[ استهداف المطارات شل حركتها (صالح العبيدي/ فرانس برس) ]
يتسم قطاع النقل الجوي في اليمن بصغر حجمه مقارنة بقطاعات النقل الجوي في المنطقة العربية والعالم، سواء من حيث عدد المطارات العاملة أو البنية التحتية والتجهيزات أو خطوط الطيران العاملة من تلك المطارات وإليها. حتى ما قبل العام 2015 كان يوجد في اليمن حوالي 14 مطاراً، منها 6 مطارات دولية والباقية محلية.
ونتيجة لإغلاق المطارات الدولية أمام الرحلات التجارية واقتصار العمل منذ أغسطس/ آب 2016 على مطاري عدن وسيئون، فقد انخفضت القدرة التشغيلية للمطارات الدولية اليمنية بصورة كبيرة، حيث تراجعت الحركة من حوالي 33812 رحلة في العام 2014، إلى 9383 رحلة في العام 2022، الأمر الذي أدى إلى تهاوي القدرة التشغيلية للمطارات اليمنية، بحسب بيانات ملاحية رسمية اطلعت عليها "العربي الجديد"، إلى حوالي 28 في المائة فقط من قدرتها عام 2014.
كما تراجع عدد المسافرين من حوالي 2.7 مليون مسافر في العام 2014 إلى حوالي 653 ألف مسافر فقط حتى نوفمبر/ تشرين الثاني 2022. في المقابل، ترجع الجهات المختصة في قطاع النقل الجوي سبب ارتفاع أسعار التذاكر على "الخطوط اليمنية" إلى رفع شركات التأمين رسومها على الشركة، الناقل الوحيد في اليمن، بالنظر إلى كونها تعمل في بيئة عالية المخاطر بفعل الحرب والصراع الدائر في البلاد.
وأدى الصراع والحرب وما نجم عنهما من زيادة نسبة المخاطر وأقساط التأمين على الحركة الجوية إلى توقف شركات الطيران العالمية والعربية عن العمل في السوق اليمنية، والتي كانت تقدر بحوالي 16 شركة، وبالتالي اقتصار حركة النقل الجوي على شركة الطيران اليمنية الحكومية والتي تمتلك 5 طائرات فقط.
وحسب مسؤول حكومي في الخطوط الجوية اليمنية، فضل عدم ذكر اسمه، تحدث لـ"العربي الجديد"، فإن طيران الخطوط اليمنية الحكومي أقدم في نهاية العام الماضي على تخفيض أسعار تذاكر السفر بنسبة تصل إلى 30 في المائة بالرغم من التبعات الكارثية التي سيتكبدها قطاع الطيران في ظل الظروف الراهنة التي يعيشها اليمن، مشيراً إلى أن هناك جهودا حثيثة يتم بذلها لتطوير العمل وتسهيل السفر وتحديث البنية التحتية، كما حدث أخيراً من بناء هنغار للصيانة في مطار عدن والعمل على توسيع أسطول اليمنية وشراء طائرات جديدة من المتوقع انضمامها خلال الفترة القليلة القادمة.
ويؤكد الخبير في الملاحة الجوية وائل الرماح، في حديثه مع "العربي الجديد"، أن هناك عدة أسباب لارتفاع تكاليف النقل الجوي في اليمن، منها انعدام المنافسة مع احتكار الخطوط اليمنية كناقل وحيد وما فرضته الأوضاع الراهنة من تخوف الطيران الأجنبي وشركات التأمين للعمل في اليمن.
ويلفت إلى ضرورة العمل على تخفيف الأعباء على اليمنيين بخفض أسعار تذاكر السفر بالتوازي مع تخفيف الأعباء والضغوط التي يواجها الطيران المدني اليمني وتسهيل مهامه والارتقاء بخدماته وفتح خطوط جديدة في عدد من الدول ومحاولة فتح الأجواء اليمنية للطيران المدني الخارجي.
ويلفت إلى أنه يجري نقاش مكثف أخيراً حول تخفيف القيود في هذا الاتجاه وما يتم تداوله خلال الفترة الماضية من توجه تتم دراسته يسمح لبعض خطوط الطيران العربية، خصوصاً خطوط الطيران المصرية، بالعمل في اليمن.
وتقدر الهيئة العامة للطيران المدني في صنعاء الخسائر والأضرار المباشرة وغير المباشرة التي تكبدها قطاع الطيران في اليمن حتى منتصف العام 2022، بنحو 6.5 مليارات دولار، منها 2.6 مليار دولار خسائر مباشرة، تمثلت في البنى التحتية من منشآت ومبان ومعدات وتجهيزات ملاحية، في حين أدى إغلاق واستهداف المطارات اليمنية إلى انخفاض قدراتها وإيراداتها بأكثر من 60 في المائة.
كما رافق الحرب في اليمن تدمير الأصول ومستلزمات التشغيل في المطارات اليمنية، وبالأخص ممرات الإقلاع ومدارج الطائرات ومرافق الدعم الجوي وبنسبة تصل إلى 40 في المائة من إجمالي الأصول والقدرات التشغيلية للمطارات اليمنية، كما تشير إلى ذلك تقارير صادرة عن الاتحاد العام اليمني للغرف التجارية والصناعية وهيئة الطيران الحكومية اليمنية والبنك الدولي.
ويؤكد الخبير الاقتصادي منصور البشيري، مدير مركز الدراسات والبحوث في الاتحاد اليمني للغرف التجارية والصناعية، لـ"العربي الجديد"، أن البنية التحتية والقدرات التشغيلية في قطاع النقل محدودة جداً مقارنة مع حجم الاحتياجات للسكان والاقتصاد على حد سواء، وتمثل عائقاً حقيقياً وكبيراً أمام المستثمرين ورجال الأعمال لتطوير أعمالهم وتوفير السلع والخدمات التي يحتاجها المواطنون اليمنيون.
ويقول الباحث الاقتصادي مختار السعيدي، لـ"العربي الجديد"، إن تكاليف السفر الجوي أصبحت تثقل كاهل اليمنيين، إذ يحتاج المسافر الواحد إلى أكثر من 600 دولار لشراء تذكرة سفر عبر الخطوط الجوية اليمنية تنقله إلى العاصمة المصرية أو العاصمة الأردنية، إضافة إلى تكاليف أخرى في استخراج جواز سفر أو التنقل بين المحافظات للوصول إلى المطارات العاملة المحدودة.