[ عامل ينقل الطحين في أحد أفران صنعاء (محمد حويس/ فرانس برس) ]
أكدت الحكومة اليمنية توافر مخزون غذائي من مادة القمح والسلع والمواد الأساسية يكفي لنحو أربعة أشهر، إلا أن وضع الأسواق المحلية لا يعكس هذا التقييم، في ظل شحّ ملحوظ للمعروض السلعي الغذائي خاصة الحبوب والقمح، وبقاء الأسعار بمستويات مرتفعة على الرغم من التحسن الذي طرأ أخيراً على الإمدادات في الأسواق الدولية.
ويعيش اليمن على وقع تبعات قاسية للحرب الروسية في أوكرانيا والتي كانت شديدة التأثير على الفئات والأكثر احتياجاً بالنظر إلى الأوضاع الحالية في البلاد، وانخفاض المخزون السلعي والذي يُعزى إلى اعتماد الدولة على نسبة استيراد مرتفعة والتي تصل إلى حوالي 45 في المائة من القمح الذي يستورد من روسيا وأوكرانيا.
وعملت الجهات الحكومية المختصة والتجار المستوردون خلال الشهرين الماضيين على فتح خطوط جديدة لاستيراد القمح من عدة دول بينها رومانيا وبلغاريا والهند وفرنسا، في حين كشفت وزارة الصناعة والتجارة عن مخاطبات رسمية لفتح خط عبر تركيا لإمدادات القمح الروسي والأوكراني.
وذكر مصدر مسؤول في وزارة الصناعة والتجارة اليمنية، فضل عدم ذكر اسمه، لـ"العربي الجديد"، أن الحكومة اليمنية تسعى إلى تعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص فهي المرتكز الرئيسي للعمل المشترك لتذليل الصعوبات والمعوقات أمام الإمدادات الخارجية من الغذاء والمحافظة على استقرار المخزون السلعي وضبط الأسواق المحلية من حيث توفر المواد الأساسية أو مستوى الأسعار.
وأكدت وزارة الصناعة والتجارة اليمنية في عدن أنها رفعت تقريراً شاملًا حول وضع المخزون الاستراتيجي والأمن الغذائي في البلاد لقيادتي المجلس الرئاسي والحكومة، لاتخاذ الإجراءات التي من شأنها معالجة التحديات ذات الصلة بإجراءات استيراد السلع المختلفة وأبرزها الغذائية.
عضو الاتحاد العام اليمني للغرف التجارية والصناعية علي عيسى، أوضح لـ"العربي الجديد"، أن نسبة كبيرة من التحديات التي يواجهها القطاع التجاري الخاص في اليمن محلية بحتة، تتمثل في صعوبة الحصول على الدولار لفتح الاعتمادات المستندية للاستيراد والاضطراب المتواصل في العملة الوطنية وعدم استقرارها، إضافة إلى عوامل خارجية تتعلق بصعوبات وتكاليف الشحن التجاري والتقلبات الحاصلة في الأسواق الدولية.
ولفت فضل منصور، رئيس جمعية حماية المستهلك في اليمن، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إلى أن هناك تأثيرات رافقت الاضطراب الحاصل في الأسواق الدولية بسبب تبعات الحرب الروسية الأوكرانية على أسعار المستهلك في اليمن وزيادة مساحة الفقر والجوع. ودعا إلى ضرورة معالجة تأثيرات هذه الأزمة الدولية على اليمن واليمنيين، وضرورة أن تستجيب الأسواق المحلية بشكل مباشر لأي تغيرات قد تطرأ في تحسن أسعار الغذاء وسلاسل التوريد.
واقترحت جمعية المستهلك اليمنية مجموعة من الإجراءات الموازية التي يجب العمل عليها، كدراسة إمكانية تنسيق إجراءات الاستيراد وتوحيد شراء المواد الغذائية الأساسية، وتنفيذ برنامج توعوي للتجار حول أهم الممارسات لتجاوز مشاكل ارتفاع أسعار الاستيراد يتضمن الصفقات المشتركة للمواد الغذائية الأساسية ووضع سياسات خاصة بشراء المواد الخام.
في السياق، أفادت منظمة الأغذية والزراعة (الفاو) بحدوث انخفاض ملحوظ في أسعار المواد الغذائية على مستوى الأسواق العالمية، في شهر يوليو/ تموز الماضي 2022. وانخفضت أسعار جميع الحبوب التي يشملها مؤشر المنظمة وعلى رأسها القمح بنسبة ملحوظة بلغت 14.5 في المائة.
وعزت المنظمة الانخفاض، جزئيًا، إلى الاتفاق الذي تم التوصل إليه في إسطنبول بشأن استئناف حركة التصدير من الموانئ الرئيسية للبحر الأسود، وبجزئه الآخر لتوافر الكميات خلال الموسم بفضل عمليات الحصاد الجارية في النصف الشمالي للكرة الأرضية.
في المقابل، ينتظر اليمنيون انعكاس هذا التراجع في أسعار الغذاء عالميًا على الأسواق المحلية في اليمن، إذ لا تزال الأسعار المتداولة في الأسواق المحلية مرتفعة بنسبة كبيرة لجميع السلع الغذائية الأساسية بحسب رصد قامت به "العربي الجديد"، إذ يصل سعر الدقيق إلى 43 ألف ريال في مناطق الحكومة المعترف بها دولياً، بينما يصل سعره إلى 22 ألف ريال في مناطق نفوذ الحوثيين.
وحذر "مركز الإعلام الاقتصادي" (منظمة أهلية) في تقرير من استمرار الصراع العسكري في اليمن، واصطناع معارك اقتصادية جانبية تزيد من سوء الوضع المعيشي لليمنيين الذين يدفعون ثمن ذلك الصراع.
وكشف عن حجم الفجوة بين سعر صرف الريال مقابل الدولار وأسعار السلع الأساسية في مناطق سيطرة الحوثيين، وانعكاس ذلك على القدرة الشرائية والمعيشية للمواطنين، حيث وصلت نسبة العجز من حيث تغطية الاحتياج الشهري للأسرة الواحدة في هذه المناطق إلى 85 في المائة، مقارنة بـ 2 في المائة في مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، التي تشهد انتظاماً في صرف رواتب القطاع الحكومي. كذا، أشار مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية "أوتشا"، إلى أن ارتفاع أسعار الوقود يؤدي إلى تفاقم أسعار سلع المواد الغذائية في عموم اليمن.