[ الجبايات المتعددة تكاليف السلع وتفاقم الغلاء(الأناضول) ]
يبدو أن عمليات الإصلاح المالي والاقتصادي التي يستهدف المانحون تحقيقها في اليمن لن تكون سهلة، لا سيما مع اشتراط أن تتضمن هذه الإصلاحات المنظومة الضريبية وإدارة المالية العامة بشفافية، بينما تتسبب الحرب التي مزقت البلاد في تعدد الإتاوات والضرائب المفروضة سواء في مناطق سيطرة الحكومة أو تلك الخاضعة لنفوذ الحوثيين.
وأفاد مصدر مسؤول في اليمن، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، بأن رسائل متواترة وصلت إلى الحكومة المعترف بها دولياً من أطراف ومؤسسات وصناديق مالية دولية تؤكد حاجة اليمن إلى الشفافية والمساءلة في توظيف الموارد العامة الشحيحة، من أجل المساعدة في تحفيز التمويل الإضافي من المانحين.
وأشار المصدر إلى أن خبراء صندوق النقد والبنك الدوليين الذين أجروا سلسلة اجتماعات ومباحثات مع مسؤولين في الحكومة اليمنية، أكدوا على ضرورة القيام بإصلاحات واسعة للإدارة المالية العامة، بما في ذلك تعزيز عمليات التدقيق الضريبي، وزيادة استخدام التكنولوجيا الرقمية، وتحسين إدارة الدين العام.
لكن الخبير الاقتصادي اليمني عصام مقبل، أشار إلى وجود صعوبات في سبيل تحقيق ما يرنو إليه المانحون في ظل الظروف الحالية، موضحا في حديث لـ"العربي الجديد"، أن ظروف الحرب أتاحت تسلل العديد من التكوينات والجماعات التي تشكلت خلال هذه الفترة إلى مفاصل ودوائر الدولة الرسمية ووضع يدها على القطاعات الإيرادية واستخدامها كمورد رئيسي سمح لها بإنشاء وتكوين اقتصادات خاصة بها، ما ساعدها على فرض نفسها كأمر واقع تنازع الحكومة صلاحياتها في جميع المؤسسات.
وكانت الطرق والمعابر إحدى أهم الأدوات الجبائية التي استخدمتها جميع الأطراف لفرض الرسوم الجمركية والضريبية مع استحداث إتاوات جبائية أخرى.
وفي السياق، قال علي عيسى، عضو الاتحاد العام اليمني للغرف التجارية والصناعية، لـ"العربي الجديد"، إن القطاع الخاص من التجار والصناعيين يدفعون جبايات وإتاوات غير قانونية على طول الطرق التي تنتشر عليها نقاط عسكرية وأمنية تعمل كمنافذ جبائية مزدوجة لا تنتهي إلا مع وصول السلع والبضائع إلى مخازن التجار سواء في صنعاء أو المدن الأخرى.
وهناك سلطتان تتسابقان في الحصول على الإيرادات المالية من خلال إجبار القطاع الخاص على دفع جمارك بشكل مزدوج وفقا للسلطة التي تحت أيديهما، إضافة إلى تحصيل الضرائب والزكاة ورسوم جبائية أخرى كالنظافة والتحسين، وفق مصادر تجارية.
واتهمت تقارير أممية صادرة خلال العامين الماضيين قيادات في جميع الأطراف في اليمن بالإثراء غير المشروع عن طريق هذه السلسلة المتعددة من الجبايات والإتاوات واختلاس الأموال المحصلة من هذه القطاعات والمنافذ الإيرادية العامة الخارجة عن سيطرة ونفوذ الحكومة اليمنية والمؤسسات العامة الرسمية.