[ تم تصنيف جماعة الحوثي إرهابية بقرار من مجلس الدفاع الوطني اليمني ]
لا يزال الحديث حول قرار مجلس الدفاع الوطني اليمني بتصنيف مليشيا الحوثي كـ"جماعة إرهابية" مستمراً، بين من يراه تأخر كثيراً، وآخرين يرون أنه لا يساعد في هذه اللحظة التي تعمل فيها أطراف عدة على إيجاد حل سياسي للأزمة اليمنية.
ولم تؤخذ تهديدات الحوثيين خلال الشهر الجاري باستهداف المنشآت النفطية في اليمن والسعودية على محمل الجد، حتى جاء الاستهداف الذي أجبر سفينة على التراجع من ميناء الضبة بمحافظة حضرموت، جنوب شرقي اليمن، إثر هجوم بطائرتين مسيّرتين.
وعلى ضوء ذلك الهجوم، جاء التصنيف الذي تم إقراره أخيراً كحدثٍ بارز يعتقد أنه تأخر كثيراً وكان من المفترض إقراره منذ 8 سنوات، لتتعالى التساؤلات حول ماذا بعد هذا التصنيف؟ وما الخطوات القادمة؟
تصنيف عقب التصعيد
بعد هجوم بطائرات مسيّرة استهدف ميناء الضبة في مدينة المكلا بمحافظة حضرموت جنوب شرقي اليمن، خرج مجلس الدفاع الوطني اليمني بقرارٍ نص على تصنيف الحوثيين جماعة إرهابية.
وقالت وكالة الأنباء اليمنية "سبأ"، (22 أكتوبر 2022)، إن مجلس الدفاع الوطني أصدر القرار رقم (1) لسنة 2022 بتصنيف مليشيات الحوثي الانقلابية، "منظمة إرهابية".
وأوضحت الوكالة أن القرار جاء "وفقاً لقانون الجرائم والعقوبات، والاتفاقية العربية لمكافحة الإرهاب، والاتفاقيات والمعاهدات الدولية والإقليمية المصدَّق عليها من قِبل الجمهورية اليمنية".
وأشارت إلى أنه بموجب القرار "وجَّه مجلس الدفاع الوطني الجهات ذات العلاقة باستكمال الإجراءات اللازمة لتنفيذ القرار".
ووفقاً للبيان "حذَّر الكيانات والأفراد الذين يقدمون الدعم والمساعدة، أو التسهيلات أو أي شكل من أشكال التعاون والتعامل مع هذه الجماعة الإرهابية، بأنه سيتم اتخاذ إجراءات وعقوبات صارمة تجاههم".
ما سبب القرار؟
في 21 أكتوبر، كانت محافظة حضرموت على موعدٍ مع هجوم حوثي استهدف ميناء الضبة، حدث في المياه بين رصيف الميناء والسفينة التي ترفع علم جزر المارشال، ولم يتسبب بخسائر في الميناء النفطي، الذي يحوي خزاناً سعته مليون برميل، و5 خزانات أخرى سعة كل منها 5 آلاف برميل.
لم يكن الهجوم الأول من نوعه، إذ استهدف الحوثيون سفينتي "هانا" و"التاج بات بليو ووتر" الراسيتين في ميناء رضوم بمحافظة شبوة، غرب حضرموت، في 18 و19 أكتوبر 2022، بدون خسائر، وفق بيان لوزارة النفط اليمنية.
واعتبر المبعوث الأممي إلى اليمن، هانس غروندبرغ، الهجمات تصعيداً عسكرياً مقلقاً للغاية، في حين رأت الولايات المتحدة وبريطانيا ودول أوروبية ودول الخليج، أن الهجوم "يصعد الوضع العسكري باليمن، وأن الحوثيين يرفضون المضي نحو السلام".
أما مليشيا الحوثي عقب صدور التصنيف الحكومي، فلم تتوقف عن تهديداتها، وواصلت التحليق بطيرانها المسير فوق ميناءي الضبة وشبوة، في وقتٍ قال موقع "يمن مونيتور" المحلي، إن شركات النفط العاملة بالمحافظة قد هددت بمغادرة البلاد حال استمر إيقاف إنتاج وتصدير النفط.
وكانت الحكومة اليمنية قد أعلنت عودة 5 شركات عالمية لإنتاج النفط، بعد توقف دام سنوات، في ظل تردي الأوضاع التي عاشتها البلاد بسبب الحروب المستمرة.
خطوات مهمة
يرى الكاتب والصحفي اليمني عبد الله المنيفي، أن مما يؤخذ على الحكومات اليمنية المتعاقبة "أنها لم تتخذ هذا الإجراء كخيار إجباري ألجأتها إليها المليشيات طوال سنوات من ممارسة العنف ضد الشعب اليمني حتى تفتح الخط للمجتمع الدولي ليتخذ نفس الإجراء".
ويشير إلى أن قرار مجلس الدفاع الوطني في الآونة الأخيرة ودعوة العالم لتصنيفها كذلك "مهم، لكن الشعب ينتظر خطوات عملية لإعطاء هذا القرار قيمته".
ويوضح "المنيفي"، في حديثه لـ"الخليج أونلاين"، أن "الأمر يتطلب تحركاً حكومياً تعززه قرارات حاسمة لمجلس القيادة الرئاسي، لمواجهة الإرهاب بكل الطرق، وأن تكون شاملة للمواجهة العسكرية لدحره، مروراً بالمواجهة الثقافية والفكرية، وصولاً إلى المواجهة الاقتصادية والمالية؛ بتجفيف موارده وقطع الشرايين التي يتغذى منها".
وتابع: "الإرهاب الحوثي أصبحت تغذيه موارد مهولة، داخلية وخارجية، وبعضها كان يفترض أن تكون موارد اقتصادية للحكومة الشرعية، لكنها فرطت فيها طوال سنوات وتركتها بيد المليشيات الحوثية، لتغذي حربها وإرهابها لليمنيين".
وأكد ضرورة "عدم إغفال أهمية أن يكون للدول العربية، وفي مقدمتها دول مجلس التعاون الخليجي، دور في دعم الحكومة والشعب اليمني لمواجهة هذا الإرهاب الذي يتجاوز تهديده اليمن، إلى الجوار والإقليم، والعمل وفق الاتفاقية العربية لمكافحة الإرهاب، والاتفاقيات والمعاهدات الدولية والإقليمية المصادق عليها من قبل اليمن".
ورقة ضغط
لعل الملاحظ من الهجمات الأخيرة أنها بدت كورقة ضغط لدعم موقف الحوثيين في مفاوضات تمديد الهدنة والحصول على تنازلات من الحكومة والتحالف بقيادة السعودية.
وكانت مليشيا الحوثي أمهلت، في 1 أكتوبر، شركات إنتاج النفط 24 ساعة لوقف نشاطها، وفي اليوم السابع من الشهر ذاته هددت قوات خفر السواحل التابعة لها السفينة اليونانية "ماران" من دخول ميناء الضبة لتدخل الحكومة بدلاً عنها السفينة المستهدفة "نيسوس كيا".
وتصف جماعة الحوثيين تصدير الحكومة اليمنية للنفط والغاز بنهب موارد اليمنيين، وخلال العامين الماضيين هاجمت مدينة مأرب شرق العاصمة صنعاء بضراوة؛ في محاولة لوضع يدها على حقول ومنابع النفط فيها، لكنها فشلت في تحقيق ذلك.
وتأتي هذه الخطوات عقب فشل تمديد الهدنة شهرين إضافيين بعدما بدأت، في مطلع أبريل الماضي، ومددت من 2 يونيو إلى 2 أغسطس، ومُددت للمرة الثانية لغاية 2 أكتوبر، لكن ارتفاع مطالب الحوثيين وضمنها مطالبتهم بنصف إيرادات النفط، أوقف أي تمديد للهدنة.