قال الأكاديمي والباحث العماني في الشؤون الاستراتيجية، عبدالله الغيلاني، إنه "لا تحول جوهريا في المقاربة العمانية إزاء اليمن".
وأكد الغيلاني في تصريح خاص لـ"عربي21": "ما أحسب أن هناك تحولا جوهريا في المقاربة العمانية إزاء اليمن، فمسقط لا تزال هي بوابة الولوج إلى صنعاء".
جاء ذلك في معرض رده على تساؤلات أثارتها جلسة مباحثات يمنية عمانية في الأيام الماضية في السلطنة، على أنها مؤشر على مقاربة جديدة لمسقط نحو اليمن من خلال اتفاقيات الشراكة والاستثمار.
وأضاف الأكاديمي العماني أن الأطراف الإقليمية والدولية تدرك مركزية الدور العماني في أي تسوية مستقبلية.
أما الشراكة الاقتصادية مع اليمن، خاصة محافظة المهرة (أقصى الشرق)، فأشار الباحث العماني في الشؤون الاستراتيجية إلى أن مسقط دأبت على تعزيز تلك الشراكة.
وقال: "وقد أسهمت السلطنة خلال العقود الأربعة المنصرمة بقسط وافر من المشاركة في بناء هياكل البنية الأساسية في تلك المحافظة اليمنية المحاذية لإقليم ظفار العماني".
وتابع: "والحق أن هناك اعتبارات جيوسياسية متعددة تفرض على مسقط تعظيم وشائجها بمحافظتي المهرة وحضرموت، في طليعتها الروابط الاجتماعية والامتزاج الثقافي والتماثل التاريخي".
وتشترك محافظة المهرة الاستراتيجية بمنفذين بريين مع سلطنة عُمان، فيما تمتلك أطول شريط ساحلي في اليمن يقدر بـ560 كلم على بحر العرب.
ولكن الباحث الاستراتيجي الغيلاني تساءل قائلا: "هل يرقى اليمن إلى أن يكون شريكا تجاريا فاعلا؟".
وكانت مباحثات نادرة منذ اندلاع الحرب قبل 8 سنوات، شهدتها صلالة بعمان، بين مسؤولين في الحكومتين اليمنية المعترف بها، والعمانية، أفضت إلى تفاهمات واتفاقيات في قطاعي النقل البحري والجوي والاتصالات وتقنية المعلومات، وفق ما ذكرته وكالة الأنباء العمانية الرسمية
وبحسب الغيلاني، فإن اليمن في لحظته الراهنة لا يتوفر على الحد الأدنى من الشروط التي تؤهله لبناء شراكة استراتيجية، وهو صائر إلى مزيد من التشظي السياسي والانهيارات الاقتصادية والتمزق الاجتماعي.
ويرى الأكاديمي والباحث العماني أن المحافظة على المهرة كمنطقة عازلة، هو المقصد الاستراتيجي للسلطنة، فـ"الاستقرار السياسي والتماسك القبلي والانضباط الأمني وقدر من الوفرة الاقتصادية كلها أولويات تسعى مسقط إلى تحققها لاعتبارات متصلة بالأمن القومي العماني".
ومهما يكن من أمر، وفقا للغيلاني، فإن اليمن بحالته الراهنة يشكل عبئا على السياسة العمانية، ويدفعها أحيانا إلى خيارات غير مثالية، موضحا أن "الدور العماني ترهقه التناقضات الإيرانية -السعودية، كما تضعفه الخصومة الإيرانية-الأمريكية".
وتشهد محافظة المهرة في أقصى شرق اليمن صراعا شديدا بين سلطنة عمان المحاذية لها، وبين دولة الإمارات، في واحدة من أبرز محطات الصراع على النفوذ بين الدولتين الجارتين خارج أراضيهما.
ومنذ عام 2017، سعت السعودية لتعزيز حضورها العسكري، وتوسيع دائرة نفوذها السياسي عبر سلسلة استقطابات قبلية وسياسية في محافظة المهرة، وهو أمر أثار حفيظة السلطات في مسقط، إذ ترى فيه تهديدا للنفوذ العماني التقليدي، وجنحت إلى تكثيف منازلتها للنفوذ السعودي.