[ المواطنون يشتكون من ارتفاع أسعار السلع الضرورية (فرانس برس) ]
يعيش اليمن على وقع موجة سعرية جديدة تشمل جميع السلع الأساسية في ظل أزمة نقدية ومالية انعكست على الأسواق المحلية وتلبية الاحتياجات من الواردات السلعية.
يأتي ذلك بالرغم من تطمينات الحكومة اليمنية حول توفر السلع الأساسية في مناطق إدارتها وتأكيدها أن المخزون السلعي في الحدود الآمنة وليس هناك أي شح في المعروض.
ويرصد "العربي الجديد"، ارتفاعا تصاعديا في أسعار السلع الأساسية بأسواق عدن والمناطق التابعة للحكومة المعترف بها دولياً بنسبة تزيد على 80%، مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي، بالتزامن مع أزمة حادة في الطاقة تتركز في المناطق الساحلية، حسب مصادر لـ"العربي الجديد".
وأكدت الحكومة اليمنية في اجتماع استثنائي عقدته مطلع الأسبوع على وضع عدد من الإجراءات الإضافية للتعامل مع التحديات والصعوبات القائمة في الجوانب الاقتصادية والخدمية، خاصة تراجع الخدمات الأساسية وفي مقدمتها الكهرباء، وتراجع العملة الوطنية، وارتفاع أسعار السلع، وفقاً للمقترحات المقدمة من الوزارات المختصة.
حسب مصادر مطلعة، تحدثت لـ"العربي الجديد"، فإن الحكومة اليمنية تعول بدرجة رئيسية على مساندة ودعم التحالف بقيادة السعودية والإمارات في هذه المرحلة الحرجة والاستثنائية، لدعم جهود وإجراءات الحكومة وتقديم حزمة دعم عاجلة، للمساهمة في تخفيف معاناة اليمنيين.
يشكو مواطنون من تراكم الأزمات الغذائية والمعيشية، وعدم وجود أي مؤشرات على انفراج الأوضاع في ظل تصاعد حدة الخلافات والتوترات بين المكونات السياسية، وشركاء اتفاق الرياض الذي نتجت عنه حكومة شراكة مع المجلس الانتقالي الجنوبي.
المواطن محمود بجاش، من سكان مدينة عدن جنوبي اليمن، يقول لـ"العربي الجديد"، إن أسعار الغذاء جزء يسير من معاناتهم اليومية التي لا حدود لها، خصوصاً في مثل هذه الأيام الصيفية وارتفاع درجة الحرارة إلى مستويات قياسية.
ويتساءل المواطن بلال الحمزي: لماذا لا تتنافس الأطراف الحكومية على الاهتمام بالناس وأوضاعهم المعيشية، والعمل على تخفيفها وتوفير الخدمات بدلاً من التركيز على مصالحهم الخاصة، والتي تصل إلى استخدام معاناة الناس واستغلالها بطريقة سيئة لتحقيق مكاسبهم السياسية الخاصة.
ويرجع متعاملون في الأسواق المحلية أسباب الأزمة التجارية الراهنة وارتفاع الأسعار إلى تردي خدمة الكهرباء، وتدهور سعر صرف العملة المحلية التي انخفضت من 1200 ريال مقابل الدولار لتتجاوز 1310 ريالات، في حين يدور جدل واسع في اليمن واتهامات متبادلة بين شركاء الحكومة اليمنية في عدن وسط تصاعد كبير في الأزمة المعيشية وتردي الخدمات العامة.
وأصدرت الحكومة اليمنية بيانا أوضحت فيه بالتفصيل جهودها وإنفاقها على قطاع الكهرباء، وانتقدت قرار محافظ عدن بتحميل الحكومة المسؤولية الكاملة عن تردي خدمة الكهرباء، والهروب إلى الأمام بقرارات غير مسؤولة تتجاوز القوانين النافذة وتساهم في تعقيد المشكلة.
وفيما سارع مجلس القيادة الرئاسي إلى عقد اجتماع طارئ لمناقشة تفاقم أزمة الكهرباء، شددت الحكومة على أن استقرار خدمة الكهرباء وتحسينها تتطلب بشكل أساسي استثمارات هائلة واستقرارا سياسيا.
الباحث الاقتصادي جمال راوح، يرجع في حديثه لـ"العربي الجديد"، أسباب تأزم الأوضاع التجارية واضطراب الأسواق المحلية وارتفاع الأسعار بالرغم من الركود التجاري السائد طوال الفترة الماضية، إلى الصراع القائم بين جميع الأطراف، والمنافسة التجارية الحادة التي تتركز في عملية الاستيراد.
التاجر موسى العزاني، يقول لـ"العربي الجديد"، إن الاستيراد عبر ميناء الحديدة يوفر عليهم كتجار نسبة مهمة من فاتورة الاستيراد والنقل التجاري، مع تزايد عدد شركات الملاحة وتنافسها في تقديم التسهيلات الخاصة بالشحن التجاري عن طريق ميناء الحديدة.
من جانبه، يؤكد رجل الأعمال، نبيل العمري، لـ"العربي الجديد"، أن المشكلة الأبرز التي يعاني منها التجار والقطاع الخاص في اليمن تظل قائمة وتتفاقم باستمرار، والمتمثلة بالمضايقات من قبل السلطات خصوصاً في صنعاء. ومن جانبه، يشير مالك شركة تجارية، أحمد مانع، إلى الجبايات المتعددة التي تفرضها السلطات كسبب رئيسي في تفاقم الأوضاع التجارية، وانعكاسها على الأسواق المحلية وأسعار السلع الغذائية والاستهلاكية.
وساهمت عديد العوامل في غلاء المعيشة وتدهور أوضاع اليمنيين منها انخفاض قيمة الريال اليمني، لا سيما في مناطق الحكومة اليمنية.
وحسب مراقبين، كان للمنافسة الاقتصادية بين الحكومة المعترف بها دولياً والحوثيين تأثير ضار على الاستقرار المالي والنقدي للبلاد طوال العام 2022، وانعكس ذلك على الأوضاع الاقتصادية والمعيشية التي تفاقمت في العام الحالي.