ألف يوم على "إعادة الأمل".. اليمن يشبه يوم القيامة
- الجزيرة نت السبت, 06 يناير, 2018 - 03:41 مساءً
ألف يوم على

[ ثلاثة أرباع اليمنيين بحاجة لمساعدات، و11 مليون طفل تحت وطأة المجاعة ومليون يمني أصيبوا بالكوليرا ]

بعد ألف يوم من حرب "إعادة الأمل" في اليمن تتحول مأساة اليمنيين لأرقام لا تنفك تقارير الأمم المتحدة والمنظمات الدولية عن نشرها، ويلخص وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية مارك لوكوك وضع اليمن بأنه يشبه "يوم القيامة".
 
 ومع فجر السادس والعشرين من مارس/آذار 2015، كانت طائرات التحالف العربي بقيادة السعودية تدك العاصمة صنعاء ومدن اليمن في عملية أطلق عليها "عاصفة الحزم".
 
 كان قادة التحالف يتحدثون عن عملية خاطفة لإعادة الشرعية للرئيس المنتخب عبد ربه منصور هادي من تحالف استولى على البلد بطريقة لا تزال غامضة تشكل من جماعة الحوثي وقوات الرئيس الراحل علي عبد الله صالح.
 
 وبعد أقل من شهر على اندلاع الحرب غيّر التحالف اسمها لـ"إعادة الأمل"، لكن كافة المعطيات تشير إلى أن عودة الأمل لليمن لم يتأخر ألف يوم فحسب، بل إن طريق اليمنيين طويلة نحو العودة لمعايير الحياة البشرية الطبيعية في القرن الواحد والعشرين.
 
ثلاثي المأساة

فثلاثي الحرب والمجاعة والأمراض باتت رفيقة اليمنيين، الأمر الذي دعا لوكوك للتحذير من أنه إذا لم تتغير الأوضاع في اليمن، فإنه قد يشهد أسوأ كارثة إنسانية منذ 50 عاما.
 
وحرب الأرقام في المأساة اليمنية تتصاعد مع تصاعد الحرب على الأرض، ويذكر تقرير أصدره المسؤول الدولي أمس أن أكثر من 22 مليون يمني من أصل 27 مليونا يشكلون عدد السكان بحاجة للحماية والمساعدات الإنسانية.
 
ويشير أيضا إلى أن 18 مليون يمني يعانون انعدام الأمن الغذائي منهم 11 مليون طفل بحاجة ماسة أكثر من غيرهم للمساعدات، كما أفاد أن المدنيين يواجهون مخاطر كبيرة، إذ وصل عدد الوفيات إلى أكثر من 8000 وأُرغم أكثر من ثلاثة ملايين على الفرار من ديارهم.
 
ووفق تقرير الأمم المتحدة، يفتقر 16 مليون يمني إلى المياه وخدمات الصرف الصحي والرعاية الصحية، بينما انكمش الاقتصاد اليمني منذ اندلاع الصراع مما أدى إلى تسريح 55% من القوة العاملة.
 
الكوليرا والدفتيريا
 
وتزداد حرب الأرقام المفزعة في اليمن مع بلوغ عدد المصابين بـالكوليرا مليونا توفي أكثر من 2000 منهم، وسط تقارير دولية تحذر من أن المأساة ستستمر، في ظل سباق مع الزمن تخوضه المنظمات الدولية لتوصيل نحو مليوني لقاح للحد من انتشار المرض قبل عودة موسم الأمطار لليمن في مارس/آذار الماضي.
 
ووسط الجدل الذي احتدم بين الأمم المتحدة والحكومة اليمنية بشأن المسؤولية عن إعادة اللقاحات بعد أن وصلت لمطار جيبوتي الصيف الماضي، بررته صنعاء بأنه نتيجة "خطأ فني"، استيقظ اليمنيون مؤخرا على عودة مرض الدفتيريا الذي بلغ عدد الإصابات به نحو 500، توفي 46 منهم، بعد أن انتشر في 18 من أصل 22 محافظة يمنية.
 
سياسيا، يتحدث محللون يمنيون عن استمرار ما يرونه "تخبطا" من التحالف العربي في استراتيجية الحرب هناك.
 
ويدلل هؤلاء على أن التحالف الذي قام تحت شعار إعادة الرئيس الشرعي الذي جاءت به المبادرة الخليجية عبد ربه منصور هادي لا يعول عمليا على هادي، ويشير هؤلاء إلى سلوك رأسي التحالف الإمارات والسعودية.
 
أجندات التحالف

ويرى مراقبون للشأن اليمني أن الإمارات سيطرت بشكل شبه تام على جنوب اليمن، وعلى موانئه الاستراتيجية من خلال القوات التي دعمتها بشكل لافت، كما قامت بدعم الانفصاليين هناك الذين أعلنوا مؤخرا مجلسا تأسيسيا وانتخبوا مقربين من الإمارات على رأسه.
 
وفي الشمال، لا تزال السعودية تعاني استمرار إطلاق الصواريخ البالستية على أراضيها من قبل جماعة الحوثي، كما تعاني من مشكلة الهجمات المستمرة على حدودها الجنوبية.
 
وظهر التخبط أيضا في رهانات البلدين على الرئيس الراحل علي عبد الله صالح الذي ظل حليفا للحوثيين على مدى عامين ونصف، وعندما قرر الانقلاب عليهم حاز على رعاية واضحة من إعلام الرياض وأبو ظبي، وهي الرعاية التي استمرت لأيام فقط حتى لقي صالح حتفه على يد حلفاء الأمس.
 
وبعد صالح عادت السعودية والإمارات للاتصال بقيادة التجمع اليمني للإصلاح المحسوب على جماعة الإخوان المسلمين، والمفارقة أن الدولتين تضعان الجماعة على قوائم الإرهاب.
 
في تحليل له لخص مدير برنامج الخليج في معهد واشنطن سايمون هندرسون الوضع السياسي في اليمن بالقول إن "الرياض تأمل أن تُنتج الحرب في المرحلة الأخيرة دولةً يمنيةً خاليةً من المشاكل وموالية للسعودية".
 
ويتابع "بينما يبدو أن الإماراتيين يفضلون العودة إلى الانقسام الذي كانت تشهده البلاد بين شمالها وجنوبها قبل توحيدها في عام 1990"، وتتفق الرياض وأبو ظبي على ما يبدو على أمر واحد، وهو انعدام ثقتهما بالمستقبل السياسي الطويل المدى للرئيس هادي رغم الدعم العلني الذي تقدمانه له.
 
وبين مأساة الإنسان وتخبط الساسة وانعدام الأمل لا عودته، يبدو أن الوجه السعيد لليمن لا يزال بعيد المنال بعد أن تجاوزت الحرب هناك يومها الألف.


التعليقات