جزيرة سقطرى اليمنية، لؤلؤة المحيط الهندي، الواقعة على الجنوب من خليح عدن، والتي اشتهرت بتسميتها التاريخية «جزيرة السعادة» تعد من الجزر النادرة والحيوية بجمالها الأخاذ وسحرها الفاتن وطبيعتها الخلابة، الغنية بموروثها النادر في الأحياء البرية والبحرية والأشجار النادرة، التي لا توجد إلا في أراضيها، وتعد ضمن مناطق التراث العالمي وفقا لتصنيف منظمة اليونسكو، التابعة للأمم المتحدة.
وجزيرة سقطرى اليمنية، التي أصبحت إداريا محافظة مستقلة عن محافظة حضرموت عام 2013 تضم أرخبيلا مكونا من 6 جزر، سقطرى أكبرها، فيما الجزر الخمس الأخرى المكونة للأرخبيل هي جزر درسة وسمحة وعبد الكوري وصيال عبد الكوري وصيال سقطرى، بالإضافة إلى 7 جزر صخرية وهي صيرة وردد وعدلة وكرشح وصيهر وذاعن ذتل وجالص، وتقع شمالي غرب المحيط الهندي، جنوبي خليج عدن، على بعد 380 كيلومترًا جنوبي السواحل اليمنية.
ووفقا لباحثين، تعد جزيرة سقطرى أكبر الجزر اليمنية بل والعربية مساحة، حيث يبلغ طولها 125 كيلو مترا وعرضها 42 كيلو مترا، فيما يبلغ طول الشريط الساحلي 300 كيلو متر، وعاصمتها مدينة حديبو، التي تعد الأكثر حضرية في أرخبيل سقطرى، ويبلغ عدد سكان سقطرى 175.020 نسمة وفقا لآخر تعداد سكاني أجري في اليمن عام 2004.
ساهم البُعد الجغرافي لجزيرة سقطرى عن الساحل اليمني والأفريقي في عزلتها عن المدنيّة الحديثة والتطور المادي الحاصل في العالم الخارجي، وهو ما جعلها فريدة في طبيعتها وبكر في مكوناتها، التي لم يمسها يد بشر، غنية بالاستيطان الحيوي، ما دفع بمنظمة اليونسكو التابعة للأمم المتحدة إلى إعلانها ضمن مواقع التراث الإنساني العالمي في قائمة المحميات الطبيعية العالمية في العام 2008.
وأرجعت منظمة اليونسكو أسباب اختيار سقطرى ضمن مواقع التراث العالمي إلى موقعها التي قالت انه «يحتل موقعا استثنائيا من حيث التنوع الكبير في نباتاته ونسبة الأنواع المستوطنة فيه». موضحة في بيان لها حينذاك ان «37 في المئة من أنواع النباتات (من أصل 825 نوعاً) و90 في المئة من أنواع الزواحف و95 في المئة من أنواع الحلزونيات البرية المتواجدة في سقطرى غير موجودة في أي منطقة أخرى من العالم».
وذكرت ان سقطرى تؤوي أنواعاً هامة من الطيور النادرة على المستوى العالمي يبلغ عددها 192 نوعاً، يتوالد 44 منها في الجزر، فيما يهاجر 85 منها بانتظام، ومن بينها بعض الأنواع المهددة بالانقراض. مشيرة إلى أن الحياة البحرية في سقطرى تتميز بتنوع كبير، مع تواجد 253 نوعاً من المرجان الباني للشعب، و730 نوعاً من الأسماك الساحلية، و300 نوع من السراطين والكركند والإربيان.
ويرجع مؤرخون أسباب شهرة وأهمية جزيرة سقطرى إلى بداية العصر الحجري حين ازدهرت بتجارة السلع المقدّسة، وبنشاط الطريق التجاري القديم، المسمى «طريق اللّبان» كما اشتهرت بإنتاج الند، وهو صنف من أصناف البخور، وبإنتاج الصبر السقطري كأجود أنواع الصبر، وكانت شعوب حضارات العالم القديم تنظر إلى هذه المنتجات كسلع مقدّسة وبالذات البخور والمر والصبر واللّبان ومختلف أنواع الطيب، وكانوا يطلقون على جزيرة سقطرى «الأرض المقدسة» وسميت عند قدماء اليونان والرومان «جزيرة السعادة».
صنّفتها صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية كأجمل جزيرة في العالم للعام 2010 نظراً للتنوع الحيوي الفريد والأهمية البيئية لهذه الجزيرة وانعكاسها على العالم.
وقال المركز الوطني للمعلومات في اليمن ان سقطرى هي «موطن أشجار المر وأنواع الطيور النادرة المعروفة بعيشها البحري، والتي هي أنواع هجينة فريدة من البحر الأحمر والمحيط الهندي والمحيط الأطلسي». موضحا أنها تحتضن أكبر تجمع للتنوع النباتي في العالم من أصل ما يزيد عن 600 نوع نادر، ومن هذه النباتات أشجار الصبر السقطري وأشجار اللبان والمر ودم الأخوين، ما يجعل الجزيرة متحفاً للتاريخ الطبيعي.
وذكر أنه اطلق على سقطرى، على مر العصور، أسماء عديدة منها جزيرة البخور وجزيرة اللبان وجزيرة دم الأخوين ومن الأسماء المستمدة من طبيعة الجزيرة الساحرة جزيرة النعيم وجزيرة البركة وجزيرة اللؤلؤة.
تقاذفتها الأعاصير عبر مراحل مختلفة من الصراع السياسي في اليمن، ففي الوقت الذي كان نظام الحكم الاشتراكي الذي حكم اليمن الجنوبي سابقا خلال عقدي السبعينات والثمانيات من القرن الماضي، يستخدم جزيرة سقطرى كمنفى أو سجن مفتوح لمعاقبة المعارضين لنظامه، تعرضت للإهمال التنموي من قبل نظام الرئيس الراحل علي عبدالله صالح، بذريعة الاحتفاظ بها كمحمية طبيعية.
فيما سقطت مؤخرا في أيدي القوات الإماراتية التي تعد ضمن قوات التحالف العربي في اليمن لإعادة الشرعية، والتي تحوّلت معها القوات الإماراتية إلى قوات استعمارية، حيث نشرت دولة الإمارات قواتها في جزيرة سقطرى كجزء من التدخل العسكري في اليمن، رغم أن سقطرى بعيدة كل البعد عن الساحل اليمني ولم تصلها تهديدات الانقلاب الحوثي، الذي يتخذ منه التحالف مبررا لتدخله العسكري في اليمن في آذار (مارس) 2015.
ومنذ حزيران (يونيو) 2020 أصبحت جزيرة سقطرى تحت السيطرة الكاملة لدولة الإمارات عبر قواتها العسكرية وأدواتها المحلية، ممثلة بالمجلس الانتقالي الجنوبي، والتي استماتت في السيطرة عليها، نظرا لما تحتله من موقع استراتيجي على خط الملاحة البحري الدولي الذي يربط دول المحيط الهندي بالعالم، بالقرب من طرق الشحن الرئيسية التي تهتم دولة الإمارات بالسيطرة عليها وحمايتها باعتبارها العمود الفقري لاقتصادها الوطني.