[ تعرضت معظم المعالم الأثرية في اليمن للتدمير ]
كشف تقرير حديث عن تعرض عدد من المعالم الثقافية والمدن الأثرية والتاريخية خلال مدة الحرب في اليمن لدمار واسع من قبل التحالف العربي، أو من قبل جماعة الحوثي المسلحة.
وقالت منظمة "سام للحقوق والحريات" (مقرها في جنيف) إنها وثقت مراحل التدمير للمعالم اليمنية، وكان من أبرزها تعرض "قصر السلاح"، شرق مدينة صنعاء، للدمار بقصف من قبل طيران التحالف بتاريخ 12 يونيو/حزيران 2015، وإلى جواره مبان أثرية في مدينة صنعاء القديمة.
أوضح تقرير المنظمة أن قرية فج عطان، كلها تعرضت للدمار بشكل كلي أو جزئي في ديسمبر/كانون الأول 2017، بسبب القصف المتواصل الذي تعرضت له صنعاء بشكل متقطع من قبل طيران التحالف العربي.
وفي صنعاء كذلك، تطرّق التقرير إلى تعرض مسجد وضريح الإمام عبد الرزاق الصنعاني، صاحب موسوعة "المصنف" في علم الحديث، وشيخ الإمام الشافعي، بمديرية سنحان، يوم الجمعة 10 إبريل/ نيسان 2015 لتدمير كبير بسبب قصف لطيران التحالف العربي.
وبالانتقال إلى مدينة تعز (جنوب غربي اليمن)؛ فقد كشف التقرير عن تعرض "قلعة القاهرة" التاريخية، التي بنيت في عصر الدولة الصليحة (1045-1138)، للتدمير الجزئي بسبب القصف الجوي للتحالف، وتحديداً في منتصف يونيو/ حزيران 2015، بعد أن كان قد اتخذها الحوثيون موقعاً عسكرياً لقصف المدينة المكتظة بالسكان، وبعد استردادها من أيدي الحوثيين، اتخذها القيادي أبو العباس السلفي موقعاً عسكرياً لكتائبه وتمّت استعادتها لاحقاً من قبل السلطات اليمنية في منتصف أغسطس/آب من العام الحالي.
وبحسب التقرير، فإن مؤسسة السعيد الثقافية في تعز التي كانت تضم مئات الآلاف من الكتب القيّمة، منها عناوين نادرة، قد احترقت تماماً في 12 يناير /كانون الثاني 2016، بسبب قصف تعرضت له من قلعة القاهرة التي كانت تسيطر عليها مليشيا الحوثي خلال تلك الفترة.
وفي عدن (جنوب البلاد)، رصدت سام في تقريرها تعرض "المتحف الوطني" في "كريتر"، أحد أهم معالم المدينة ورموزها الثقافية التاريخية، والذي يعود تاريخ بنائه إلى عام 1912، في عهد السلطان فضل بن علي العبدلي، للقصف في 12 سبتمبر/أيلول 2015 من قبل جماعات الحوثي.
كما وثق التقرير استهداف لـ "قلعة صيرة" التاريخية، بمدينة عدن والتي بنيت في القرن الحادي عشر الميلادي، وكان لها دور دفاعي في حياة المدينة خلال المراحل التاريخية المختلفة، وذكر التقرير أنها تعرضت للتدمير كذلك في يونيو/ حزيران 2015، بسبب قصف طيران التحالف القلعة بعد أن اتخذها الحوثيون موقعاً عسكرياً لهم عندما اجتاحوا المدينة.
مدينة صعدة (شمال اليمن) هي الأخرى معقل جماعة الحوثيين، وكان لها نصيب من تدمير آثارها التاريخية، ووفقا لتقرير المنظمة فقد تعرضت مدينة صعدة القديمة خلال سبتمبر/أيلول 2015، لقصف عنيف تسبب في خراب وتدمير أغلب المباني الأثرية واندثار معالمها بما في ذلك مسجد الهادي الذي يعتبر أكبر جوامع المدينة، ويعود تاريخ بنائه إلى عام 290 هجري.
ولم تسلم مدينة براقش الأثرية في محافظة الجوف (شمال البلاد) التي يعود تاريخ بنائها إلى القرن الخامس قبل الميلاد، من الاستهداف حيث قصفها التحالف بحسب المنظمة في أغسطس/آب 2015 ونتج من ذلك القصف دمار في أسوار المدينة الأثرية.
في نهاية أيار/مايو 2015، قالت المنظمة إن المصرف الشمالي لسد مدينة مأرب القديم تعرض للقصف من قبل طيران التحالف العربي واستهدفت مقاتلاته كذلك مدينة مأرب القديمة (وسط اليمن) وهي عاصمة الدولة السبأية، وتسببت المواجهات البرية في مناطق صرواح الغنية بالآثار في تدمير الكثير منها، إضافة إلى تضرر قلعة حريب التاريخية في المدينة ذاتها.
قلعة رداع (البيضاء)، يعود تاريخ بنائها إلى القرن الثالث الميلادي، في ديسمبر/كانون الأول 2014 قال تقرير المنظمة إنها تضررت بسبب القتال بين مليشيا أنصار الشريعة القاعدة من جهة، ومليشيا الحوثي من جهة أخرى واستخدمت في المعركة قذائف "آر بي جي" وأسلحة رشاشة وعبوات ناسفة في عملية قصف القلعة التي حوّلها الحوثيون إلى موقع عسكري، بالإضافة إلى تضرر مسجد ومدرسة العامرية. وتعليقاً على ذلك، قال الباحث في التراث اليمني والكاتب محمد المقبلي، في حديث إلى الـ "العربي الجديد"، إن استهداف المعالم الحضارية في اليمن يعتبر حرباً على الذاكرة اليمنية والتاريخ.
وأضاف المقبلي: "حينما يتم تدمير الذاكرة الحضارية اليمنية في مدن ومعالم يصل عمرها إلى آلاف السنين، هنا يستيقظ التاريخ اليمني مخضباً بجراحه وتبدو تلك المعالم التي تكونت من مواد أولية يصعب تعويضها بسهولة في مرمى الخراب، وما أقسى الخراب الذي يطاول الذاكرة الحضارية للشعوب والدول".
ودفعت مشاهد تدمير الآثار اليمنية ومدنها التاريخية المتكررة بمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو)، إلى مطالبة أطراف النزاع بتجنيب مواقع ومعالم الآثار أي شكل من أشكال الاستخدام والاستهداف العسكري.
وقد أولى القانون الدولي الأعيان الثقافية والطبيعية والبيئية أهمية خاصة أثناء الحروب، حيث حرّمت اتفاقيتا لاهاي لعام 1899 و1907 تدمير ملكية العدو أو حجزها، ما عدا حيث تدعو ضرورات الحرب إلى ذلك، وتحظران مهاجمة أو قصف المدن والقرى والبيوت والمباني المجردة من وسائل الدفاع، بأي وسيلة كانت".