[ اليمنيون ينعون أديبهم وشاعرهم الكبير عبدالعزيز المقالح ]
نعت السلطات الرسمية والثقافية والفعاليات الادبية المنقسمة بين صنعاء وعدن والاتحادات الادبية والاحزاب السياسية شاعر اليمن واديبها الكبير الدكتور عبد العزيز المقالح الذي توفى أمس الإثنين بالعاصمة اليمنية صنعاء، عن عمر ناهز 85 عاما، بعد مسيرة إمتدت لأكثر من خمسة عقود من العطاء والإبداع الشعري والأدبي والفكري والثقافي.
ونقلت وكالة "سبأ" الحكومية عن بيان نعي للمجلس القيادة الرئاسي قوله إن اليمن خسرت برحيل الدكتور المقالح أحد أهم صناع الثورة السبتمبرية الخالدة وأصواتها الصادحة بقيمها وأهدافها الذين تصدوا لعهد الأئمة بالنضال والعطاء والفكر والأدب والشعر منذ وقت مبكر، مشيرا إلى أن الرعيل الأول من الأحرار اليمنيين تتلمذوا على يده وتشربوا من فكرهم وروحهم الوطنية ونضالهم العتيد.
العاشق لليمن
بيان المجلس الرئاسي، قال بأن عطاء الراحل الغزير في الفكر والشعر والتاريخ والنقد الأدبي لا يضاهى ولا يوازيه شيء في تاريخ اليمن المعاصر، مؤكدا أن روحه النقية ظلت تلقي بعبقها على كل إنتاجه وبالذات في مجال الشعر وهو العاشق لليمن ولكل ربوعه ولصنعاء التي لم يغادرها منذ عاد إليها عام 1978.
أما رئيس الحكومة معين عبدالملك فقال إن الوطن فقد برحيله أحد قادته الافذاذ الذين لعبوا دورا كبيرا ومؤثرا في تاريخ اليمن، وواحد من رجاله الاستثنائيين، وموسوعة فكرية وثقافية تميزت بالإبداع في كل المهام التي تقلدها خلال مسيرته الثرية والطويلة.
ووصفت وزارة الإعلام والثقافة والسياحة رحيل الدكتور المقالح "لحظة متشحة بالسواد وظرف متلبس بالظلمة ووطننا اليمني الحبيب يمرُّ بأصعبِ مُنحنياته التاريخية"، مضيفه أنه يغادر اليمن "هامة فكرية وأدبية السامقة خلد اسمه عميقاً في التاريخ بإنجازاته الكبيرة والمتنوعة".
واعتبرت وزارة الإعلام الدكتور عبدالعزيز المقالح من أبرز الأكاديميين اليمنيين من جيل الرواد، حيث أثري المكتبة اليمنية والعربية بثلاثة وثلاثون إصدارًا أدبياً وشعرياً وتاريخياً وفكرياً، فضلا عن المئات من الدراسات والأبحاث الأخرى المنشورة، ومئات التقريضات للعديد من الأعمال لمؤلفين وباحثين يمنيين وغير يمنيين.
ويعد المقالح واحدا من أهم الأسماء الشعرية التي مثلت إضافة ورصيدا لقصيدة التفعيلة والنقد العربي الحديث، علاوة على التعليم الأكاديمي الذي كان من أبرز أعلامه، في حين تقلد العديد من المناصب منها رئيس جامعة صنعاء ورئيس مركز الدراسات والبحوث اليمني ورئيس المجمع العلمي اللغوي اليمني.
خسارة لا تعوض
وبعث رئيس مجلس النواب سلطان البركاني، برقية نعي لمحمد عبدالعزيز المقالح، قائلا فيها إن "قلبي شق حزن عميق ورهبة وذهول بنبأ رحيل القامة الوطنية والأدبية العملاقة وإنه ليوم حزين مثخن بالوجع وخبر صادم لا نقوى على تحمله"، ويمثل رحيله "خسارة لا تعوض"، واصفا المقالح بـ " القائد التنويري وشراعاً يوجه سفن الأجيال من أجل انتصار الشعر والأدب وبناء دولة المؤسسات والمنارات العلمية بكل فخر وحق الأمة العربية".
وأضاف أنه بعد هذا "العمر الزاخر بالعطاء يودعنا تاركاً اليمن التي غنى لها وسقاها جميل حبره وهي تعيش معترك أمواجاً مضطربة وتعود إليها الإمامة الخبيثة بمشروعها المدمر للأرض والإنسان والثقافات والابداع وكل سبل الحياة، مشيرا إلى أنه ودع وعصابة الحوثي تعوث وتلوث الشعب اليمني.
وقال مجلس الشورى في بيان النعي "خسر اليمن أحد عظمائها الذين تركوا آثاراً لا تمحى في تاريخنا وثقافتنا وأدبنا المعاصر، مضيفا أنه "أمضى عمره كله دفاعًا عن اليمن الجمهوري، بينما أفنى حياته في محراب الكلمة المقاومة المناهضة لكل أشكال الظلم، والداعية للحرية والعدالة والمساواة، دافع عن اليمن الحديث شاعراً، ونافح عنها أديباً.
وفي السياق ذاته، قال رئيس ما يسمى بـ "المجلس السياسي" التابع للحوثيين مهدي المشاط إن برحيل المقالح خسر اليمن والأمة العربية واحدا من كبار شعراء اليمن وأهم رموزه، مشيرا إلى مواقفه الوطنية في الدفاع عن الثورة والجمهورية والوحدة، بينما اختار الانحياز لوطنه في مواجهة العدوان الأمريكي السعودي وقدم مثالاً صادقاً في التزام القضية الوطنية، حد قوله.
وأكد رئيس حكومة الحوثيين غير المعترف بها عبد العزيز بن حبتور، أن "اليمن فقد برحيله شخصية وطنية ورمزاً من رموزه الذين كانت لهم مواقف في الدفاع والانتصار للثورةَ والجمهورية والوحدة والثبات مع الوطن في مواجهته للعدوان"، مذكرا بدوره في إثراء تجربة الشعر العربي الحديث، فضلا عن كونه رائداً من رواد التنوير.
كما رثا الشاعر العظيم، وأحد أهم الأسماء الشعرية التي مثلت إضافة ورصيدا مختلفا لقصيدة التفعيلة والنقد العربي الحديث، العديد من الاتحادات الادبية والثقافية والأحزاب السياسية، حيث جاء في بيان لاتحاد الادباء والكتاب اليمنيين بأن "التجربة الإبداعية للشاعر الكبير عبدالعزيز المقالح ستظل منهلا لأجيال من المبدعين في الوطن العربي والعالم".
وقال الاتحاد إن "اليمن والأمة العربية والعالم خسروا بوفاة شاعر اليمن الكبير المقالح واحدا من أهم الأسماء الشعرية التي مثلت إضافة ورصيدا لقصيدة التفعيلة والنقد العربي الحديث، علاوة على التعليم الأكاديمي الذي كان المقالح من أبرز أعلامه".
وتابع البيان "ما تمتعت به قصيدته الحديثة ومقاله الرصين من سمات عززت من مكانته وكرست حضوره الإبداعي والإنساني اسما كبيرا وعلما عظيما من أعلام القصيدة العربية".
اليمن خسر أحد أعلامها الكبار
وإلى ذلك، أكد رئيس الهيئة العليا للتجمع اليمني للإصلاح، محمد عبد الله اليدومي أن اليمن فقدت ابنها البار الشخصية الوطنية التي أسهمت منذ بواكير العمر في الدفاع عن الثورة السبتمبرية والجمهورية ومقارعة الإمامة ومشروعها الكهنوتي السلالي.
وأوضح أن اليمن خسر أحد أعلامها الكبار، معتبرا ذلك خسارة مضاعفة في هذا التوقيت حيث يواجه شعبنا ارتدادات الإمامة بكل قبحها، والتي كان الفقيد في طليعة الذين واجهوها بحنكة، مشيرا إلى دور الفقيد في تشكيل الهوية الوطنية على أساس من نضالات اليمنيين، وجهوده الكبيرة في توثيق هذه النضالات التاريخية بمسؤولية.
ولفت رئيس الإصلاح، إلى أن الفقيد كان مناضلا جمهوريا، وأبرز الوجوه الثقافية والأدبية ليس على المستوى الوطني فحسب، بل كان قامة عربية سامقة، بعطائه الكبير وإثرائه للمكتبة العربية بنفائس نتاج الأدب والثقافة.
مات أديب اليمن
واعتبر نقيب الصحفيين اليمنيين الاسبق عبد الباري طاهر رحيل الدكتور عبد العزيز المقالح "فاجعة وخسارة كبيرة"، قائلا إنه "مات اديب اليمن شاعرها وكبيرها، الشاعر الرائد الذي ما انحنى، قارع بقلمه وبمسلكه وبإبداعه الشعري والنقدي والادبي ازمنة الطغيان والقهر".
وأضاف طاهر، الشاعر المقالح أفنى ازهى سنوات عمره في الاحياء الادبي وفي التجديد الشعري وفي التعليم وتقديم المثل الاعلى سلوكا وتواضعا وزهدا.
أما الأديب والروائي اليمني علي المقري وصف يوم رحيله بأنه "يومٌ حزين في تاريخ اليمن، حيث فقد هذا البلد المثخن بجراح الحروب أحد أبرز أدبائها في القرن العشرين؛ عبدالعزيز المقالح الذي كان أثره على الحياة الأدبية والثقافية في اليمن لا مثيل له".
واجه الظلم
الحزب الاشتراكي اليمني قال إن اليمنيين يعرفون عبد العزيز المقالح بأنه ذلك الشاعر الذي دوَّى صوته عاليا في وجه الظلم، بقصيدة العبور التي عبَّر من خلالها شاعرنا المقالح عن موقف اليمن تجاه مصر العروبة.
وأضاف برحيله فقدنا الإنسان المعلم الذي ظل لعقود مصدرا للمعرفة وللخلق الرفيع؛ مدرسة للأجيال؛ يصنع المعنى ويمنحه ويقدم بشخصه نموج الإنسان الفنان المثقف المنتمي لليمن كل اليمن، مؤكدا أن الفقيد بقلمه فتح الدروب وأشهر اسم اليمن، وبشعره جعله عنوانا آخر اسمه عبد العزيز المقالح.
وأشار إلى أن بشهرة المقالح الواسعة ظل قريبا من الناس واسع الأفق في تلقي اختلافاتهم وتقبل تبايناتهم، واصفا الفقيد بـ "الإنسان الجامع".