تسود مخاوف واسعة في اليمن من تهاوي قطاع الاتصالات، بعد قرار شركة "أم تي أن" للاتصالات إنهاء خدماتها في ثلاث دول من بينها اليمن، إذ تستحوذ الشركة على مساحة واسعة في السوق اليمنية.
وأفاد مسؤول في شركة "أم تي أن" العاملة في اليمن والتي اندمجت في عام 2006 مع شركة "سبيستل للاتصالات"، "العربي الجديد"، بأن قرار الشركة الأم لن يؤثر على عملها في اليمن واستمراريتها وموظفيها والتزاماتها تجاه المجتمع اليمني والمشتركين. وحسب تقرير رسمي صادر عن وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات اطلعت عليه "العربي الجديد"، فإن عدد المشتركين في خدمة الهاتف النقال في الجمهورية اليمنية وصل نهاية العام 2019 إلى نحو 18 مليوناً و597 ألف مشترك تتصدرها شركة يمن موبايل الحكومية بنحو 7.4 ملايين مشترك، تليها شركة "سبأفون" بنحو 5.7 ملايين، ثم شركة "أم تي أن" بحوالي 4.9 ملايين مشترك، فضلاً عن شركة خاصة رابعة هي "واي".
وأنقذ فيروس كورونا والإجراءات الاحترازية لمكافحته، هذا القطاع المهم من الانهيار مؤقتاً وأجل مشكلة كبيرة ظهرت أخيراً عقب قرار قضائي بإعلان إفلاس شركة "واي" للاتصالات إحدى ثلاث شركات خاصة للهاتف النقال عاملة في اليمن، (سبأفون، أم تي أن، واي).
وكانت المحكمة التجارية الابتدائية الخاضعة لسيطرة الحوثيين في صنعاء، قد أعلنت في فبراير/شباط الماضي إفلاس شركة (واي) للاتصالات، وهي آخر شركة أُطلقت في اليمن بعد يمن موبايل و"سبأفون" و"أم تي أن" وأول شركة تعلن السلطات القضائية إفلاسها، قبل أن تعلن الشركة قبل ثلاثة أيام وبشكل غامض ومفاجئ عودة انطلاقها مجدداً بعد حل الإشكاليات مع المستثمرين ووزارة الاتصالات وتقنية المعلومات الخاضعة لسيطرة الحوثيين.
كما وضعت السلطات القضائية والنيابية الخاضعة لسيطرة الحوثيين في صنعاء يدها نهاية العام الماضي على شركة "سبأفون" أول شركة اتصالات تم تأسيسها في اليمن، بعد أحكام قضائية تتهم الشركة بالتهرب الضريبي، الأمر الذي دفع مسؤولي الشركة للإعلان عن انتقال عمليات إدارتها الرئيسية إلى عدن العاصمة المؤقتة للحكومة اليمنية. مجمل هذه الاختلالات والاضطرابات التي تسود شركات الهاتف النقال في اليمن تنذر بخطورة وضعية قطاع الاتصالات الذي يعاني من مشاكل تقنية وصعوبات عديدة تهدده بالانهيار. وقال الخبير الهندسي والفني في قطاع الاتصالات، سمير الكراز، إن شركات الاتصالات في وضعية صعبة للغاية وفي مرحلة تدهور مريع بعد أن كانت من أهم الاستثمارات المربحة، رغم محدودية الإمكانيات التقنية والصعوبات الفنية التي واجهتها هذه الشركات خلال السنوات الماضية في اليمن.
ويرى الكراز في حديث لـ"العربي الجديد" أن شركات الهاتف النقال والاتصالات بشكل عام من بين أهم القطاعات التي تمحور حولها الصراع الاقتصادي في الحرب اليمنية الراهنة، نظراً للعائدات الضخمة التي يمكن أن تجنيها الأطراف المتصارعة من خلال وضع يدها على المنافذ الإيرادية لهذا القطاع والتفكير بمشاريع مماثلة خاصة بكل طرف. وواجهت شركات الاتصالات في اليمن تحديات عديدة خلال سنوات الحرب، حيث استهدفت طائرات التحالف أبراج الخدمة في أكثر من موقع، إلى جانب انقطاع الكهرباء وارتفاع أسعار المشتقات النفطية.
ويقدر تقرير صادر عن الشركة اليمنية للاتصالات خسائر قطاع الاتصالات جراء الحرب بنحو 100 مليار ريال نتيجة الاستهداف المباشر من قبل طيران التحالف لأكثر من 500 موقع وشبكة اتصالات منها 333 محطة إرسال هوائية خاصة بالتغطية لهواتف النقال التابعة لشركة يمن موبايل الحكومية والشركات الأخرى الخاصة. واعتبر الباحث الاقتصادي، أحمد عبد الكريم، خلال حديثه لـ"العربي الجديد" أن تدمير قطاع الاتصالات في اليمن إما بالقصف أو الجبايات أو "التفريخ" أمر متعمد في سياق تدمير البنية التحتية والخدمية ومقدرات بلد محدود الإمكانيات والموارد ليسهل تفتيته وتقسيمه وتجزئته والتحكم بمصيره.