[ نوري المالكي ]
"قادمون يا نينوى تعني قادمون يا رقة، قادمون يا حلب، قادمون يا يمن"، بعبارة واحدة قرر نوري المالكي رئيس الوزراء العراقي السابق رئيس ائتلاف دولة القانون أن يخوض في ثلاث جبهات، من العراق حتى اليمن مرورا بسوريا.
ولكن الكلام الذي يخص بلادا عربية جاء في مؤتمر عقد في بغداد لما يسمى بالمجلس الأعلى للصحوة الإسلامية، وهو منظمة إيرانية أمينها العام مستشار المرشد الإيراني علي ولايتي.
تحدث المالكي عن مكافحة التطرف والطائفية، ورفض تجزئة المسلمين إلى محاور متصارعة على أرض العراق، فأين هذا من ممارساته خلال حكمه العراق، ومن أبرز تجلياتها سقوط الموصل التي يتهم الآن بعرقلة استعادتها.
خطاب واقعي
من بغداد قال عدنان السراج رئيس المركز العراقي للتنمية الإعلامية عضو ائتلاف دولة القانون إن ما جاء في خطاب المالكي لم يكن بعيدا عن الواقع الذي يعيشه العراق، مبينا أن المالكي يتحدث عن الإرهاب الذي تسبب بأضرار للدولة، واتسع ليصبح إقليميا ودوليا.
ومضى مفسرا بأن "قادمون يا نينوى" تعني أن هناك عمليات مماثلة على غرار "تحرير نينوى" ستحدث في الرقة وحلب واليمن لمحاربة التطرف والإرهاب، لافتا إلى أن المالكي في فترة حكمه لم يكن صانع محاور، بل واجه ظرفا "خشنا" تعامل فيه بحزم مع مليشيات شيعية قبل السنية.
أما مستشار المركز العراقي للدراسات الاستراتيجية يحيى الكبيسي فقال إنه لا وجود لتأويل آخر لما قاله المالكي سوى أن الرجل جزء من المحور الإيراني الذي اندفع إليه منذ عام 2011.
وبين أن التركيبة السكانية العراقية كانت تقتضي الابتعاد عن هذا الاستقطاب، لكن اليمين الشيعي المتطرف يجر العراق نحو مصادرة الدولة والذهاب إلى محور إيراني لا مجال للشك فيه، خصوصا حين تحدث المالكي عن اليمن.
خدمة اليمين الشيعي
وخلص في هذه النقطة إلى أن شعار "قادمون يا نينوى" الذي أطلقه رئيس الوزراء حيدر العبادي لم يكن موفقا، لأنه بدا ذا حمولة طائفية ردا على شعار "قادمون يا بغداد" الذي أطلقه المعتصمون في الرمادي، مضيفا أن العبادي تعمّد استخدامه، ومن بعده المالكي لخدمة اليمين الشيعي.
"مهووس بالصراع الطائفي الذي يحكم المنطقة" هذا ما يراه الكبيسي في المالكي الذي "أعاد إنتاج المليشيات الشيعية من خلال الحشد الشعبي ومن ثم استخدام فتوى المرجعية الشيعية لشرعنتها".
يذكر أن يومين فقط يفصلان عن صيحة "قادمون يا نينوى" وتصريحات لمستشار البرزاني اتهم فيها المالكي بعرقلة عملية استعادة الموصل حتى لا تتكشف أسباب سقوطها بيد تنظيم الدولة.
هنا يعلق المحلل السياسي محمد زنكنة متحدثا من أربيل قائلا إن المالكي كان ينوي تنفيذ انقلاب سياسي أو عسكري يعود من خلاله إلى قمة السلطة ويشرف على عملية تحرير نينوى، ليقول للناس إن له اليد الطولى وإنه يستطيع تنفيذ أجنداته حتى خارج العراق.
اصطفافات مؤقتة
من يمثل المالكي؟ يسأل زنكنة ويجيب بأنه يمثل كل من يعادي الكرد ومن يقف ضد العبادي في هذه المرحلة ومن يقول إنهم باعوا المحافظات السنية لتنظيم الدولة، ومن الذين لديهم عداء تاريخي معه، لكنهم انقسموا وحالف جزء منهم المالكي، غير أن تلك اصطفافات مؤقتة، لأن الرجل سيحاربهم واحدا تلو الآخر ما إن يصل سدة الحكم.
بدوره قال محمد المختار الشنقيطي أستاذ الأخلاق السياسية وتاريخ الأديان في كلية قطر للدراسات الإسلامية إن خطاب المالكي ردد الدعوة إلى الوحدة الإسلامية والتنديد بالتكفير والطائفية، لكنه لم يستطع مواصلة ذلك وغلبه طبعه التكفيري فختم الخطاب بتكفير الآخرين.
وأضاف الشنقيطي أن المالكي متهم حتى داخل البيت الشيعي بأنه هو من أجج الطائفية في العراق، لافتا إلى أن لغته "داعشية" شيعية يتجاهلها الإعلام في ظل انشغاله بـ"الداعشية السنية".
ورأى الشنقيطي في خطاب المالكي تعبيرا عن شخصية استقطابية عملت على التفرقة داخل العراق والآن في خارجه، كما أنه يمثل سلطة موازية، بل ينظر إلى العبادي كمرحلة فاصلة بين "ولايتين مالكيتين".