[ الذكرى الثانيه لسقوط محافظة إب بيد الحوثيين ]
ارتبط يوم الثامن عشر من اكتوبر بذكرى أليمة في حياة محافظة إب سيسجلها التاريخ بأسف ويحتفظ بها أبناء المحافظة ليرووها للأجيال ففي هذا اليوم قل عامين سقطت محافظة إب اليمنية رسمياً بيد مليشيا الحوثي وصالح الإنقلابية بعد أسبوعين من سقوط العاصمة صنعاء بيدهم في 21 سبتمبر من ذات العام.
كانت محافظة إب هي الهدف التالي للمليشيا -بحسب وثائق نشرت بعضها قناة الجزيرة الفضائية في برنامجها الوثائقي تحت المجهر- حيث عمل جناحي الانقلاب (مؤتمر صالح والحوثيين) منذ وقت مبكر على تجهيز حاضنة مجتمعية في عدد من مناطق شمال وغرب المحافظة بالاضافة إلى قيادات المؤتمر الممسكة بالسلطة المحلية والتي نسقت واستقبلت المليشيا رسمياً وبشكل علني في المدخل الشمالي لعاصمة المحافظة.
بعد اتمام الترتيبات لإسقاط المحافظة كليا بيد المليشيا لم يكن أمام المتآمرين من عائق غير قيادة شرطة المحافظة برئاسة العميد فؤاد العطاب المحسوب على ثورة فبراير 2011م ولذلك كان هو الهدف الأول للانقلابيين بالمحافظة حيث تم استهداف مسكنه في تبة حراثة بالقصف المباشر بالأسلحة المتوسطة من الرشاشات المتمركزة على بعد كيلو متر تقريباً في الاستاد الرياضي فآثر الانسحاب حفاظاً على الأرواح التي اتضح أنها لا تساوي شيئ لدى المهاجمين.
انسحب مدير الشرطة حينها بعد مواجهات غير متكافئة اتضح أن طرفها المليشاوي مسلح بأسلحة الجيش كاملة أمام أسلحة الشرطة الخفيفة ، وكان انسحاب مدير الشرطة عقب ابلاغ جنوده بالانسحاب إلى مساكنهم وإرساله رسالة استقالة رسمية لوزير الداخلية.
لماذا إب
كانت المليشيا قد بدأت بالهجوم على محافظة إب قبل انقلابها على الشرعية وقبل اسقاطها حتى لمحافظة صعدة بوقت كبير ، حيث هاجمت عناصرها مناطق بمديرية الرضمة شمال شرق المحافظة وتصدت لها القبائل بقيادة الشيخ الدعام الذي أذاقها الويلات ولم يستسلم رغم توجيهات صالح له بذلك -حسب شهادته المتلفزة- بل قاوم وواجه توغل المليشيا محذراً من خطرها الذي استدركه من خلال الدعم الذي كانت تتلقاه ، وانتهى الأمر بقتل عدد من أتباعه بينهم ابنه وتفجير منزله بمدينة الرضمة وعدد من منازل غيره من المواطنين.
كانت محافظة إب الهدف الأبرز للمليشيا كونها تتوسط معظم محافظات الشمال كذمار والجنوب كالضالع وتعز والشرق كالبيضاء والغرب حيث الحديدة والساحل.
و تأتي أهمية محافظة إب كونها ثاني محافظة من حيث عدد السكان وفيها المخزون البشري لقوات الحرس التابعة للمخلوع خصوصاً مناطق شمال المحافظة كالقفر ومناطق خبان.
بواكير الرفض والمقاومة
من خلال المواجهات العنيفة بين المليشيا والقبائل بمناطق الرضمة قبل كل مناطق الجمهورية اتضح جلياً مقدار الرفض الشعبي المجتمعي للمليشيا بالمحافظة ( الاستراتيجية ) وهو ما انصدمت به المليشيا فالرفض مجتمعياً خالصاً وليس من طرف سياسي معين فالشيخ الدعام قائد أول مقاومة مجتمعية مسلحة في وجه المليشيا من أكبر القيادات المؤتمرية على مستوى الجمهورية ورفض توجيهات صالح بعدم المواجهة والسماح للمليشيا بالتوجه عبر الرضمة شرقاً لمناطق قيفة مفتاح محافظة البيضاء وكذا جنوباً لمناطق دمت ومريس مفتاح محافظة الضالع.
تلك المقاومة الشعبية والرفض المجتمعي أشعل الغضب لدى قيادات المليشيا التي وجهت كبار قادتها عسكريين وسياسيين بينهم يحيى الشامي الذي أشرف مباشرة على المواجهات من مدينة يريم المجاورة حيث مقر قيادة اللواء 55 صواريخ الذي كان له الدور الأبرز في اسقاط المنطقة.
تأسيس مبدأ المقاومة
من خلال ذلك يتضح أن محافظة إب كانت السباقة في الرفض والتصدي الشعبي والمجتمعي للمليشيا ، وأوقفت فكرة إسقاط المحافظات دون مقاومة بل أنها المحافظة التي أخذت زمام المبادرة وقاومت قبيل أن يعرف الناس مصطلح المقاومة الشعبية والجيش الوطني.
وفي المقابل أدركت مبكراً أبعاد المؤامرة وتوجهات الصراع وأن الوطن بالكامل يتعرض لخيانة كبيرة وواضحة من سلطات الدولة العميقة ، فلا تستطيع حركة شعبية عفوية تفتقر لأبسط المقومات كالتخطيط والتنظيم قبل السلاح والعتاد الوقوف في وجه أدوات دولة كاملة وسلاح جيش متكامل ، لكنها أسست لمبدأ المقاومة الشعبية.
مخاضات
قبل سقوط المحافظة بيد المليشيات كانت قد حدثت العديد من الأحداث الدامية غير معارك مقاومة أحرار مديرية الرضمة واستمرت عدد من الأحداث حتى يوم الثامن عشر من اكتوبر وما بعده وكلها مأساوية علقت بذاكرة أبناء المحافظة لأنها سطرت بدماء الضحايا وليس بحبر الأقلام ورقع الأوراق.
ومن أبرز سلسلة الأحداث التي رافقت يوم النكبة لمحافظة إب:
-اندلاع مواجهات واشتباكات مسلحة عنيفة في مدينة يريم منذ ليلة الجمعة وصباح السبت18 أكتوبر 2014م بين عدد من الأهالي الرافضين لتواجد المليشيا وذلك بعد عملية الغدر من قبل المليشيا ومهاجمة المدينة وتصفية عدد من أبنائها بينهم الطفل أسامة بدير 10 أعوام والذي لم تكتف المليشيا بقتله بعد تفجير منازل أسرته بل فخخث جثته بشكل إجرامي غير مسبوق لتقتل من يحاول الاقتراب من الجثة.
أسفرت الاشتباكات عن سقوط 3 قتلى من القبائل و 8 من المليشيا وأسر 3 اخرين بينهم أحد القيادات.
- المليشيا تفجر عدد من المنازل والمباني الخدمية بينها مستشفى في حارة بدير بالمدخل الشمالي لمدينة يريم.
- تم تأجيل لقاء كان مقرراً بين المحافظ وقيادات الأحزاب والمليشيا صباح السبت 18 أكتوبر 2014م إلى أجل لم يسمى.
-المليشيا تعاود نصب نقطة تفتيش في الخط الدائري لمدينة إب بعد فرارهم منها يوم الجمعة عقب مهاجمتهم من قبل مسلحي قبائل رداً على قتلهم لاثنين من أبناء الربادي.
- مسلحو القبائل يحكمون السيطرة على معظم منافذ المدينة خصوصاً المنفذ الشمالي في نقطة السحول والغربي في منطقو مشورة.
- توقف الدراسة بعدد من كليات جامعة إب لأجل غير مسمى.
- مقتل ما لا يقل عن 15 من عناصر المليشيا في كمين نفذه مسلحو القبائل في الساعات الأخيره من مساء الجمعة استهدف تعزيزاتهم في مدينة كتاب.
- هدوء حذر في مدينة إب عاصمة المحافظة منذ قبيل مغرب الجمعة وحتى مساء السبت ، وتوقف حركة المواطنين في الشوارع وترقب لما ستؤل إليه الأوضاع.
- نزوح جماعي للسكان من أحياء محيطة بالأستاد الرياضي وسط مدينة إب والذي اتخذت منه المليشيا ثكنة عسكرية لمسلحيها.
- انطلاق فعاليلت سلمية بعد بروز حركات شبابية مجتمعية أعلنت رفضها للمليشيا أشهرها حركة شباب من أجل اليمن التي نظمت أول وقفة احتجاجية مع عدد من الناشطين من شباب المحافظة طالبت فيها بإخراج المليشيا ورفضت الانقلاب على شرعية الدولة.
- استقالة مدير أمن محافظة إب العميد فؤاد العطاب من منصبه،
بعد مهاجمة المليشيا لمسكنه ومحاولة اعتقاله أو قتله.
وأظهرت تلك الأحداث السابقة معالم الصراع وبانت خفايا الأمور من مختلف المواقف لتتضح الرؤية كاملة وتنجلي حقيقة الإنقلاب واضحة للعيان بعد أن رأى الجميع ما حصل خلال الأحداث المتسارعة كمساندة قوات الحرس الجمهوري في معسكري يريم شمال المحافظة ومعسكر الحمزة جنوبها ووقوفها بعتادها وعدتها مع المليشيا ضد الوطن والمواطن لتخلف أبشع مأساة عرفتها اليمن.