[ إغراق الأسواق بالسلع المستوردة يهدد زراعة اليمن (محمد حويس/فرانس برس) ]
طالب مزارعو التفاح في اليمن، السلطات المعنية، بتوفير الحماية اللازمة لمحصولهم الذي يواجه كسادا كبيرا في الأسواق المحلية التي تتعرض لإغراق واسع بعديد الأصناف المستوردة.
ويتهم مزارعون السلطات اليمنية بالتقاعس عن تنفيذ قرار منع استيراد التفاح الخارجي لتشجيع ودعم الإنتاج المحلي من هذا المحصول الذي تضاعف إنتاجه بشكل ملحوظ خلال هذا الموسم الزراعي، بعد تنفيذ سلسلة من التدخلات الزراعية لتحسين جودته وزيادة إنتاجيته.
وقال مزارعون في محافظة صعدة شمال اليمن إن استمرار استيراد التفاح الخارجي يؤثر سلباً على المنتج المحلي من هذه الفاكهة، ما يُكبد المزارعين خسائر اقتصادية كبيرة تفوق قدراتهم على تحمّلها.
وتتصدر صعدة المحافظات اليمنية الأكثر إنتاجاً للتفاح بكمية تصل إلى أكثر من 9 آلاف طن، من إجمالي إنتاج اليمن في آخر عامين الذي تقدّره أحدث بيانات زراعية رسمية اطلعت عليها "العربي الجديد"، بما يناهز نحو 20 ألف طن من مساحة زراعية تقدر بنحو 2155 هكتاراً.
وأكد مزارع تفاح في صعدة، حسين مصلح، لـ"العربي الجديد"، أن المزارعين يواجهون صعوبة في إيصال إنتاجهم الشتوي من التفاح إلى الأسواق المحلية التي تتكدس بالأصناف المستوردة بكميات كبيرة من هذه الفاكهة.
وذكر بيان صادر عن مزارعي التفاح اليمنيين اطلعت عليه "العربي الجديد"، أن استمرار تدفق واستيراد التفاح الخارجي من شأنه ضرب المنتج المحلي، ما سيترتب عليه عدم اهتمام معظم المزارعين بمزارع التفاح.
كما يشدد المزارع ياسر علي، من محافظة صعدة، في حديثه لـ"العربي الجديد"، على ارتفاع الخسائر التي تكبدها المزارعون هذا الموسم بصورة تفوق بثلاثة أضعاف تكاليف زراعة المحصول، الأمر سيؤثر عليهم ويدفعهم إلى ترك زراعته.
ويفيد مزارعون بأن مخازن التبريد والثلاجات مليئة بالتفاح المحلي من إنتاجية الموسم الشتوي الحالي، حيث يتوفر في ثلاجات التخزين أكثر من 500 ألف سلة تفاح، وأن العدد في زيادة متواصلة، مؤكدين استعدادهم لتغطية الأسواق المحلية في اليمن بالتفاح المحلي في حال تم ضبط مستوردي التفاح الخارجي.
وحسب المزارع قيس الشدادي، من محافظة مأرب، في حديثه لـ"العربي الجديد"، فإن تكالب هذه الظروف والأزمات وارتفاع تكاليف النقل لتباعد الأسواق بسبب تبعات الحرب في البلاد تجبرهم على ترك بعض المحاصيل بدون جني الثمار لفترات طويلة، وهو ما يعرّضها للتلف.
ويواصل التفاح المنتج محلياً تدفقه إلى الأسواق المحلية في عموم المدن اليمنية منذ نوفمبر/تشرين الثاني من مناطق الإنتاج في صعدة وعمران والجوف ومأرب.
ويوضح الخبير اليمني المتخصص في التسويق الزراعي، وديع غلاب، لـ"العربي الجديد"، أن اليمن يشتهر بزراعة العديد من أصناف الفواكه ذات الجودة العالية، والتي كان للظروف المناخية مؤخراً جوانب إيجابية في المساعدة على إيجاد بيئة مناسبة لزراعتها.
ويرى ضرورة تنظيم عملية التسويق للفواكه في فترة الطفرة للمحاصيل الزراعية، خصوصاً للأصناف التي تتمتع بقدرات تنافسية عالية كالتفاح الذي ينافس الأصناف المستوردة التي تباع بأسعار مرتفعة، في حين يحافظ التفاح اليمني على لذة مذاقه ورخص سعره مقارنة بالمستورد.
وتنتج الفواكه في جميع محافظات اليمن وبنسب مختلفة من محافظة إلى أخرى. لكن وبالرغم من أهمية هذه المنتجات لما لها من قيمة غذائية ومردود اقتصادي، إلا أنها لم تحقق تطوراً كبيراً في إنتاجيتها بمستويات اقتصادية وتجارية مناسبة، نظراً لتدني المساحة المزروعة بهذه المحاصيل نتيجة للتوسع في زراعة القات.
وحسب متخصصين، فإن هذه الأنواع من المنتجات سنوية المحصول، أي أنها تثمر في السنة مرة واحدة، مقارنة ببقية المحاصيل الأخرى مثل نبتة القات وغيرها والتي تنتج طوال العام.
ويشكل إنتاج الفواكه في اليمن، بحسب بيانات زراعية، نسبة 18.7% بالمتوسط من إجمالي الإنتاج في الجمهورية اليمنية.
وتقدّر البيانات الزراعية الحكومية، إنتاج اليمن من الفواكه بنحو 1.5 مليون طن سنوياً، يتصدرها المانجو بحوالي 400 ألف طن من مساحة 25 ألف هكتار، ثم يأتي العنب في المرتبة الثانية بكمية إنتاج تقدر بنحو 200 ألف طن، والموز بنحو 130 ألف طن، وحوالي 116 ألف طن الكمية المنتجة من البرتقال.
وفاقمت الحرب الدائرة في اليمن من معاناة المزارعين الذين يواجهون صعوبات لا حصر لها، نتيجة للأزمات الاقتصادية المتكررة وتحديات عديدة في الري والنقل والتسويق بسبب الأحداث الأمنية ومحدودية الوصول إلى الأسواق بشكل سهل ومناسب، وكذلك صعوبة الحصول على المستلزمات الزراعية الضرورية.