تتهم الولايات المتحدة الأمريكية المتمردين الحوثيين الذين سيطروا على العاصمة اليمنية صنعاء في سبتمبر/أيلول عام 2014 بشن هجمات متعددة بصواريخ مضادة للسفن باتجاه سفنها أثناء تواجدها في البحر الأحمر. وقد جاءت هذه الهجمات بعد استهداف الحوثيين لسفينة "سويفت" الإماراتية.
وفي الوقت الذي تقلى هجوم 1 أكتوبر/تشرين أول، الذي دمر السفينة الإماراتية سويفت معارضة شديدة من دولة الإمارات العربية المتحد واصفة هذا العمل بالإرهابي، كانت ردة فعل الولايات المتحدة الأمريكية للهجمات الصاروخية ضد سفنها شرساً جداً، على الرغم من نفي الحوثيين لتنفيذ تلك الهجمات، قامت الولايات المتحدة الأمريكية باستهداف ثلاثة مواقع لرادارات ساحلية على طول البحر الأحمر.
لم يستغرق وقتاً طويلاً الاعتقاد بأن ذلك الهجوم الصاروخي على السفينة سوف يتكرر والذي تم في 15 أكتوبر/تشرين بعد ساعات من الإفراج عن أثنين من المواطنين الأمريكيين الذي تم اختطافهم والإفراج عنهم من قِبل الحوثيين ونقلهم جوا إلى عُمان في بادرة لحسن النية تجاه الولايات المتحدة الأمريكية. رفض البنتاجون التقارير الأولية التي تتحدث عن خلل وظيفي في نظام الكشف لدى رادار المدمرة مؤكداً بأن المدمرة تعرضت لهجوم صاروخي بالفعل.
تعتبر التطورات الأخيرة من أعقد الصراعات في المنطقة ، حيث أن القوة الحالية لجماعة المتمردين الحوثيون والرئيس المخلوع علي صالح ربما ستمكنهم من الوصول لأهداف جديدة وتحويل الصراع اليمني من المستوى الإقليمي إلى المستوى الدولي وذلك بتهديد التجارة الدولية التي تمر عبر البحر الأحمر. في حين يرفض الحوثيون مسؤوليتهم عن الهجوم الصاروخي على المدمرة الأمريكية ، تظل الحقيقة هي أن الاعتداءات المتكررة على السفن في البحر الأحمر يشكل خطراً كبيراً ليس فقط على الوجود العسكري هناك ولكن أيضاً على التجارة والشحنات التي تمر عبر البحر الأحمر فضلاً عن التي تمر عبر مضيق باب المندب.
إن وصف دولة الإمارات العربية المتحدة للهجوم على سفينتها "سويفت" بالعمل الإرهابي وردة فعل الولايات المتحدة الأمريكية من خلال شن هجمات ضد المتمردين الحوثيين لا يشير فقط على أن تهريب أسلحة جديدة للحوثيون لن يتم التسامح معه ولكن يشير أيضاً إلى أن تهديد أمن التجارة في البحر الأحمر هو أمر لا يمكن قبوله.
يتم شحن حوالي 4 ملايين برميل من النفط يومياً عبر باب المندب والبحر الأحمر، لذلك فإن مثل هذه الهجمات من شأنها أن تضع هذا الشحن في خطر كبير بالإضافة إلى رفع تكاليف التأمين لتلك الشحنات. في حين أن وقف الشحن عبر مضيق باب المندب يعتبر من الأشياء غير الواردة بالنسبة للتجارة الدولية فإن تأمين البحر الأحمر يعتبر شيء أساسي لأصحاب المصلحة مثل أوروبا والولايات المتحدة الآتي يعتمدن على شحنات من نفط المنطقة والذي له نفس الشيء لدى اثنتين من الدول الرائدة في التحالف العربي الذي تقوده المملكة العربية السعودية "الإمارات العربية المتحدة ومصر".
لا تستطيع مصر مع كل المشاكل الاقتصادية الحالية أن ترى انخفاض عائدات قناة السويس خاصة بعد توسيع القناة. أيضاً دولة الإمارات العربية المتحدة مهتمة في تأمين استثماراتها عبر البحر الأحمر مثل موانئ دبي العالمية وأعداد أخرى من الموانئ في شرق أفريقيا التي تقع تحت إدارتها. عقدت الإمارات العربية المتحدة منذ بداية الحرب في اليمن عام 2015 صفقتين لإدارة موانئ في البحر الأحمر وفي مايو/آيار 2016 فازت موانئ دبي العالمية بصفقة لإدارة ميناء بربره في الصومال لمدة 30 عاماً ،وفي أواخر عام 2015 عقدت صفقة لاستخدام ميناء عصب الأرتيري لأغراض عسكرية كما تقول الأمم المتحدة. إن موانئ دبي تدير محطة حاويات "دوالية" في جيبوتي منذ عام 2008.
سوف يستخدم الرئيس المخلوع وجماعة الحوثي من استهداف التجارة الدولية كأداة لتعزيز موقفهم في أي جولة قادمة للمفاوضات. هناك رسالة واضحة من تحالف الحوثيون وصالح للمجتمع الدولي تفيد بأن الحوثيين قادرين على استهداف التجارة الدولية.
في الوقت الذي يعتبر فيه تأمين التجارة الدولية في البحر الأحمر أمر بالغ الأهمية بالنسبة للمجتمع الدولي، فإن وضع خطة سلام مستدامة تضمن عدم احتكار الدولة بالقوة لا تزال هي الأكثر فعالية لتأمين السواحل اليمنية.
أمل ناصر/ صحيفة المونيتور