[ اليمنيون يعانون الفقر والفوضى الأمنية ]
يوم الخميس الماضي، أعلنت ثلاث دول خليجية هي السعودية والكويت والإمارات تقديم دعم مالي سخي بقيمة 12.5 مليار دولار إلى كل من البحرين والأردن.
وحصدت البحرين نصيب الأسد من المساعدات والمنح الخليجية، إذ استحوذت بمفردها على 10 مليارات دولار مقابل 2.5 مليار دولار للأردن.
وفي المقابل أمر الملك السعودي سلمان بن عبدالعزيز قبل أيام، بتقديم 200 مليون دولار فقط، على شكل منحة للبنك المركزي اليمني لدعم مركزه المالي.
السؤال المطروح هنا هو، أيهما أحق بمليارات ومنح ومساعدات الخليج المجانية، اقتصاد اليمن الذي يعاني الانهيار والفقر والضياع والمرض بسبب الحرب المدمرة التي يقودها التحالف السعودي الإماراتي منذ شهر مارس 2015 والتي دفعت بملايين اليمنيين إلى الوقوع في أتون الفقر والمجاعة والمرض والهجرة إلى خارج البلاد، أم البحرين، المملكة الخليجية الصغيرة التي لا يتجاوز عدد سكانها 1.5 مليون نسمة وتمتلك في المقابل ثروات نفطية حيث يصل إنتاجها اليومي 200 ألف برميل، كما أعلنت في بداية إبريل الماضي عن اكتشافها حقلا للنفط يحتوي على 80 مليار برميل، وهو الحقل الأضخم بالنسبة للاحتياطات الحالية؟
اليمن والبحرين كلاهما يعاني من أزمة خانقة تهدد العملة الوطنية بالانهيار، وتهدد البلدين بالتوقف عن سداد ديونهما الخارجية، خاصة مع انهيار الاحتياطي من النقد الأجنبي وزيادة الدين الخارجي، لكن المقارنة بين البلدين ليست عادلة، وبالتالي فإن الأولي، أي اليمن، أحق بالمساعدات والمنح الخليجية، أما الثانية، أي البحرين، فإن 30% من المساعدات الخليجة الأخيرة قد يكفيها وزيادة.
البحرين، مثلا، تعاني منذ سنوات من أزمة مالية خانقة، خاصة مع تهاوي أسعار البترول منذ العام 2014، وتراجع إيراداتها من السياحة والاستثمارات الأجنبية، كما تعاني من عجز مالي بقيمة 3.5 مليارات دولار في ميزانية العام الجاري 2018.
وعندما نتحدث عن أزمة البحرين، يكفي أن نقول إن صافي الأصول الأجنبية للبنك المركزي البحريني تهاوى إلى 1.77 مليار دولار فقط في شهر مايو/ أيار الماضي، كما ارتفع دين المملكة إلى أكثر من 20 مليار دولار، وتراجع سعر الدينار البحريني أمام الدولار لأدنى مستوى في 17 عاما.
بل إن الأمر وصل بالبحرين إلى أن تجد صعوبة في الاقتراض الخارجي عبر إصدار سندات دولية، والدليل ما حدث في شهر مارس/آذار الماضي، حينما فشلت المملكة في بيع جزء من سندات طرحتها في الأسواق الدولية، بسبب عزوف المستثمرين عن الشراء مع زيادة المخاطر، كما ألغت خططا لإصدار سندات تقليدية بسبب طلب المستثمرين أسعار فائدة عالية.
لكن على مستوى اليمن، فإن الحال لا يقتصر على وجود أزمة مالية ونقدية كما في البحرين، فهناك أزمة اقتصادية حادة وخانقة تتمثل في انهيار الاحتياطي من النقد الأجنبي، وارتفاع أسعار السلع والخدمات بمعدلات قياسية، واختفاء سلع ضرورية كالمشتقات البترولية من بنزين وسولار وغاز.
كما انهارت البنية التحتية للبلاد من طرق وكباري وشبكات كهرباء واتصالات بفعل الحرب التي يقودها التحالف السعودي الإماراتي، وهناك نحو 18 مليون يمني يجدون صعوبة في الحصول على الغذاء الكافي أو حتى وجبة يومية تسد أمعائهم الخاوية، وهناك 8 ملايين شخص يعانون من الجوع ويحصلون على مساعدات غذائية.
بل إن الأمم المتحدة حذّرت، نهاية شهر سبتمبر/ أيلول الماضي، من مجاعة حقيقية تهدد اليمن على خلفية تهاوي عملته الوطنية، وقالت في تقرير حديث لها إن تكلفة المواد الغذائية الأساسية باتت في غير متناول ملايين اليمنيين، وأنه إذا استمر التهاوي في سعر العملة، فإن نحو أربعة ملايين شخص آخرين سيقعون في ظروف ما قبل المجاعة.
إذن، من الأحق بمليارات ومنح الخليج المجانية، البحرين الذي يخلو من حرب أهلية ولديه ثروة نفطية ويفتخر بوجود قطاع مصرفي ومالي قوي، أم اليمن الذي حوله جيرانه الخليجيون من اليمن السعيد إلى أتعس دولة في العالم وأشدها فقرا وجوعا ومرضا؟