ذكرت صحيفة "الغارديان" أن قناة "الجزيرة" القطرية قد تخفض عدد موظفيها، في تطور يعكس تراجع التزام الدولة بالقناة، التي دعمها الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، والتركيز على قنوات جديدة تدعمها الحكومة القطرية، تزامنا مع تراجع أسعار النفط العالمية.
وتقول الصحيفة في التقرير، الذي أعدته جين مارتينسون، إن التحرك المفاجئ من قطر، الذي قد يؤدي إلى إنهاء خدمات ما بين 800 إلى ألف وظيفة، يعني إنهاء خدمات ربع القوة العاملة في القناة، وهو ما ينذر بتخفيض التزام الدولة بالمجموعة الإعلامية التي دعمها الأمير الحالي. وكانت منظمة إخبارية ناجحة بشكل كبير من أجل الحفاظ على التأثير في العالم العربي وخارجه.
ويشير التقرير إلى أن الشيخ تميم بن حمد آل خليفة يقود البلاد منذ عامين، بعد أن تسلم الحكم من والده الشيخ حمد بن خليفة، الذي دعم القناة منذ عام 1996.
وتكشف مارتينسون عن أن قرار الإنهاء سيعلن بعد نهاية عطلة عيد الأضحى، ويأتي وسط تراجع في أسعار النفط والغاز، وبعد أن أنفقت القناة 600 مليون دولار من أجل إطلاق "الجزيرة أمريكا" عام 2013.
وتم توزيع بريد إلكتروني داخلي على موظفي القناة، يحضرهم "لقرارات مؤلمة".. مشيرة إلى أن فريق إنهاء خدمات العمل يواجه مهمة صعبة قبل إصدار القرار النهائي.
وتبين الصحيفة أنه يتوقع إخبار موظفي القناة من المذيعين والصحافيين والتقنيين العاملين في القناتين العربية والإنجليزية بالقرار في الأيام المقبلة. ولن تتأثر قناة "الجزيرة أمريكا" بهذه القرارات، وقد بدأت بالبث بعد شرائها من المرشح الرئاسي السابق آل غور، حيث كانت تعرف باسم "كرنت تي في". ويعمل معظم موظفي القناة البالغ عددهم 4700 موظف في قناة "الجزيرة" العربية.
وينقل التقرير عن مطلعين داخل القسم العربي في الدوحة قولهم، إن الصحافيين في الدوحة قد يواجهون مخاطر في حال عودتهم إلى بلادهم؛ بسبب مواقف القناة من القضايا المتعددة التي يمر بها الشرق الأوسط.
وتلفت الكاتبة إلى أنه في عام 1996، تم الإعلان عن إنشاء القناة بقرار أميري وبقرض مالي من الدولة، التي ظلت تدعمها منذ ذلك الوقت، وتحولت إلى قناة مثيرة للجدل والمصاعب، وبثت أشرطة تنظيم القاعدة، وخطابات أسامة بن لادن، وفي اتجاه آخر استضافت معلقين إسرائيليين.
وتورد الصحيفة أنه في الوقت الذي جلبت فيه التغطية المباشرة التي قامت بها القناة للثورات في مصر وتونس عام 2011، أعدادا كبيرة من المشاهدين في العالم العربي، إلا أنها تسببت بمشكلات لها مع الحكومات المحلية التي اتهمت القناة بدعم الإسلاميين. وانتقد النظام المصري تغطيتها للأحداث، واتهمها بدعم الإخوان المسلمين.
ويفيد التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، بأنه في آب/ أغسطس، حكمت محكمة مصرية على ثلاثة صحافيين بالسجن لمدة 3 سنوات، في قرار صدم منظمات حقوق الإنسان والمدافعين عن حرية التعبير.
وتستدرك مارتينسون بأنه رغم أن القناة الإنجليزية تتلقى الدعم من الدولة القطرية، وتوظف 530 موظفا، إلا أنها كانت دائما تؤكد استقلاليتها في مجال تحرير الأخبار. وانضم للقناة عدد من الصحافيين المشهورين، منهم ديفيد فروست، الذي توفي قبل عامين.
وبحسب الصحيفة، فقد كان مديرو القناة التنفيذيون قد التقوا في اجتماع على مدار يومين، وقرروا تخفيض عدد الموظفين، إلا أن موظفا تحدث عن القرار قائلا: "سيحدث إلا إذا حصل تدخل من جهات عليا".
ويشير التقرير إلى أن "الجزيرة" تقدم خدماتها التفلزيونية وعلى الإنترنت، من ثلاثة مقرات في الدوحة ولندن وواشنطن. وتعد قطر من أغنى الدول في العالم من ناحية ما يحصل عليه الفرد، إلا أن الثروة تعتمد على عائدات النفط والغاز، وقد تتأثر بتراجع أسعارهما.
وتنوه الكاتبة إلى أن الإشاعات قد انتشرت حول تخفيض عدد موظفي "الجزيرة" في عدد من الصحف العربية. وكتبت صحيفة مصرية معلقة بفرح، أن القرار "سيكون المسمار الأخير في نعش إمبراطورية الجزيرة".
وتعلق الصحيفة بأن تخفيض الوظائف في قناة "الجزيرة" يعني أن قطر مستعدة للاستثمار في قنوات أخرى مثل قناة وصحيفة "العربي الجديد"، التي يديرها العضو السابق في الكنيست والذي يعمل مع الأمير، الفلسطيني عزمي بشارة.
ويذهب التقرير إلى أنه رغم عدم شمول القرار لقناة "الجزيرة أمريكا"، إلا أنها واجهت مصاعب بعد استبدال المدير التنفيذي لها في أيار/ مايو، وبعد رحيل عدد من الموظفين وقضايا قانونية، وتعاني القناة منذ الإعلان عنها من مستوى منخفض من المشاهدين.
وتختم "الغارديان" تقريرها بالإشارة إلى أن متحدثا باسم القناة رفض تأكيد قرار تخفيض الوظائف، ولكنه قال إن "هناك أمرا سيحدث قريبا".