[ صحيفة السبيل استمر عملها 26 عاما (الجزيرة) ]
بعد 26 عاما من الصدور الأسبوعي ثم اليومي لصحيفة السبيل المحسوبة على المعارضة الإسلامية، قررت الإدارة إغلاقها والاكتفاء بالموقع الإلكتروني مطلع العام القادم 2020.
ويرجع سبب الإغلاق وتسريح الموظفين للضائقة المالية التي تعاني منها الصحيفة، نتيجة تراجع حصتها من الإعلانات الحكومية والقضائية، وارتفاع كلفة الطباعة والتوزيع.
حال تلك الصحيفة ينسحب على باقي الصحف اليومية الثماني التي تعاني من ظروف مالية صعبة، اضطرت لاتخاذ جملة من الإجراءات المالية والإدارية وترشيد كادر الموظفين لاستمرار عمل المؤسسات، بما فيها الصحف الرسمية.
وتعتبر "السبيل" المحسوبة على الحركة الإسلامية الأردنية صحيفة المعارضة الوحيدة، وقد صدر العدد الأول منها أسبوعيا عام 1993، وانتظمت 15 عاما، وتحولت بداية 2009 إلى يومية سياسية شاملة، واستمرت كذلك دون انقطاع أو توقف.
استهداف حكومي
ويرجع رئيس تحرير السبيل اليومية عاطف الجولاني السبب الرئيسي لتعثر الصحيفة إلى "الاستهداف الحكومي لها" فمن غير المعقول أن تحصل على إعلانات حكومية بنسبة تقل عن 1%، في حين تمنح صحف زميلة نسبا عالية من الإعلانات الحكومية تغطي تكاليفها المالية.
وتابع الجولاني للجزيرة نت أن الحكومة تحركت عدة مرات لإنقاذ صحف يومية عندما تعثرت، وقدمت لها الدعم المالي المناسب عبر إدخال استثمارات من قبل مؤسسات رسمية، وعدلت قانوني أصول المحاكمات المدنية والتنفيذ القضائي اللذين حصرا الإعلانات القضائية بثلاث صحف يومية فقط، مما شكل استثناء لبقية الصحف اليومية "لكنها في حالة السبيل لم تحرك ساكنا".
"السبيل" تقدمت بجملة من المطالب من شأنها أن تنصفها مع الصحف اليومية الأخرى خلال لقاءات سابقة مع رؤساء وزارات ووزراء إعلام، لكن "للأسف لم نجد آذانا صاغية أو أي استجابة رسمية، وتركت الصحيفة تواجه المصير المؤلم" حسب ما يقول الجولاني.
ووفق مصدر مسؤول بإدارة الصحيفة، فإن اجتماعا سيعقد خلال الأيام القليلة القادمة لاتخاذ القرار النهائي بإغلاق الصحيفة الورقية والإبقاء على موقعها الإلكتروني.
مصير مجهول
وشهدت "السبيل" العام الماضي تسريح نحو 80% من الكادر الوظيفي من صحفيين وكتاب وإداريين، تاركة موظفيها المسرحين لمواجهة مصير مجهول في ظل بطالة عالية بين خريجي الصحافة والإعلام وفرص عمل متواضعة، ودخلت في إجراءات مالية تقشفية لمواجهة الإغلاق، إلّا أنها لم توفق بذلك، وينتظر البقية الباقية من الموظفين مصير سابقيهم.
وقد حمل بعض صحفيي السبيل مسؤولية ما جرى لمجلس نقابة الصحفيين والحكومة ومجلس النواب، ويقول علي سعادة في صفحته على فيسبوك "تصرف غريب وصادم أن يتجاهل مجلس نقابة الصحفيين خبر إعلان توقف صحيفة السبيل عن الصدور دون أن يكلف أحد في المجلس نفسه عناء القيام بزيارة للمؤسسة أو على أقل تقدير الاتصال هاتفيا للاستفسار والعمل لإنقاذ ما يمكن إنقاذه".
وتابع سعادة "تبدو الحكومة سعيدة جدا بإغلاق منبر صحافي وإعلامي وطني ومختلف كان جدارا صلبا يحمي الوطن في أحلك الظروف وأصعب المراحل، لا أعرف كيف تضحي الدولة بصوت وطني نزيه سيكون معها في مواجهة المرحلة القادمة الأصعب في تاريخ وطننا الحبيب وأمتنا".
.. وأخرى تنتظر
ويقول نقيب الصحفيين راكان السعايدة للجزيرة نت "الصحف الورقية تواجه أزمة وجود، الرسمية منها والخاصة، وسيلحق بالسبيل صحف يومية أخرى ستغلق أبوابها إذا لم تتدارك خطورة الوضع".
ويتابع أنه أمر مؤسف إغلاق السبيل وتسريح موظفيها، مرجعا سبب تعثر الصحف اليومية لتراجع الإعلان والاشتراكات والتوزيع، وسوء إدارة الصحف المالية والإدارية، وعدم تطوير عملها لتواكب المنافسة المتسارعة مع الإعلام الإلكتروني ووسائل التواصل الاجتماعي.
وبحسب السعايدة فإن النقابة طابت بإنشاء صندوق حكومي لدعم الصحف الورقية بما يساهم في استمرارها مع المحافظة على استقلاليتها "لكننا لم نحصل على ذلك حتى اللحظة، مما يدفع بالصحفي لتطوير محتواها الإعلامي من خلال التحقيقات الاستقصائية والتقارير المعمقة والقصص الإخبارية الجاذبة للقارئ".
ووفق مصدر مسؤول بصحيفة الرأي الرسمية (كبرى الصحف اليومية) فهناك توجه لإغلاق صحيفة "ذا جوردن تايمز" الإنجليزية بداية العام القادم، نظرا لتعثرها ماليا وارتفاع كلفة إنتاجها وتوزيعها.
سوء إدارة
ونفى مصدر مسؤول للجزيرة نت استهداف الصحيفة، وقال "الحكومة هي من منحتها التراخيص للصدور بشكل يومي" مضيفا أن الصحف الورقية متعثرة في مختلف المناطق، وسوء الإدارة وعدم مواكبة التطورات سبب رئيسي في تعثر الصحف الورقية.
يُشار إلى أن وزير الدولة لشؤون الإعلام أمجد العضايلة وعد في زيارته لنقابة الصحفيين قبل أيام بـ "دراسة أوضاع الصحف الورقية عبر العمل التشاركي والجمعي مع القائمين عليها، وبالتعاون مع نقابة الصحفيين".
والوعود بـ "دراسة الأوضاع" دأب كل وزير إعلام زار النقابة، لكن نتائج تلك الدراسة لم تظهر للعلن، ولم يطبق منها شيء على أرض الواقع، وتركت الصحف الورقية تواجه أزمتها لوحدها، وفق مراقبين.