[ الفتى السوداني احمد ]
التاريخ هو 11 سبتمبر، اليوم الأسود في تاريخ الولايات المتحدة الأميركية، الذي يحمل ذكرى تفجير مبنى التجارة العالمي، ذلك الحدث الذي قلب العالم راساً على عقب، جالباً سوء الطالع لكل من يولد في هذا التاريخ.
أحمد، ابن الأربعة عشر عاماً والذي ينتمي لأصول عربية لم يسلم من التبعات التي لحقت هذا اليوم والتي طاردته حتى باب فصله المدرسي لولادته في هذا العام، فلم يدرك هذا اليافع أن قصته ستشغل الرأي العام العالمي وستعري أميركا من مشاكل التفرقة والتمييز العنصري التي مازالت تنخر النسيج المجتمعي هناك منذ القرن التاسع عشر.
شغف بالعلوم
لم يرتكب أحمد جريمة حتى ينال العفو عليها، لكنه ارتكب ما هو أسوء من ذلك كما ظنت مدرسته، لقد اخترع ساعة. وفي التفاصيل، اصطحب الطالب أحمد محمد إلى المدرسة ساعة بسيطة التركيب اخترعها في المنزل، ليعرضها على معلم الهندسة وزملائه بمدرسة “ماك آرثر” في مدينة آرفينغ بولاية تكساس كونه شغوف بالاختراعات والعلوم لتصبح قصة الطالب والساعة الأكثر تداولاً على مستوى العالم على موقع "تويتر" مساء أمس.
وأخبر المعلم أحمد بأن لا يعرض اختراعه على أحد من المعلمين إلا أن رنة صدرت بالخطأ من الساعة في حصة اللغة الإنجليزية أثارت شك المعلمة التي ظنت بأن الصوت المسموع هو لقنبلة موقوتة. الأمر الذي دفعها لطرده من الفصل وإعلام المدير لينتهي به الحال في جلسة استجواب من قبل أربعة ضباط لمعرفة قصة الساعة.
نظرة يسيطر عليها الارتباك ويشوبها الشعور بالألم أطلقها أحمد ويديه مكبلتان بالسلاسل في صورة التقطتها له أخته وهو في مركز احتجاز الأحداث، والتي ربما لن تغيب عن مخيلته طوال حياته. وقبل أم يسمح له بالعودة إلى المنزل، قامت الشرطة بأخذ بصمات اليافع لكنه لن يعود إلى المدرسة إلا بعد أن يمضي مدة ثلاثة أيام في المنزل. وفي يوم اعتقاله، كان أحمد يرتدي قميصاً عليه شعار وكالة الفضاء الأمريكية "ناسا"، مما يعكس عشقة للهندسة والتكنولوجيا. وقال أحمد: شعرت بأني إرهابي في تلك الأثناء ولن أقوم بعد ذلك اليوم بإحضار اختراعاتي إلى المدرسة."
تحيز
نظراً لتزامن القصة مع أحداث 11 سبتمبر، ربط والد أحمد الحادث بديانتهم، معقباً على مفهوم "الإسلاموفوبيا" والتي تعني الخوف من الإسلام والمسلمين.
وبين الأب أن ابنه تعرض لإساءات كبيرة بسبب اسمه المسلم بحسب ما جاء في موقع بي بي سي. وأشار إلى أن هدف أحمد هو اختراع مواد جيدة للبشرية، آملاً أن لا تتسبب هذه القصة في إحباطه وزعزعة طموحاته في مجال الاختراعات والعلوم.
من جهته، قال الناطق باسم الشرطة جيمس مكليلان أن الطالب لم يستطع خلال التحقيق من شرح الاستخدامات الممكنة لهذه الساعة، مما جعل الموضوع مريباً بالنسبة لهم. واختارت المدرسة عدم التعليق على القضية موضحة تعليماتها الموجهة للمعلمين في الإبلاغ عن أي أمر أو تصرف مريب قد يؤدي إلى تبعات سلبية".
تفاعل
انتشرت قصة الطالب أحمد كالنار في الهشيم على الشبكات الاجتماعية وأطلق مغردون وسم #IStandWithAhmed الذي تصدر الأوسمة الأكثر رواجا عالمياً، تعبيراً عن تعاطفهم مع قصة الطالب.
وكان الرئيس الأميركي باراك أوباما على رأس المغردين الذين تفاعلوا مع القصة حيث كتب على حسابه الرسمي في "تويتر": ساعة ممتازة يا أحمد ، هل تحب إحضارها إلى البيت الأبيض؟ إن علينا إلهام المزيد من الأطفال لحب العلوم مثلك، وهذا سيجعل أمريكا عظيمة".
أما أصغر مليونير في العالم ومؤسس "فيسبوك" مارك زوكربيرج ، فإنه قدم دعوة للطالب أحمد لزيارة مقر الشركة ولقائه عبر تغريدة قال فيها: ربما سمعتم عن قصة الطالب أحمد ذو الأربعة عشر ربيعاً في تكساس والذي اخترع ساعة واعتقل على إثرها بعد أن أخذها معه إلى المدرسة. وأضاف أن امتلاك المهارة والطموح لبناء شيء أمر يستدعي الفخر والتشجيع وليس للاعتقال. المستقبل لهؤلاء الذين يشبهون أحمد.