[ الأطفال والمدنيون أبرز ضحايا الحرب التي تقودها السعودية على اليمن (رويترز) ]
نسب تقرير نشرته صحيفة لوموند الفرنسية إلى المسؤول الأممي السابق يونس أبو أيوب القول في مقابلة أجرتها معه إنه كان يمكن لجماعة الحوثي الانسحاب من صنعاء بحلول نهاية مارس/آذار 2015، مضيفا أن السعودية حولت أزمة اليمن إلى أزمة إقليمية.
ويشير المسؤول الأممي إلى أن اتفاقية سياسية وطنية كانت على وشك التوقيع، وأنه رغم عدم كونها مثالية للجميع، فقد كان من الممكن تجنب الحرب المدمرة في اليمن.
ويضيف أبو أيوب -الذي كان مستشارا سياسيا لاثنين من المبعوثين الخاصين للأمم المتحدة إلى اليمن بين عامي 2014 و2016 والذي شارك في محاولات المنظمة لمنع الحرب في البلاد- أن السعودية حولت أزمة اليمن إلى أزمة إقليمية.
ويعزو المسؤول الأممي تدخل السعودية عسكريا في اليمن إلى ما صاحب انتقال السلطة إلى الملك سلمان بن عبد العزيز وصعود نجله محمد بن سلمان، الذي نتج عنه صراع داخل الأسرة السعودية، وإلى عزم الرياض أيضا على التصدي لنفوذ إيران حليفة الحوثيين.
صراع إقليمي
ويوضح أن تدخل السعودية في اليمن في 26 مارس/آذار 2015 حوّل الأزمة اليمنية إلى صراع إقليمي، مما أدى إلى صعوبة حلها اليوم، خاصة أن الحوثيين سعوا في وقت مبكر من عام 2014 إلى إنشاء سلطتهم الخاصة.
ويضيف أنه كان يمكن إرضاء الحوثيين، ويشير إلى اتفاق جرى في سبتمبر/أيلول 2014 على إنشاء حكومة وحدة وطنية بقيادة خالد بهاء.
ويقول إنه سرعان ما تناست الأطراف هذا الاتفاق، وذلك عندما فر الرئيس عبد ربه هادي منصور وطلب من السعودية التدخل، حيث لاحقه الحوثيون ظنا منهم أنهم يمكن أن يحتووا اليمن بكامله، وذلك بعد أن كانوا راضين بأراضيهم الشمالية إلى جانب صنعاء.
سلطة وراء الحكومة
وتضيف الصحيفة أنها سألت أبو أيوب عما إذا كان الحوثيون قد وافقوا على تقاسم السلطة، ليجيب أنهم كانوا مترددين في تنفيذ التزاماتهم، وأنهم سعوا في وقت مبكر من عام 2014 إلى تأسيس سلطتهم الخاصة من وراء السلطة الرسمية.
ويضيف المسؤول الأممي "رغم أنه لم يكن لدى الحوثيين وزراء في الحكومة فقد كانوا "يتسللون إلى الإدارة ويتدخلون في شؤون الدولة. إنهم كانوا يطالبون بدمج جزء من قواتهم في الجيش، كما فعل خصومهم الإسلاميون (الإصلاح)، المنتمون لجماعة الإخوان المسلمين، قبل عامين".
ويشير أبو أيوب إلى أن الرئيس هادي -الذي انتخب بالتراضي لفترة انتقالية- لم يكن في عجلة لمغادرة الحكم ولم تكن وراءه قوة في الإدارة ولا قبيلة قوية، الأمر الذي شجع الحوثيين على التقدم، خاصة أن معركة صنعاء لم تحدث فيها مقاومة، لا من جانب الجيش ولا من جانب حزب الإصلاح كما كان متوقعا.
ويضيف أبو أيوب أن الإصلاح أجل المواجهة مع الحوثيين إلى ما بعد التدخل السعودي، ثم تضاءلت مهلة الأمم المتحدة في عام 2015، وعندها أصبحت الرياض المرجع واللاعب الرئيسي في هذه القضية.
علي صالح
وأما عن سبب انضمام الرئيس اليمني الراحل علي عبد الله صالح للحوثيين، فيقول أبو أيوب إن صالح أراد الانتقام من الرئيس هادي وإذلاله والتخلص من اللواء علي محسن الأحمر ابن عمه وحليفه السابق لأكثر من ثلاثين سنة، وذلك بعد أن تخلى عنه في عام 2011 بوقوفه إلى جانب الثوار، وبذلك جعل مهمة الحوثيين أسهل.
ويضيف أبو أيوب أن السعوديين بعد أن لعبوا دورا في مبادرة مجلس التعاون الخليجي التي سمحت لصالح بالرحيل في عام 2011 أهملوا قضية اليمن، وأن تركيزهم تحول إلى سوريا مثل بقية العالم، حيث كانوا يأملون في سقوط رئيس النظام السوري بشار الأسد.
ويشير إلى أن هذا السياق ترك الأمم المتحدة حرة في المضي قدما في إجراء حوار وطني في اليمن، مضيفا أن الرياض سرعان ما أدركت خطر الحوثيين وتهديدهم لأمنها ومصالحها الوطنية، وذلك عندما دخلوا صنعاء.
القرار المشكلة
وأضاف أن تصديق قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 2216 على تدخلها العسكري في أبريل/نيسان 2015، ضيق من مجال المناورة على الأمم المتحدة، وبالتالي أصبحت الرياض المرجع والفاعل الرئيسي في هذه المسألة.
وأما بالنسبة لاتفاق ستكهولم بالسويد الذي جرى في 13 ديسمبر/كانون الأول الماضي تحت رعاية الأمم المتحدة، فيقول أبو أيوب إنه يعتبر بداية جيدة، لكنه يتوقع ألا يستمر طويلا لأن المشكلة السياسية لا تزال دون حل.
وتضيف لوموند أن أبو أيوب يتساءل إذا كان الحوثيون سيسلمون أسلحتهم، ومن سيستلمها منهم؟ وأين الدولة اليمنية اليوم؟
ويضيف أنه يبدو أن جريمة قتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي أضعفت السعوديين، مشيرا إلى ضرورة أخذ الحقائق الجديدة بعد عام 2015 في الحسبان.
تقاسم السلطة
وبالنسبة لمدى تقبل الحوثيين لتقاسم السلطة، يقول أبو أيوب إن الحوثيين يعتبرون سادة صنعاء رغم أن العديد من اليمنيين لا يدعمونهم، مضيفا أنهم قد يتقاسمون الحكومة، لكن السلطة الحقيقية سيكون تقاسمها أصعب.
ويقول إن وضع حد لتدخل الرياض لا يعني أن القتال سيتوقف، وذلك "لأن الآليات العسكرية ستبقى قائمة، والحوثيون هم المستفيد الأكبر من الحرب. هذا هو حزب الله الجديد. والمفارقة الأخيرة هي أن الصراع جعلهم لاعبا أساسيا، رغم أنهم لا يمثلون حتى غالبية الزيديين، ناهيك عن اليمنيين".