في صحراءٍ ممتدة كالألم، وفي قلب الوجع اليمني الذي طال أمده، يمتد "طريق العبر" كجرح مفتوح لا يندمل، شاهداً على الإهمال، ومسرحاً لحوادث تُزهق فيها الأرواح، وتذرف الدماء، وتُفجع الأمهات، دون أن تهتز لذلك شعرة في رأس مسؤول، أو يرتعش ضمير في قلب حكومة.
طريق العبر، هذا الشريان الدولي الذي يربط اليمن بالسعودية، ظلّ ولا يزال المتنفس الوحيد لأبناء اليمن، والملاذ الأخير للمغتربين، والطلاب، والمرضى، والحجاج، والعابرين في زمن الحصار والدمار. هو المنفذ الذي لم تغلقه الحرب، ولكن أغلقته الدولة بصمتها المُطبق وتجاهلها القاتل.
كم من طفلٍ خرج إلى الحياة يتيماً لأن والده لفظ أنفاسه على قارعة العبر؟
كم من عائلة تحولت إلى شظايا لأن شاحنة طائشة أو حفرة مهملة انتزعت منهم الأمان؟
كم من طبيب، ومهندس، وعامل، ومغترب، لفظوا أرواحهم في رحلة كان يمكن أن تكون آمنة، لولا أن الدولة اعتبرت هذا الطريق هامشاً لا يستحق الترميم ولا التأهيل؟
أليست هذه الحوادث كوارث؟ أليست هذه الأرواح يمنية؟
أين الحكومة من مسؤوليتها الأخلاقية والإنسانية؟
لماذا لا تتحرك كما تتحرك الدول حين تسقط طائرة أو تغرق عبارة؟
أين الإعلام الرسمي؟ أين الخطط والإصلاحات؟ أين الطوارئ؟ بل أين الضمير؟
لقد تحوّل طريق العبر من شريان حياة إلى مذبحة يومية، من معبر للرزق إلى محرقة للآمال، ومع ذلك، لا زلنا نسمع الوعود الفضفاضة، والخطب الجوفاء، والتصريحات التي لا تطفئ نارًا ولا تسعف جريحًا.
إننا، باسم الإنسانية، باسم كل من ودّع أحبابه على إسفلتٍ متهالك ولم يعودوا، نناشد الحكومة اليمنية:
تحركوا قبل أن يبتلع هذا الطريق المزيد، قبل أن تصبح كل أسرة يمنية قد دفنت عزيزاً هناك.
ارفعوا أيدي الإهمال عن طريق العبر، اجعلوه أولوية كما كان هو أمل الناس في زمن الحرب.
فمن لا يعبأ بأرواح مواطنيه، لا يستحق أن يُسمى حكومة.
طريق العبر ليس مجرد طريق، إنه مقياس لمدى إنسانيتكم، ومحكٌ لصدق مسؤوليتكم..
فهل أنتم على قدر المسؤولية؟ أم أن أرواح اليمنيين أرخص من أن تُحصى؟
الكرة في ملعبكم، والدم في رقبتكم.
*مستشار محافظة إب لشؤون المغتربين