[ طالب في جامعة صنعاء في مظاهرة احتجاجية ضد ميليشيات الحوثيين ]
عادت اليمن إلى دائرة الأضواء الدولية مع اندلاع نزاع جديد حول ميناء الحديدة مؤخراً، خاصة وأن الميناء يشكل المدخل الرئيسي لإدخال المساعدات الإنسانية للبلاد. مع ذلك، مازال الاهتمام الدولي بمدى تأثير الحرب على الجامعات والتعليم قليلاً.
فخلال العام الدراسي الذي انتهى للتو، مد الحوثيون، الميليشا المسلحة المدعومة من إيران، سلطتهم في المناطق التي يسيطرون عليها عسكرياً لتصل إلى الجامعات. حيث قاموا باستبدال أساتذة ذوي خبرة ومديري الجامعات بأخرين بحسب ميولهم السياسية ودون النظر لمؤهلاتهم الأكاديمية. كما قاموا بتغيير المناهج الدراسية بما يتناسب مع سياساتهم، وفقاً لمقابلات مع أكاديميين داخل وخارج البلاد.
قال عبد الرحمن الشامي، الأستاذ بجامعة صنعاء، الجامعة الحكومية الأكبر في البلاد،”إن الآلاف من الأساتذة – الذين يجسدون ضمير الأمة وفكرها – لا يعانون فقط من عدم دفع رواتبهم، بل هم أيضاً محاصرين من قبل الحوثيين.”
تعليقًا على التطورات في جامعة صنعاء، كتب الأستاذ وليد مهدي، الأستاذ المشارك بجامعة أوكلاهوما في الولايات المتحدة في رسالة إلكترونية، “لا شك أن الحوثيين يسيطرون تمامًا على صنعاء. لقد عززوا سيطرتهم المطلقة على المشهد، خاصة منذ وفاة الرئيس صالح [في ديسمبر 2017] ، من خلال الترهيب والتعذيب والسجن والاختطاف. وشملت حالة الطوارئ التي أعلنها الحوثيون من أجل “محاربة السعوديين” سياسات وإجراءات منعت أي نقد جدي أو حتى مطالب للسلام.”
تسبب سياسات الحوثيين في خلق المزيد من الصعوبات أمام الجامعات الحكومية، التي عانت بالفعل بدرجة كبيرة نتيجة للحرب في أفقر بلد في الشرق الأوسط. فبحسب دراسة أجراها أحد أساتذة التعليم في عام 2017، فإن عشرات المباني الجامعية قد دمرت وتعرض 25 مبنى تعليمي للدمار الجزئي نتيجة الصراع. (اقرأ التقرير ذو الصلة: التعليم العالي في اليمن: فوضى ويأس بسبب الحرب).
قال أسامة عبد الله، أستاذ الإدارة في جامعة صنعاء، إن السلطات الحوثية قدمت وظائف جامعية لمجموعة من أقاربهم الشيعيين المنحدرين من شمال اليمن. وشملت التعينات الجديدة، بحسب عبدالله، جامعات صنعاء و ذمار وإب والحديدة.
لكن التغييرات الجديدة قوبلت باعتراض من بعض الطلاب والأساتذة.
ففي شباط/ فبراير الماضي، نظم طلاب كلية التجارة في جامعة صنعاء مظاهرات للاحتجاج على قرارات الحوثيين. وقال عمار، وهو زعيم طلابي طلب عدم نشر اسمه كاملاً، إن الطلاب سيواصلون معارضة “هذه التدخلات الكارثية التي تهدد سلامة التعليم في جامعة صنعاء.”
كما دخل أساتذة جامعة صنعاء في إضراب للمطالبة بأجورهم التي لم تدفع منذ أكثر من عام. لكن المسؤولين الحوثيين طردوا الأساتذة المضربين واستبدلوهم بأساتذة جدد، معظمهم لا يحمل شهادة الماجستير، بحسب الشامي الأستاذ في الجامعة.
على صعيد أخر، أعلن حمزة الحوثي، أحد القادة الحوثيين، أن الجامعات في المناطق الخاضعة لسيطرتهم ستكون مطالبة بتدريس مساقات تتبنى وجهة نظر زعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي. وبحسب وجهة النظر هذه، فإن اليمن جزء من كتلة سياسية شيعية بقيادة إيران وهي في حالة حرب مع كتلة سياسية سنية بقيادة المملكة العربية السعودية.
يصف محسن الميدان، طالب ناشط في كلية التجارة في جامعة صنعاء، المساق بأنه “مجرد ترويج سياسي. كما أن أولئك الذين يدرّسون هذا المساق تم تعيينهم من قبل الحوثيين، وهم غير متخصصين في التدريس.”
ويعتقد عبد الرحيم أحمد، الأستاذ في جامعة صنعاء، أن الحوثيين يسعون لاستبدال مساق خاص بالثقافة الإسلامية بأخر يعكس الديانة الزيدية. قال “أنا لا أدافع عن مساق الثقافة الإسلامية، لكنه أفضل مما يريد الحوثيون تدريسه. لأن مفهوم الثقافة الإسلامية هو مفهوم الاعتدال وليس مفهوم التطرف. وبالتأكيد لن يعجز الحوثيون عن العثور على أساتذة لهذا المساق الجديد.”
بدوره، يعتقد مراد العزاني، أستاذ اللغة الإنجليزية في جامعة صنعاء، أن مساق الثقافة الإسلامية ليس بالقضية المهمة مقارنة بقضية عدم سداد أجور الأساتذة.
قال “غادر العديد من الأساتذة البلد، البعض توجه إلى دول الخليج، وبعضهم ذهب إلى العمل في المنظمات الدولية.” موضحاً أن نحو 300 أستاذاً طُردوا أو غادروا الجامعة طوعاً، في حين بقي حوالي 800 فقط. وأضاف “بعض الأساتذة موالون للحوثيين، وبعضهم يشعر بخيبة أمل، لكن لا يوجد شيء يمكنهم فعله حيال ذلك.”
وأكد الوزاني أن جميع المساقات الأخرى لم تتأثر بوجود الحوثيين. قال “بالنسبة للميليشيات الحوثية، فإن أهم شيء هو السيطرة على الجامعات من خلال وضع الموالين لهم في مواقع مهمة كالعمادة والرئاسة.” وأشار العزاني إلى أن الحوثيين طالبوا أيضاً بتدريس اللغة الفارسية في جامعة صنعاء “ليس لكونها لغة جميلة، بل لأنها لغة سياسية،” على حد قوله.
بدوره، يعتقد مهدي، الأستاذ في جامعة أوكلاهوما، أنه “وبصرف النظر عن الانتهاكات الإدارية المزعومة فيما يتعلق بتوظيف أعضاء هيئة التدريس، فمن الواضح أن ثقافة الخوف التي يتم إنتاجها من خلال الحكم الصارم للحوثيين ستؤدي بطبيعة الحال بالكثير من أعضاء هيئة التدريس إلى استخدام إحساسهم الرقابي الشخصي خلال تدريس موادهم وهو ما يعتبر تهديداً خطيراً للوظيفة التنويرية المأمولة من التعليم العالي.”