[ ارتفاع قياسي في أسعار غاز الطهو (محمد حمود/Getty) ]
تشهد عدة مدن في اليمن نقصا حادا في غاز الطهو المنزلي واختلالا في حصص التوزيع مع ارتفاع أسعاره إلى مستويات قياسية، كما هو حاصل في محافظة حضرموت، جنوب البلاد، التي دخلت الشهر الثاني على التوالي دون أي حلول من قبل السلطات المحلية لمواجهة هذه الأزمة في ظل ما تشهده من توترات وصراعات سياسية.
كما تشهد محافظات أخرى شحا كبيرا في غاز الطهو، ومنها صنعاء وتعز، وسط عجز حكومي عن توفيره.
وتطالب الجهات المحلية المعنية في حضرموت بزيادة مخصص المحافظة من الغاز المنزلي خلال الفترة القادمة، تماشياً مع تزايد الكثافة السكانية في مناطقها، واحتضانها للكثير من الأسر النازحة من مناطق الصراع من المحافظات اليمنية الأخرى.
وحسب مصدر محلي مسؤول، فضل عدم ذكره اسمه، تحدث لـ"العربي الجديد"، تأتي مطالبات الجهات المحلية لتفادي بروز الأزمات المتكررة في هذا الجانب وتحقيق العدالة في التوزيع لهذه المادة المنزلية المهمة.
واستكملت الحكومة اليمنية ممثلة بوزارة النفط والمعادن عملية إعداد الدراسات للمشروع الاستراتيجي المتعلق بإنشاء وحدة للغاز بالمسيلة، بقدرة إنتاج تبلغ ألف طن، ستعمل على تغطية السوق المحلي بحضرموت والمحافظات الأخرى من الغاز المنزلي، بالإضافة إلى مشروعي إنشاء منشأة متكاملة للغاز والنفط، وتوسعة خزانات منشأة بروم، بإضافة عدد من الخزانات من المتوقع أن تصل خلال الشهر القادم عبر ميناء المكلا.
في السياق، قال المواطن طالب بن غارم، من سكان حضرموت، جنوب اليمن، لـ"العربي الجديد"، إن هناك أزمة خانقة في غاز الطهو يعاني منها سكان وأهالي معظم مناطق حضرموت، إذ زادت أسعاره بشكل كبير مع انخفاض في المعروض من هذه المادة التي تسببت، بحسب حديثه، في تعطيل مطابخ كثير من الأسر في المحافظة.
وبادرت وزارة النفط والمعادن في عدن بدفع السلطة المحلية في حضرموت للعمل على خلق استقرار نسبي في تموين السوق المحلي لمختلف مناطق المحافظة من مادة غاز الطهو المنزلي، واستبدال أسطوانات الغاز المتضررة، إضافة إلى ضرورة تكامل العمل بمنشأة بروم الغازية، ورفع حجم الإنتاج اليومي من الغاز.
بدوره، يوضح عوض راشد، وهو تاجر غاز في مدينة المكلا بمحافظة حضرموت، لـ"العربي الجديد"، أن السوق بشكل عام بالنسبة للوقود والسلع الأساسية وغيرها من المواد والخدمات يتأثر بعوامل العرض والطلب، وهو ما تعاني منه الأسواق في مختلف مناطق أكبر المحافظات اليمنية من حيث المساحة (محافظة حضرموت) في ظل تنامي الطلب بشكل متزايد خلال الفترة الماضية على غاز الطهو بسبب استقبال المحافظة عددا كبيرا من المغتربين العائدين لأسباب متعددة من دول الاغتراب، مع ثبات الكميات المعروضة من هذه المادة المنزلية دون زيادة في حصص التوزيع تواكب هذه المتغيرات الحاصلة.
ولاحظت "العربي الجديد" انخفاضا كبيرا في المعروض من الغاز في تعز التي تعد أكثر المحافظات كثافة سكانية في اليمن، في حين تغطي سلطة صنعاء جزءا من النقص من خلال الكميات التجارية المستوردة عبر ميناء الحديدة شمال غربي البلاد.
وحسب مسؤولين في وزارة النفط والمعادن اليمنية في عدن، فإنها تعمل على وضع المعالجات لحل هذه الإشكالية التي تعاني منها معظم المحافظات والمناطق التابعة للحكومة اليمنية المعترف بها دولياً، إذ إن هناك عددا من المشاريع الاستراتيجية المهمة ضمن قائمة أولويات خطة عمل وزارة النفط والمعادن خلال العام 2023، تتمثل في توفير آلية لاستقرار السوق المحلي من مادة غاز الطهو المنزلي.
الباحث الاقتصادي سهيل مجاهد، يرى في حديث لـ"العربي الجديد"، أن تكرار مثل هذه الأزمات يعكس الفشل الذريع للحكومة اليمنية وأجهزتها ودوائرها العامة والسلطات المحلية في المحافظات في توفير الخدمات الضرورية للمواطنين والحد من تكرار الأزمات المعيشية.
ويشرح أن مهمة الحكومة بعد ثلاث سنوات من استقرارها في عدن التي اتخذت منها عاصمة مؤقتة البحث في تحسين أوضاع الناس واستعادة سبل ومصادر عملهم وتحسين معيشتهم والانتظام في صرف رواتب الموظفين المدنيين وزيادتها وصرف العلاوات والحوافز، بدلاً من الغرق في هذه المعمعة السنوية في الخدمات العامة التي تعجز عن توفير أبسط ما أمكن منها.
يختلف الباحث الاقتصادي عصام مقبل مع هذا الطرح، مبيناً في حديثه لـ"العربي الجديد"، ما تتعرض له الحكومة اليمنية وسلطاتها وأجهزتها في المحافظات من تقويض وعراقيل من قبل بعض المكونات والأطراف السياسية المسلحة، كما هو حاصل حالياً في حضرموت التي تشهد توترات متصاعدة، وقبلها ما حدث في شبوة، ما يؤدي إلى تشتيت التركيز على قضايا ومواضيع جدلية بدلاً من تحسين الخدمات العامة وتضافر الجهود لتطبيع الأوضاع في هذه المناطق وتحسين معيشة المواطنين.
وفي المقابل، حملت وزارة النفط والمعادن والشركة اليمنية للغاز بصنعاء شركة صافر الحكومية لعمليات الإنتاج والاستكشاف، ومقرها مأرب، كامل المسؤولية عن الحوادث والانفجارات الناجمة عن عدم إضافة ما قالت إنه مادة المركبتان إلى غاز الطهو المنزلي الذي يتم تحميله عبر المقطورات من صافر إلى المحطات المركزية بالمحافظات.
ويؤكد مسؤول في الشركة اليمنية للغاز في صنعاء، لـ"العربي الجديد"، أن الشركة تلقت العديد من الشكاوى حول انعدام مادة المركبتان "الرائحة" التي تتم إضافتها إلى مادة الغاز، ما أدى إلى وقوع حوادث وانفجارات في عدد من المحافظات والمناطق اليمنية التي تعتمد أسواقها بنسبة كبيرة على إنتاج شركة صافر الحكومية من غاز الطهو.