[ المبعوث الأميركي إلى اليمن تيم ليندركينغ (فايز نور الدين/فرانس برس) ]
تتكثف التحركات الدولية والأممية، تحديداً عبر المبعوث الأميركي إلى اليمن تيم ليندركينغ، في محاولة لضمان تمديد الهدنة اليمنية التي تنتهي في 2 أكتوبر/ تشرين الأول المقبل، فيما يبدو أنّ الضغط الأميركي سيتركز على أن تُمدد 6 أشهر دفعة واحدة، عوضاً عن شهرين كما يحدث منذ إبريل/ نيسان الماضي.
وتأتي هذه التحركات على الرغم من تزايد انتهاكات الحوثيين، بما في ذلك تنظيم الجماعة مؤخراً أضخم عرض عسكري في محافظة الحديدة.
ويقود المبعوث الأميركي إلى اليمن جهود تمديد الهدنة، إذ بدأ منذ أيام جولة تشمل الإمارات والسعودية وسلطنة عمان لـ"حث الأطراف على تكثيف المفاوضات التي تقودها الأمم المتحدة في الأسابيع الثلاثة المقبلة، فضلاً عن العمل على نحو عاجل ومتماسك واتخاذ الخطوات اللازمة لتمديد وتوسيع الهدنة التي توسطت فيها الأمم المتحدة"، بحسب بيان صادر عن وزارة الخارجية الأميركية في 8 سبتمبر/ أيلول الحالي.
وأشارت الخارجية الأميركية إلى أن توسيع الهدنة "يؤدي إلى زيادة المنافع الملموسة لجميع اليمنيين، وإحراز تقدم لا غنى عنه في دفع رواتب موظفي الخدمة المدنية، وكذلك توسيع وجهات الرحلات الجوية وفتح الطرق. كما أنه سيمهد الطريق لوقف دائم لإطلاق النار، وقرار يمني شامل ودائم يستجيب لدعوات الشعب اليمني للعدالة والمساءلة".
كما أشارت إلى أن الولايات المتحدة "تشعر بالقلق من الإجراءات الأخيرة للحوثيين التي تقوض الهدنة وتهدد المنافع المنقذة للحياة التي جلبتها للشعب اليمني. كما ندعو الحوثيين إلى الامتناع عن مثل هذه الأعمال ومواصلة تنفيذ بنود الهدنة مثل ما التزموا بها علنا في الأول من شهر أغسطس/ آب".
وبرزت الأحد تصريحات متعددة لليندركينع تصبّ في اتجاه دعم تمديد الهدنة وتوسيعها.
وقال المبعوث الأميركي في مقابلة مع قناة "الجزيرة": "نريد تمديد الهدنة بعد الثاني من أكتوبر لصالح اليمنيين، وهذا أمر يمكن إنجازه". وأضاف: "علينا كمجتمع دولي، وعلى قادة الحوثيين أن يبذلوا المزيد من أجل تمديد الهدنة، ومن أجل مزيد من الرحلات الجوية ومزيد من خفض التصعيد". كما دعا الحوثيين إلى فتح الطرق للمدن، لا سيما حول تعز، لأن هذه قضية إنسانية. وشدد على أنه "يجب ألا تتكرر هجمات الحوثيين على تعز، وعليهم الانخراط في جهود بناء السلام".
ودعا ليندركينغ الحكومة اليمنية والحوثيين أيضاً لتنفيذ التزاماتهم بشأن دفع رواتب الموظفين. وقال "إن المسألة الأساسية التي أعتقد أنه يجب أن نراها بعد الثاني من أكتوبر هي دفع الرواتب، وهذه قضية حيوية. لقد وافقت الحكومة اليمنية علناً على العمل بشأنها، ونريد أن يقدم الحوثيون الالتزام نفسه. أنا واثق أنه من خلال التعاون بين الطرفين يمكن تحقيق تقدم مهم، حيث نرى موظفي الدولة يقبضون رواتبهم للمرة الأولى منذ سنوات".
وأضاف: "هذا من فوائد الهدنة التي يجب تمديدها 6 أشهر بعد الثاني من أكتوبر، بهدف تحقيق مزيد من المكاسب للشعب اليمني".
من جهة ثانية، أشار ليندركينغ إلى أنّ وحدة مجلس القيادة الرئاسي "عنصر حيوي لبناء السلام في اليمن"، مشدداً على أنّ المجلس "يحظى بدعم إقليمي ودولي".
وجاءت تصريحات المسؤول الأميركي بعد التصدعات التي أصابت المجلس على خلفية استهداف قوات المجلس الانتقالي الجنوبي، المدعوم إماراتياً، قوات أمنية تابعة للشرعية في أكثر من محافظة جنوبية، مع العلم أنّ المجلس الانتقالي يترأسه عيدروس الزبيدي، الذي يتولى منصب نائب رئيس مجلس القيادة الرئاسي، وينظر إليه على أنه الحاكم الفعلي في جنوب اليمن، في وقت يستمر وجود رئيس مجلس القيادة رشاد العليمي في الرياض بعد أنّ كان غادر عدن في أغسطس/آب الماضي، في ما قال يومها إنها زيارة غير رسمية لأبوظبي والرياض.
في موازاة ذلك، قال ليندركينغ، في تصريحات صحافية أخرى (نقلتها قناة "الشرق")، إنه على مدى 6 أو 7 سنوات من الحرب في اليمن، لعبت إيران بشكل عام دوراً سلبياً، وساهمت في مفاقمة الصراع. وتطرق إلى تعمدها تهريب الأسلحة إلى اليمن وخرق القرارات الأممية في هذا الإطار، بالإضافة إلى تشجيعها الحوثيين على تنفيذ هجمات على الدول المجاورة (في إشارة إلى السعودية والإمارات).
وأضاف: "يسعدنا أن إيران أعلنت عن ترحيبها بالهدنة في إبريل (نيسان)، ويونيو (حزيران) وأغسطس (آب)، وما نرغب في أنّ نراه هو أنّ تستمر إيران في العمل بهذه الروحية، للمساعدة في دعم فكرة أنه لا يوجد حل عسكري لهذا الصراع". وأضاف المجتمع الدولي بأكمله يعلم ذلك ويدعمه.
ولفت المتحدث ذاته إلى أنّ الولايات المتحدة تعمل مع مجموعة الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي، و"هناك إدراك بأنه لا يوجد حل عسكري"، معتبراً أنه "يجب التحرك في المساحة المتاحة القائمة على احتمالية وجود مفاوضات سياسية ووقف دائم لإطلاق النار".
وفد حوثي يلتقي عبد اللهيان
في سياق غير منفصل، يواصل المتحدث باسم الحوثيين ورئيس الوفد المفاوض، محمد عبد السلام، زيارته إلى العاصمة الإيرانية طهران ولقاءاته مع المسؤولين الإيرانيين، حيث اجتمع، اليوم الأحد، مع وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان.
وفيما لم تعلن الخارجية الإيرانية بعد تفاصيل اللقاء، قال المتحدث باسم جماعة "أنصار الله"، في تغريدة، إنه التقى صباح اليوم الأحد وزير الخارجية الإيراني.
وعن عناوين مباحثاته مع أمير عبد اللهيان، قال عبد السلام: "استعرضنا خلال اللقاء آخر المستجدات السياسية والأمنية والإنسانية والعسكرية على مستوى اليمن والمنطقة".
وجاءت زيارة المتحدث باسم "الحوثيين" إلى طهران، التي بدأت الثلاثاء الماضي، بعد أيام قليلة من زيارة المبعوث الأممي إلى اليمن، هانس غروندبرغ، إلى إيران، في الرابع من الشهر الجاري، ولقائه وزير الخارجية الإيراني.
وأجرى القيادي الحوثي مباحثات خلال الأيام الماضية مع مستشار المرشد الإيراني الأعلى للشؤون الدولية علي أكبر ولايتي، ورئيس البرلمان الإيراني محمد باقر قاليباف، وكبير مستشاري وزير الخارجية للشؤون السياسية الخاصة علي أصغر حاجي.
وفي مباحثاته مساء السبت مع عبد السلام، أعلن مستشار أمير عبد اللهيان عن ترحيب بلاده باستمرار وقف إطلاق النار في اليمن، معرباً عن أمله أنّ تدشن الهدنة "مرحلة الدخول في رفع الحصار بشكل كامل ومن دون قيد أو شرط، والهدنة العامة والحوارات السياسية".
كما قال رئيس البرلمان الإيراني محمد باقر قاليباف، لدى استقباله عبد السلام، إنّ "الأعداء يقودون الحرب اليمنية نحو حرب اقتصادية لاستنزاف الناس"، مؤكدا أنه "في مثل هذه الظروف، فإن تعزيز روح الشجاعة والصبر والمقاومة يؤدي إلى التغلب على المشاكل"، وفقا لوكالة "تسنيم" الإيرانية.
وأعلن قاليباف عن دعم بلاده الحوار اليمني اليمني، مشبهاً ما يجري في اليمن بـ"الأيام الأولى لانتصار الثورة الإسلامية الإيرانية"، وقال إنّ "أميركا والكيان الصهيوني كانا على قناعة أنه يمكنهما الانتصار علينا في وقت قصير بعد الثورة، وأنه يمكنهما هزيمة الثورة".
قدم قاليباف سردية عن الحرب اليمنية منذ بدايتها، وقال: "إننا لطالما ننتج القوة، فيمكننا في جبهة المقاومة أن نهزم أعدائنا"، مضيفاً أنهم "لا يفهمون إلا لغة القوة".
من جهته، أكد المتحدث باسم جماعة "الحوثيين"، محمد عبد السلام، أنّ "قوة اليمن جزءٌ من قوة محور المقاومة"، قائلاً إن "اليمن يمر بظروف صعبة للغاية"، مقدماً الشكر لإيران على دعمها.
وأضاف أنّ "العدو يُقر أنه انهزم في اليمن ووصل إلى المأزق، وهذا ما دفعه للتفكير في فرض حصار اقتصادي"، مشيراً إلى أنه "في الوقت الراهن، وضعنا في الحرب بات أفضل من الناحية العسكرية والاقتصادية بالمقارنة مع الأطراف الأخرى". وتابع أنه "في حواراتنا مع مختلف الأطراف، نشعر أنهم انتبهوا إلى أنّ اليمن في حالة تقدم"، حسب قوله، مضيفاً أنّ "العلاقات مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية تكتسب أهمية كبيرة لنا".
وعن موقف جماعته حول الهدنة في اليمن، قال عبد السلام: "إنّ موقفنا من الهدنة أنها يجب أنّ تؤدي إلى إنهاء الحصار وخروج القوات الأجنبية من اليمن، وما لم تتحقق هذه الأهداف، فلا ينبغي أنّ تمدد الهدنة".
وفي مطلع أغسطس/آب الماضي، وافق طرفا الحرب اليمنية على تمديد الهدنة في البلد مدة شهرين إضافيين حتى الثاني من شهر أكتوبر/ تشرين الأول.