[ من الضروري التمييز بين الحقيقة والخرافة فيما يتعلق بالإنفلونزا (الألمانية) ]
كثيرا ما نسمع الناس يتحدثون بشكل غير دقيق عن الإنفلونزا ونزلات البرد، حيث يعتبرون أنهما شيء واحد، كما أن هناك آخرين يعتقدون أن التلقيح ضد الإنفلونزا لا فائدة منه، بل تنتج عنه أضرار على الجسم، بالإضافة إلى العديد من الاعتقادات الأخرى حول تأثير فيتامين سي على هذا المرض.
وفي مقاله الذي نشرته صحيفة "الكونفيدونسيال" الإسبانية، قال الكاتب أدريان لوبيز إن من الضروري التمييز بين الحقيقة والخرافة فيما يتعلق بالإنفلونزا، وعدم تصديق كل المعتقدات الشائعة بين الناس، لذلك ينبغي توضيح بعض المفاهيم والحقائق العلمية التي تساعدنا على الحفاظ على صحتنا، وتجنب القلق الذي يصاحب عدم فهمنا لهذه الحالات.
ويرى الكاتب أن من الطبيعي أن يشعر الناس بالحيرة إزاء هذا المرض الواسع الانتشار، لدرجة أنه أصبح يمثل أولوية لدى المؤسسات الصحية في كل دول العالم.
ففي إسبانيا مثلا، تشير أرقام لجنة مراقبة الإنفلونزا في وزارة الصحة إلى أن عدد الذين عانوا من هذه العدوى خلال موسم 2018-2019، بلغ 490 ألف حالة استوجبت علاجا بسيطا، و35 ألف حالة استوجبت الإقامة في المستشفى.
وذكر الكاتب أنك إذا كنت من الذين يعتقدون أن الوقاية خير من العلاج ويريدون تجنب أضرار تغيير الفصول والطقس، فسيساعد الحصول على المعلومة الصحيحة على اتخاذ القرارات الملائمة للحفاظ على الصحة وتعزيز مناعة الجسم.
هل تعدّ الإنفلونزا ونزلات البرد شيئا واحدا؟
يؤكد الكاتب أن الإجابة هي النفي. فعلى الرغم من أن الحالتين تتشابهان في الأعراض، فإن هناك طريقة واضحة لتحديد المشكلة التي تعاني منها بدقة، وهو ما له تبعات مهمة في تحديد الدواء.
وذكر الكاتب أن هناك أكثر من مئتي نوع من الفيروسات التي تسبب احتقان الأنف، كما تتراوح فترة حضانة الفيروسات التي تسبب الإنفلونزا في الجسم ما بين 18 و36 ساعة. أما فيروسات نزلة البرد، فتصل فترة حضانتها إلى 48 أو 72 ساعة.
وبسبب تنوع الجراثيم يكون انتشارها سهلا خلال العديد من الفترات من السنة، وتغير طريقة ظهورها، وتأثيرها على حياتنا اليومية.
وأوضح الكاتب أن سيلان الأنف يعد واحدا من أهم أعراض نزلات البرد، وقد يصاحبه أيضا إحساس بالاحتقان. وعلى عكس ذلك، عندما نعاني من الإنفلونزا أو النزلة الوافدة، يكون الأنف عادة جافا. وعموما، يحدث العطاس في كلتا الحالتين، أما حكة العين فهي من الأعراض المرتبطة عادة بمشاكل الحساسية.
ونبّه الكاتب إلى أن أهم علامة ينبغي الانتباه إليها والحذر منها تتمثل في الحمى، حيث إن ارتفاع حرارة الجسم لا يحدث كثيرا مع نزلات البرد، ولا يكون حادا.
في المقابل، ترتفع درجة الحرارة بشكل كبير مع ظهور الإنفلونزا ومهاجمة الفيروسات للجسم، لذلك ينبغي الحذر من خطر التعرض للعدوى.
وأوضح الكاتب أن المعاناة من بعض الأعراض -مثل الإصابة بالحمى على مدار أربعة أو خمسة أيام- تعد أمرا طبيعيا، وهو ما يعني أن وسائل الدفاع في الجسم تحاول مقاومة الفيروسات، إذ إن السعال المصحوب بالمخاط والتهاب الحلق واحتقانه من الأمور الطبيعية عند الإصابة بالبرد.
وفي حال لم يكن هناك مخاط، وكان السعال جافا مع وجود آلام حادة في الرأس وعضلات الظهر والساقين، فإن ذلك يعد من أعراض الإصابة بالإنفلونزا.
الخرافة 1: التلقيح غير مفيد
وأشار الكاتب إلى أن الأطباء يتفقون على أن التلقيح يمثل أول خطوط الدفاع بالنسبة لكل شخص تجاوز عمره الستة أشهر.
وعلى العموم، من الخطأ الاعتقاد أن التلقيح لا يؤثر على انتشار هذا المرض، إذ إنه خلال موسم الإنفلونزا في الولايات المتحدة خلال عامي 2016 و2017، ساعد التلقيح على وقاية أكثر من خمسة ملايين شخص، وذلك وفقا لمركز السيطرة على الأمراض والوقاية منها.
وبحسب الكاتب، يعد التلقيح مهما بشكل خاص لمن تجاوزت أعمارهم الخمسين عاما، والأطفال الذين تقل أعمارهم عن خمس سنوات، والذين يعانون من مشاكل صحية مزمنة مثل السكري وضيق التنفس وأمراض القلب والرئتين.
ونقل الكاتب ما جاء على لسان الدكتور ديفيد كاتلر من مركز سانت جون الصحي في كاليفورنيا بالولايات المتحدة، الذي قال إن "هذه الشرائح العمرية المذكورة، وحاملي هذه الأمراض، معرضون أكثر لمخاطر الإصابة بالإنفلونزا وتعكر حالتهم الصحية. ولذلك، يبقى أفضل حل يتمثل في الوقاية".
كما نبّه الكاتب إلى أن الاعتقاد الشائع بعدم فائدة التلقيح للمرأة الحامل غير صحيح أيضا، بل إن التلقيح ضروري لها نظرا لأن الحوامل مصنفات ضمن الشريحة الأكثر عرضة لمخاطر هذا المرض، فضلا عن أن التلقيح لا يحمل أية مخاطر صحية لهن، ولا يسبب أية أعراض جانبية كما قد يُعتَقد، باعتبار أنه يحتوي على فيروسات غير نشطة.
وأوضح الكاتب أن الحصول على التلقيح لا يضمن عدم الإصابة بالمرض. في المقابل، يُجمع الأطباء على أنه يعد أفضل وسائل الحماية نظرا لأنه يقلص من احتمالات الإصابة بنسبة 60%، وفي حالة التعرض للعدوى، فإن الأعراض تكون أقل حدة.
الخرافة 2: أغذية تساعد على الشفاء
قال الكاتب إن هناك اعتقادا شائعا بأن شرب عصير البرتقال يساعد على الشفاء من الإنفلونزا، وذلك لاحتوائه على الفيتامين سي الذي يرتبط بتعزيز جهاز المناعة في الجسم، لكن لم تُجر أية تجارب تثبت هذا الاعتقاد.
وينطبق الأمر نفسه على الثوم والبصل والزنجبيل، فعلى الرغم من أنها تمنح شعورا مسكنا للألم عند تناولها، فإن الأبحاث العلمية لم تثبت علاقتها بهذا المرض.
وأضاف الكاتب أن الكثيرين ينصحون بتجنب تناول الألبان عند الإصابة بالإنفلونزا، لأنها تسبب زيادة إفراز البلغم. ولكن في الحقيقة، لا يعد هذا الأمر مؤكدا من الناحية العلمية، خاصة أن هذه المنتجات لا تسبب مشاكل صحية إلا عندما يكون الإنسان مصابا بحساسية تجاه هذا النوع من الأغذية.
الخرافة 3: تغير درجات الحرارة
أكد الكاتب أن الإصابة بالإنفلونزا لا علاقة لها بالتعرض للبرد، نظرا لأن هذا المرض هو عدوى تنتقل بين الناس سببها فيروس. وعلى الرغم من أنه منتشر بشكل أكثر خلال أشهر فصل الشتاء، فإن التعرض لدرجات الحرارة المنخفضة أو الخروج إلى الهواء الطلق في البرد لا يعد السبب وراء الإصابة به.
وأورد الكاتب أن هناك اعتقادا بضرورة تغطية الجسم جيدا حتى يتعرق، أو أخذ حمام من الماء البارد من أجل الشفاء من الإنفلونزا، إلا أنه لا تأثير لهذه العلاجات في مكافحة الحمى.
وينصح الأطباء في الواقع بارتداء ملابس تساعد الجلد على التنفس، أو التخلص من الملابس تماما، ووضع منشفة مبللة على الجبين، أو أخذ حمام دافئ، والإكثار من تناول السوائل، إلى جانب تهوية الغرفة.