[ ناجي الذي أفرج عنه مؤخراً بعد 4 سنوات في سجون الحوثيين ]
حينما كان ناجي يعمل ضمن فريق إنساني عام 2017 لتقديم المأوى والغذاء لنازحي الحرب في مديرية الخوخة، غرب اليمن، لم يعجب ذلك ميليشيا الحوثي فقررت نسج مكيدة للإيقاع به.
اتصل أحد مشرفي الحوثي بناجي واهماً إياه بأن فاعل خير يريد تقديم 80 سلة غذائية لنازحي الخوخة في الجمعة والنجيية التابعتين لمديرية المخا، وحدد له أن يكون اللقاء في اليوم التالي بمدينة حيس الخاضعة لسيطرة الميليشيات حينها.
وبدافع حب الخير وتقديم العون للمحتاجين، فضلاً عن ثقته بالعمل الذي يقوم به باعتباره عملاً لا يلحق الضرر بأي طرف، اندفع ناجي صباح اليوم التالي إلى هناك رافضاً تناول وجبة الإفطار الذي أعدته زوجته حتى لا يتأخر عن الموعد المحدد للقاء. وعند وصوله أحاطت به أطقم الأمن الوقائي التابعة لميليشيات الحوثي وتم اقتياده إلى مدينة الحديدة.
وبحسب العربية نت فقدت زوجته أثره وغاب في لمح البصر دون أن يُعرف مكانه، فيما أغلقت ميليشيات الحوثي هاتفه، ورفضت السماح له بالتواصل مع أسرته، ليستقر به المقام متنقلاً بين زنزانات سجون الحوثيين في الحديدة وصنعاء، مع ما صاحب ذلك من تعذيب وحشي وحرمان من أبسط مقومات الحياة.
وبعد عام من الإخفاء، سُمح لناجي أخيراً بالتواصل مع زوجته فأبلغها أنه مختطف لدى الحوثيين ضمن الآلاف من السجناء الأبرياء الذين زجت بهم الميليشيات في سجونها سيئة الصيت.
يتذكر ناجي، المفرج عنه مؤخراً، المعاملات الوحشية لمشرفي السجون الحوثية بحق المعتقلين، وكيف حرموا المعتقلين من حق الدخول إلى دورات المياه، ونظام التغذية السيئ والمياه غير الصالحة للشرب، فضلاً عن رفض مشرفي الحوثي تقديم الرعاية والمعالجات الطبية لمن هم في حاجة إليها.
بل إن الأمر يتعدى ذلك إلى قتل المعتقلين، سارداً مأساة رجل مسن أصيب بآلام حادة في المسالك البولية وكيف قضى عليه مشرف حوثي حتى الموت عبر ضرب رأسه بأرضية السجن التي كان يتلوى فيها من الألم، إضافة إلى قصة معتقل آخر من الحديدة شخص الأطباء إصابته بالتهاب رئوي حاد، لكن عناصر الميليشيات رفضوا خضوعه للمعالجة واستمروا في تعذيبه إلى أن فارق الحياة متأثراً بالضرب العنيف الذي تلقاه.
يصف ناجي ميليشيا الحوثي، كما نقل عنه موقع "نيوزيمن"، بأنها "بلا أخلاق وبلا قيم"، قائلاً إنها "لا تشبه اليمنيين في شيء"، بل عناصرها عبارة عن مجرمين وقتلة انتزعت الرحمة من قلوبهم.
ولناجي مأساة ثانية، وهي أن زوجته التي أرادت أن تزوره في السجن بعد أعوام على احتجازه، انفجر بها لغم حوثي بالقرب من حيس أثناء توجهها إلى هناك على متن دراجة نارية مع شقيقها وزوج أختها مما أدى إلى وفاة الرجلين وإصابتها بجروح عميقة.
ورغم خسارتها كمية من دمائها، فإن عناصر الميليشيات رفضوا السماح بنقلها إلى المخا لتلقي العلاج، كما لم يسمحوا للمسعفين المحليين بنقلها إلى مركز طبي في حيس، كان يبعد عن مكان وقوع الحادث نحو 3 كلم.
واشترط عناصر ميليشيا الحوثي نقلها إلى القاعدة في محافظة إب، مما جعلها في مواجهة خطر الموت نظراً للمسافة البعيدة، بعد أن وصلت عصر ذلك اليوم.
ومن محافظة إب إلى صنعاء، نُقلت للعلاج وهي على وشك الاقتراب من لحظة النهاية، وعند شعورها بدنو أجلها كانت تطالب بزيارة زوجها لها، إلا أن ميليشيات الحوثي رفضت ذلك لتتوفى دون أن تحقق أمنيتها في زيارة زوجها والتعرف على ظروف الاحتجاز السيئة.
ويقول ناجي، كل ذلك حصل بينما عناصر الميليشيات يرفضون إبلاغه بالمأساة الجديدة التي حلت به، وأنه عرف من أحد جيرانه الخبر حينما حاول الاتصال بأقربائه وكانت هواتفهم مغلقة.
ويتابع: "شعرت أنني فقدت جزءاً من روحي، خصوصاً أن الشخص العزيز على قلبي توفي وهو يحاول اللقاء بي.. كانت أمنية مضرجة بالدم والألم"، يقول ناجي واصفاً مشاعره وهو يتلقى التعزية بوفاة حبيبته. ويضيف: "شعرت بالخذلان من ميليشيات الحوثي، وتساءلت ما الذي يدفعها إلى ارتكاب كل تلك الجرائم؟".
ومكث ناجي أربعة أعوام وهو يعاني الآلام دخل المعتقل الحوثي، وأفرج عنه في صفقة تبادل رعتها اللجنة الدولية للصليب الأحمر مؤخراً.