[ حملات واسعة في صنعاء والعديد من المدن اليمنية لمقاطعة سلع الدول الداعمة لإسرائيل (Getty) ]
تعاني الكثير من المتاجر والقطاعات التجارية في العاصمة اليمنية صنعاء والعديد من مدن البلاد من عبء السلع التي طاولتها المقاطعة وصعوبة تصريفها لتعويض جزء من تكاليفها، حيث تتصاعد حملات المقاطعة بحق منتجات الدول الداعمة للاحتلال الإسرائيلي وشنّ القوات الأميركية والبريطانية ضربات على مناطق يمنية لمنع الحوثيين من استهداف السفن الإسرائيلية وغيرها من الجنسيات الأخرى المبحرة نحو إسرائيل.
وتعاني هذه السلع والمنتجات من كساد واسع، حيث بالرغم من خفض أسعارها إلى نحو نصف تكلفتها لإغراء المستهلكين الذين عزفوا عنها على الرغم من أن تراجع قدراتهم الشرائية قد يكون محفزاً للإقبال عليها في ظل هذه التخفيضات.
وتنشط حملات مقاطعة واسعة لسلع وبضائع الدول الداعمة لإسرائيل في صنعاء ومختلف المدن والمناطق اليمنية، حيث تعمل الجهات المختصة على تتبّع السلع والخدمات الأميركية والإسرائيلية كافة بهدف حظرها ومقاطعتها.
يأتي ذلك عقب قرار أصدرته سلطات الحوثيين في صنعاء في 31 أكتوبر/ تشرين الأول، تضمن حزمة إجراءات تقضي بحظر دخول وتداول منتجات الشركات الأميركية، وشطب الوكالات والعلامات التجارية للشركات الأميركية والشركات التي قالت وزارة الصناعة والتجارية التابعة لسلطة الحوثيين إنها داعمة لإسرائيل.
ويرصد "العربي الجديد" قيام المحالّ والمتاجر بمحاولات لتصريف السلع والمنتجات التي تشملها قرارات وحملات المقاطعة، يتركز معظمها على تخفيض أسعارها بنحو 50% من سعر تكلفتها وفق حديث البائع باسم دبوان لـ"العربي الجديد"، مضيفاً أن بقاء هذه المنتجات يكلف التجار والباعة مبالغ طائلة، حيث يعجزون عن تصريفها واسترداد جزء من تكاليفها دون أي هامش ربح، بل أيضاً مع خسارة نسبة من تكاليفها.
في السياق، يقول هشام محمود، بائع مواد غذائية في صنعاء لـ"العربي الجديد"، إن قرار المقاطعة يعود للمستهلك بالدرجة الأولى، بينما التاجر تتوافر البضاعة لديه منذ ما قبل تدشين حملات المقاطعة، في الوقت الذي يحاول البعض تغطية جزء من خسائره نتيجة كساد عدد من السلع والمنتجات المقاطعة وعدم القدرة على تصريفها، خصوصاً التي تكون صلاحيتها محدودة حيث لا تستطيع كثير من المتاجر في الوقت ذاته إنزال بضائع ومنتجات جديدة من هذه السلع.
وجددت صنعاء وفق مسؤولين في المؤسسات التجارية العامة، تأكيد استمرار حملات المقاطعة حتى بعد القرار الذي اتُّخِذ في استهداف السفن التجارية الإسرائيلية والمتجهة إلى موانئها في البحر الأحمر وباب المندب، وذلك لمساندة الشعب الفلسطيني الذي يتعرض لحصار وعدوان إسرائيلي متواصل في قطاع غزة.
تشمل حملات المقاطعة في صنعاء ومناطق يمنية أخرى عشرات الوكالات والعلامات التجارية في مجالات الأغذية والمشروبات والمعدات والسيارات وأدوات التجميل والمطهرات، والأدوات الكهربائية والمنزلية الخاصة بالشركات التي تؤكد وزارة الصناعة والتجارة في صنعاء أنها شريكة في المجازر الدموية بحق الأطفال والنساء والأبرياء في قطاع غزة، في حين تشمل حملات المقاطعة منع أي نشاط، أو دخول أي منتجات أو أصناف للوكالات والعلامات التجارية الداعمة لإسرائيل إلى السوق اليمنية.
يقول المحلل الاقتصادي اليمني علي الحيفي، لـ"العربي الجديد"، إن موقف المقاطعة والقرارات الأخرى المساندة للشعب الفلسطيني جادة، حيث لم تتوقف حملات مقاطعة البضائع والسلع في صنعاء والعديد المناطق اليمنية طوال الفترات الماضية.
وتأتي حملات المقاطعة بالتزامن مع تنفيذ قرارات أخرى تلزم المنافذ والمراكز الجمركية بمنع إدخال أي منتجات للشركات الأميركية والداعمة لإسرائيل بحسب القائمة الأولية للشركات المحظورة الصادرة من وزارة الصناعة والتجارة التابعة لسلطات الحوثيين.
ويشير الحيفي إلى أهمية الاستمرار في حملات المقاطعة حتى في حال الاتفاق على أي هدنة تؤدي إلى إيقاف العدوان والمجازر الإسرائيلية في قطاع غزة، وذلك بالنظر إلى ما تمثله صنعاء كمركز رئيسي للقطاع التجاري في اليمن والذي يعتمد على ميناء الحديدة على الساحل الغربي للبلاد.
وأعدت الهيئة العامة اليمنية للمواصفات والمقاييس وضبط الجودة مصفوفة تنفيذية لقرار وزارة الصناعة والتجارة في صنعاء لحظر ومقاطعة منتجات الشركات التي تدعم إسرائيل، حيث تتضمن برامج توعوية وتثقيفية للمستهلك عن أهمية المقاطعة والتعريف بالبدائل للمنتجات المحظورة والمقاطعة للشركات الداعمة لإسرائيل، إذ أُبلغ مستوردو السلع والمنتجات الأميركية بضرورة العمل على توفير السلع والمنتجات البديلة، سواء من دول وشركات أخرى غير داعمة لإسرائيل أو محلية، والحثّ على توفيرها عبر الإحلال بالمنتج المحلي.
ويرى المحلل الاقتصادي صادق علي، في حديثة لـ"العربي الجديد"، أن أزمة السيولة الكبيرة التي يشهدها اليمن ساهمت في نجاح حملات المقاطعة بالنظر إلى ضعف القدرة الشرائية للكثيرين، وذلك بالرغم من أن هناك بالمقابل فئة استهلاكية، ولديها مصادر دخل كانت معتمدة على شراء كثير من هذه السلع والمنتجات المقاطعة.
في السياق، كثفت الولايات المتحدة وبريطانيا خلال الأيام الماضية من هجماتهما التي استهدفت صنعاء وعدداً من المحافظات اليمنية، حيث تستمر حرب السفن بالتصاعد في البحر الأحمر وباب المندب شمال غربيّ اليمن.
ولم تنجح الضربات الانتقامية المتكررة من قبل الولايات المتحدة وحلفائها، فضلاً عن العملية البحرية متعددة الجنسيات للقيام بدوريات في المياه، في إيقاف هجمات الحوثيين التي تقول الجماعة إنها تقوم بها رداً على عمليات الإبادة الجماعية في غزة. ومع مطالبة البحارة بأجور مضاعفة وارتفاع أسعار التأمين بشكل كبير، تواصل شركات الشحن ابتعادها عن الممر المائي الذي ينقل عادة 12% من التجارة البحرية العالمية.
وسبّبت هجمات الحوثيين في البحر الأحمر أكبر تحويل لمسارات التجارة الدولية منذ عقود، ما أدى إلى ارتفاع التكاليف وطول أمد الرحلة بالنسبة إلى شركات الشحن في الأماكن البعيدة مثل آسيا وأميركا الشمالية، وهدد بحدوث تداعيات اقتصادية على سلاسل التوريد العالمية.
وارتفعت تكلفة شحن حاويات الشحن من الصين إلى البحر الأبيض المتوسط بأكثر من أربعة أضعاف منذ أواخر نوفمبر/تشرين الثاني، وفقاً لشركة فريتوس، وهي شركة لحجز الشاحنات.
وتقول شركات الشحن، وكذلك تلك التي تنقل النفط، إنها تتوقع استمرار الاضطرابات لأشهر أو أكثر، مع حجز السفن للطريق الأطول حول أفريقيا حتى فصل الصيف، تفادياً للمرور في البحر الأحمر. وهذا يعني أن كل شركة ترسل البضائع لديها المزيد من المخزون المقيد في أثناء النقل، ويزداد الأمر تعقيداً في حالة ندرة الحاويات.