتأثير الكساد والجفاف في الغرب الأميركي، كما التقطت بعض الصور الأولى داخل معسكرات الاعتقال الألمانية بعد نهاية الحرب العالمية الثانية، والتقطت آخر صور المهاتما غاندي في الهند بجوار عجلة الغزل الخاصة به، بالإضافة إلى كونها أول مصورة يسمح لها بمرافقة مهمة قتالية.
التحقت بورك وايت بجامعة كولومبيا عام 1921 لدراسة علم الزواحف، لكنها حضرت دورة في التصوير الفوتوغرافي في العام التالي للمصور الشهير كلارنس إتش وايتفي.
تركت تلك الدورة انطباعا قويا لديها تجاه التصوير الفوتوغرافي، ثم واصلت وايت دراسة علم الحيوان، إلا أنها لم تغادر غرفة التصوير المظلمة منذ ذلك الحين، وفي عام 1927 تخرجت بدرجة علمية في علم الحيوان، لكنها قضت معظم وقتها في ترسيخ نفسها مصورةً فوتوغرافية محترفة.
غيردا تارو
ولدت المصورة الألمانية غيردا تارو في شتوتغارت بألمانيا عام 1910، وانتقلت إلى فرنسا عام 1933 بعد فترة وجيزة من انتخاب أدولف هتلر مستشارا، وقد التقت تارو في باريس بزميلها اللاجئ أندريه فريدمان الذي علّمها أساسيات التصوير.
خلال هذه الفترة قرر الصديقان التخلي عن الأسماء التي أتوا بها إلى باريس، وابتكار هويات جديدة، فأصبح فريدمان روبرت كابا، وتحولت غريتا بوهوريل إلى غيردا تارو، عمل الاثنان معا على تغطية الحرب الأهلية الإسبانية في برشلونة ضمن فريق واحد، وأنتجوا معا صورا بالأبيض والأسود.
أدى عمل تارو خلال الحرب إلى أن تصبح أحد أشهر مصوري الحروب، فصنعت لنفسها اسما كبيرا، وبحلول العام التالي شعرت تارو بثقة في مهاراتها في فن التصوير الفوتوغرافي للعمل بمفردها، وهو ما فعلته بالفعل خلال الأشهر الـ5 الأخيرة من حياتها.
في شهر يوليو/تموز عام 1937 عندما كانت تارو في الـ26 من عمرها، قُتلت بواسطة دبابة أثناء تغطيتها للهجوم الجمهوري في برونيتي بإسبانيا وتوفيت متأثرة بجراحها.