مع كل صباح تحزم نساء منطقة الحسي في "ميفع" بمديرية بروم (65 كيلومترا غرب المكلا المركز الإداري لمحافظة حضرموت شرق اليمن) أمتعتهن سيرا على الاقدام قاطعات مسافة تتجاوز 5 كيلومترات من مساكنهن للوصول إلى أحواض الملح، حيث مصدر العيش لزهاء 500 امرأة من سكان المنطقة.
تغادر سهالة باعري في السابعة صباحا منزلها نحو ساحل المنطقة حيث تقع أحواض الملح، لتقضي ساعات في حفر الأرض مع زميلاتها في العمل وهي مهنة ورثتها كما تقول من آبائها الذين كانوا منذ عقود يعملون في هذه المهنة.
حفر أحواض الملح
عملية شاقة ومضنية تمر بها مرحلة استخراج الملح من باطن الأرض من قبل نساء ميفع بحضرموت، من خلال توزيع الأدوار بينهن في العمل.
ووفق سهالة يبدأ العمل بحفر أحواض الملح من قبل بعض النساء العاملات من خلال حفرة بسيطة يوجد فيها كمية من الماء الصافي الذي يتحول وفق وصف سهالة إلى ألوان عديدة بعدها بأيام من اللون الأزرق إلى اللون الأحمر ثم الأبيض، بعد ذلك تتم عملية الترسيب في الأحواض بعد تركه أياما تحت أشعة الشمس.
ويوجد في المنطقة 350 حوضا تعود ملكيتها لبعض النساء إرثا من أجدادهن، فيما تعمل ألف امرأة أخرى طيلة أيام الأسبوع باستثناء الجمعة؛ ويتم تقسيم العمل بينهن بواقع 15 يوما لكل فريق.
إنتاج بدائي
وتواجه العاملات في أحواض الملح كثيرا من المعوقات؛ حيث تقول صنعاء عساس العاملة بأحد أحواض المنطقة -في حديث للجزيرة نت- إنهن يعانين من صعوبة نقل مادة الملح من مكان الإنتاج إلى مقر الجمعية عبر ظهور الحمير، و"من ثم يتم طحنه في مقر الجمعية وتدفع النساء مبلغا من المال مقابل ذلك".
ووفق عساس فإن العمل الشاق وعدم وجود معدات حديثة للحفر دعا العاملات لتقسيم العمل بينهن من خلال مجموعتين خلال الشهر قبل أن يتم نقل الملح وطحنه وتسويقه من خلال جمعية لإنتاج الملح البحري في المنطقة.
وأضافت أن الحصول على الملح البحري لا يستمر طوال العام فهو يتم إنتاجه مرتين في الصيف و3 مرات في الشتاء، فيما إنتاج فصل الخريف يسبب لهن إشكالات بخسارته في حال لم تتوفر مواصلات لهن لنقله.
جمعية تسويقية تفتقر للإمكانيات
وقال خميس حتروش رئيس جمعية الحسي لإنتاج الملح البحري في ميفع بحضرموت للجزيرة نت؛ إن تأسيس الجمعية يعود ليناير/كانون الثاني 2020 بهدف تنظيم ومساعدة النساء العاملات في تسويق منتجهن للمحافظات الأخرى، لتحقيق مردود يتناسب مع حجم الجهد المبذول من قبل النساء اللائي تشكلت منهن الجمعية التي تفتقر للإمكانات لرفع مستوى العاملات في الأحواض.
ويؤكد حتروش أن الإنتاج يعتمد على طرق تقليدية وبدائية دون عزل الطين عند الإنتاج؛ حيث يتم الاستخراج للملح وتصفيته على الأرض وتحت حرارة الشمس وهي مصاعب تضاف لصعوبة النقل وأدوات الإخراج وتعبئة المنتج.
وخلال سنوات الحرب انخفضت عمالة الإناث بنسبة 28%، حيث يكشف إحصاء لمنظمة العمل الدولية خسارة 293 ألف امرأة عاملة في مجال الزراعة وتربية الحيوانات ومنتجات الألبان، في وقت يشكل ما نسبته 62% ممن حصلن على مؤهل جامعي كجزء من القوى العاملة وفق منظمة العمل الدولية.