[ الإفراج عن معتقلين لدى الحوثيين، صنعاء 2019 (محمد حمود/الأناضول) ]
تتزايد حالات وفاة أسرى ومختطفين داخل سجون ومعتقلات جماعة الحوثيين، في ظل اتهامات الحكومة الشرعية في اليمن للجماعة بممارسة التعذيب الجسدي والنفسي ضد السجناء، إلى جانب الإهمال الصحي داخل السجون، في ظل غياب المساءلة القانونية بحق المسؤولين عن هذه السجون والمعتقلات.
وفي السياق، كشفت وزارة حقوق الإنسان في الحكومة اليمنية عن وفاة أحد أسرى قوات الجيش الوطني، السبت الماضي، ويُدعى ينوف حسن البتينة، من أبناء محافظة ريمة (جنوب غرب صنعاء)، في سجون جماعة الحوثيين جراء التعذيب، في حادثة تعد الرابعة خلال قرابة شهر.
أربع حالات وفاة خلال شهر
وتأتي الحادثة بعد أسبوعين من وفاة الأسير محمد أحمد وهبان من أبناء محافظة عمران، داخل زنزانة انفرادية في السجن الحربي بصنعاء. ومطلع نوفمبر/تشرين الثاني الحالي، تُوفي المختطف عز الدين صالح محمد محمد الحبجي من أبناء محافظة البيضاء، تحت التعذيب، في سجن الأمن المركزي التابع للجماعة بصنعاء، بعد اختطافه لأكثر من عام ونصف العام.
وفي أكتوبر/تشرين الأول الماضي، توفي هشام الحكيمي، الذي كان يعمل في منظمة "أنقذوا الأطفال" (Save the Children)، في سجون جماعة الحوثيين بصنعاء، بعد مرور 50 يوماً من اختطافه وإخفائه قسرياً في أحد معتقلاتها.
طارق علي، شقيق أحد الضحايا الذين تُوفوا عقب خروجهم من معتقل الحوثيين، قال لـ"العربي الجديد"، إن جماعة الحوثيين اختطفت شقيقه أسامة في سجن الصالح بتعز مطلع عام 2022 لمدة شهر، بتهمة امتلاكه رقما عسكريا في الجيش اليمني، على الرغم من أنه كان يعمل محاسباً في إحدى الشركات بمناطق خاضعة للجماعة.
وأضاف أن شقيقه "تعرّض في السجن لتعذيب جسدي ونفسي. وبعد أيام من الإفراج عنه تعرّض لحالة تسمى بالانفجار الرئوي، ناتج عن المجهود والخوف، ليتوفى في 2 مارس/آذار 2022".
آلاف المخفيون
وكان وزير الإعلام والثقافة والسياحة في الحكومة المعترف بها دولياً، معمر الإرياني، قد أشار في أكتوبر الماضي إلى أن "وزارة حقوق الإنسان رصدت أكثر من 350 حالة قتل تحت التعذيب من إجمالي 1635 حالة تعرضت للتعذيب في معتقلات المليشيا الحوثية".
ولفت إلى أن منظمات حقوقية متخصصة وثّقت "قيام المليشيا بارتكاب جريمة الإخفاء القسري بحق 2406 من المدنيين في معتقلات المليشيا غير القانونية، يتعرضون لأبشع صنوف التعذيب النفسي والجسدي، والحرمان من الرعاية الصحية".
وقال الإرياني إن التقارير الحقوقية كشفت أن "مليشيا الحوثيين تدير نحو 641 سجناً، منها 237 سجناً رسمياً احتلتها، و128 سجناً سرياً استحدثتها بعد الانقلاب (2014)، كما أن 32 مختطفاً تعرّضوا للتصفية الجسدية، فيما انتحر آخرون للتخلص من قسوة وبشاعة التعذيب، كما سجلت 79 حالة وفاة للمختطفين 31 حالة وفاة لمختطفين بنوبات قلبية، بسبب الإهمال الطبي ورفض إسعافهم للمستشفيات".
عمليات خطف مستمرة
من جهته، اعتبر وكيل وزارة حقوق الإنسان، المهندس نبيل عبد الحفيظ، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "عدد الأسرى والمختطفين الذين قضوا تحت التعذيب في سجون جماعة الحوثيين يتزايد لعدة أسباب، منها الأساليب المستخدمة من قبل الجماعة، ومحاولة إثارة ثقافة الخوف من خلال المعلومات المتواردة حول ما يحدث" في السجون والأقبية، بحسب تعبيره. ورأى أن ذلك "أيضاً أسلوب من أساليب الضغط في إطار التفاوض"، حول الصراع في اليمن.
وقال عبد الحفيظ إنه "يصعب حصر عدد الأسرى والمختطفين في سجون الحوثيين حالياً، لأن هناك عمليات خطف مستمرة". وأضاف أن من يُعتقلون "ليسوا أسرى حرب، ونسبة أكثر من 70 بالمائة منهم يعتبرون بمثابة مختطفين، وأناس عاديين"، اعتُقلوا "من الشوارع ومن بيوتهم وأماكن عملهم".
وأشار إلى أنه "حاولنا بشكل كبير جداً الحصول من الأهالي على أسماء المختطفات، لكن التهديدات الحوثية التي تلقاها الأهالي بأن الأسماء التي سترد ستُلفق تهم ضدهن، خصوصاً تهم تتعلق بالعرض والشرف، وإحالتهن لمحاكمات من هذا النوع"، لافتاً إلى أنه "بالتالي يتجنب الأهالي إعطاء أسماء بناتهم ليكن ضمن أي عملية تبادل".
وكشف عبد الحفيظ، أن الحوثيين يعتقلون بدائل عمّن يفرجون عنهم في عمليات التبادل حتى يستمر الضغط، "والحصول على مكاسب معينة في إطار التبادل، كما لا يهمهم بشكل أساسي في هذه العمليات إلا من هم من السلالة الهاشمية أو من الجماعات الحوثية الأساسية".
وأشار إلى أنه كان يفترض أن تبدأ الأحد الماضي جلسة مفاوضات جديدة بالأردن، في إطار العمل ما بين اللجنتين الخاصة بالأسرى والمختطفين في الحكومة الشرعية وبين الحوثيين، "من أجل تسريع عملية التبادل تحت مبدأ الكل مقابل الكل، لكن حتى المملكة الأردنية بحسب ما بلغنا رفضت إدخال وفد الحوثيين".
مصدر في الوفد الحكومي المفاوض بملف الأسرى والمختطفين قال لـ"العربي الجديد"، إنه يتم العمل على إعداد جولة مفاوضات مقبلة، لكن لم تُقرر بعد، لافتاً إلى أن "الموضوع الآن متوقف عند قضية الإفراج عن السياسي محمد قحطان، آخر الأربعة المشمولين بقرار مجلس الأمن (عام 2020 لتبادل الأسرى)، ويجب أن يكون على رأس أي تبادل".
وأضاف أن "الحوثيين يتعنتون حوله ويرفضون الكشف عن مصيره ومبادلته، ويطالبون بأسماء مفقودين لا وجود لها لمبادلته، وعليه فضمان نجاح أي جولة مقبلة مرهون بالإفراج عن قحطان".