[ أرشيفية ]
تستعد الأمم المتحدة لرعاية اجتماعات جديدة بين ممثلي الحكومة اليمنية وجماعة الحوثيين، في لجنة تبادل الأسرى والمعتقلين والمخفيين قسرياً من الطرفين، في ظل اتهامات متبادلة بالتهرب من تنفيذ الاتفاق الخاص بالتبادل، على غرار الانسداد الذي يواجه اتفاق الحديدة، إذ فشل رئيس فريق المراقبين الدوليين باتريك كاميرت، بجمع الطرفين على طاولة واحدة، للأسبوع الثاني.
وأفادت مصادر حكومية قريبة من لجنة شؤون الأسرى والمعتقلين لـ"العربي الجديد"، بأن الاجتماعات كان من المقرر أن تنطلق أمس، الإثنين، وجرى الترتيب لها من قبل مكتب المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفيث، ومقره العاصمة الأردنية عمّان، بهدف التوصل إلى حلٍ للمشاكل العالقة التي تعترض تنفيذ الاتفاق المبرم مطلع ديسمبر/ كانون الأول الماضي.
ووفقاً للمصادر، فقد برزت العديد من العقبات في طريق التنفيذ خلال المرحلة الماضية، إذ تحفّظ الحوثيون عن تقديم معلومات حول المئات من المعتقلين والمخفيين قسرياً في سجون الجماعة، من بين ما يزيد عن ثمانية آلاف اسم سلّمتها الحكومة خلال مشاورات السويد لممثلي الجماعة في اللجنة ذاتها، والذين قدموا بدورهم الآلاف من الأسماء يطالبون بمبادلتهم، ويقول الجانب الحكومي إن أعداداً منهم هم بالأصل في عداد القتلى.
غير أن رئيس لجنة الأسرى التابعة للحوثيين، عبدالقادر المرتضى، قال في تصريحات صحافية منذ أسبوع، إن هناك إنكاراً لـ"وجود مئات الأسرى الذين نعرف أماكن سجونهم"، بالإضافة إلى "رفض الإفصاح عن المخفيين قسرياً من الأسرى والمعتقلين"، بسبب ما قال إنها اعتراضات من "الإمارات ومرتزقتها على الاتفاق ورفض التعامل معه"، بالإضافة إلى "مماطلة السعودية وإخفائها لمئات الأسرى في سجونها على الرغم من اعترافها بهم مسبقاً".
وكان اتفاق الأسرى والمعتقلين الاختراق الأبرز الذي سبق انطلاق محادثات استوكهولم في السادس من ديسمبر الماضي. وخلال المشاورات، جرى تبادل أسماء ما يصل إلى 14 اسماً، معظمهم في سجون الحوثيين. ووقّع ممثلو الطرفين على آلية تنفيذية للاتفاق، بمشاركة اللجنة الدولية للصليب الأحمر، والمقرر أن تتولى عملية الاستلام والتسليم عبر طائرتها بين مطاري صنعاء (الخاضع للحوثيين) ومطار سيئون (الخاضع للحكومة الشرعية).
وينص الاتفاق على "إطلاق سراح جميع الأسرى والمعتقلين والمفقودين والمحتجزين تعسفياً والمخفيين قسرياً والموضوعين تحت الإقامة الجبرية على ذمة الأحداث لدى جميع الأطراف من دون أي استثناءات أو شروط، وذلك بهدف حل القضية بشكل كامل ونهائي"، وأن يسلّم كل طرف، بما ذلك التحالف السعودي - الإماراتي، جميع الأسرى "سواء كانوا يمنيين أو من دول التحالف، بمن فيهم قائد اللواء 115 فيصل رجب، والقيادي في حزب الإصلاح محمد قحطان، ووزير الدفاع السابق محمود الصبيحي، والمسؤول في الاستخبارات ناصر منصور هادي (الشقيق الأكبر للرئيس عبدربه منصور هادي)".
وفي تفاصيل التنفيذ، جرى تبادل الكشوفات وتقديم الملاحظات حولها، على أن تكون الخطوة المقبلة التوقيع على الكشوفات النهائية من جميع الأطراف وتسليمها إلى مكتب المبعوث الأممي ومنظمة الصليب الأحمر الدولي، ويبدأ التنفيذ خلال مدة لا تزيد عن عشرة أيام من التوقيع على الكشوفات النهائية، التي ما زال الطرفان يتبادلان الاتهامات بشأنها.
ويُعدّ ملف الأسرى والمعتقلين من أبرز الملفات التي شكّلت قضية محورية في مختلف محطات المشاورات منذ تصاعد الحرب في البلاد مطلع العام 2015، ويحتفظ الحوثيون بالعدد الأكبر من المعتقلين، ممن جرى اعتقالهم في مناطق سيطرة الجماعة، ويشمل ذلك معارضين للجماعة تقول الحكومة إن لا علاقة لهم بالحرب. وفي وقتٍ يشكل فيه الاتفاق تقدّماً مهماً، تبرز المخاوف من أن يظل حبراً على ورق، في ظل التعقيدات الموضوعة في طريق التنفيذ.
بالتزامن، فإن الوضع بالنسبة لاتفاق الحديدة، بوصفه على رأس مخرجات مشاورات السويد، ليس أفضل حالاً، بل يكاد يكون أشد تعقيداً، مع فشل فريق المراقبين الدوليين للأسبوع الثاني على التوالي بجمع ممثلي الطرفين في لجنة التنسيق وإعادة الانتشار على طاولة واحدة، وفي ظل الاتهامات المتبادلة بالخروقات.
وأكدت مصادر محلية، لـ"العربي الجديد"، أن باتريك كاميرت، اجتمع الأحد الماضي، مع ممثلي الفريق الحكومي في اللجنة، برئاسة نائب رئيس هيئة الأركان العامة اللواء صغير عزيز، للتباحث حول أحدث المستجدات والخطط المطروحة من الجانب الحكومي لتنفيذ "إعادة الانتشار" في الحديدة، فيما غاب ممثلو الحوثيين، الذين رفضوا حضور الاجتماع، للأسبوع الثاني على التوالي، على الرغم من أن الموفد الدولي كان قد نجح بإحضار الطرفين إلى جولتين من الاجتماعات لأسبوعين متتاليين.
وشنّ الحوثيون حملة ضد الهولندي باتريك كاميرت، وحمّلوه المسؤولية عن عدم تنفيذ اتفاق الحديدة حتى اليوم، وفقاً للتصريحات التي أطلقها رئيس الوفد المفاوض لجماعة "أنصار الله" محمد عبدالسلام، والذي قال إن كاميرت خرج "عن مسار الاتفاق بتنفيذ أجندة أخرى، ويبدو أن المهمة أكبر من قدراته"، وإنه "ما لم يتدارك غريفيث الأمر فمن الصعوبة بمكان البحث في أي شأن آخر". كما نشرت صحيفة "المسيرة" التابعة للجماعة، تقريراً قالت فيه إن "باتريك كاميرت أصبح جزءاً من المشكلة التي تعرقل تنفيذ اتفاق السويد المتعلق بوقف إطلاق النار وإعادة الانتشار في الحديدة".
وكان كاميرت قد رفض الاعتراف بخطوات الحوثيين بتسليم ميناء الحديدة لقوات تابعة لهم، واعتبار ذلك أحد مقتضيات اتفاق استوكهولم، الذي يطالب الطرفين بإعادة نشر قواتهما خارج مدينة الحديدة وموانئها. ويرى محللون سياسيون أن الاتفاق بالأساس احتوى ثغرات في الصياغة سمحت بالخلافات التي طفت إلى السطح، إذ لم ينص بشكل واضح على تسمية الطرف الذي يتسلم موانئ الحديدة والمدينة، ما جعل كل طرف يفصّل الاتفاق وفق ما يريد.