تكشفت معلومات حول جريمة قتل الصحفي السعودي المعارض جمال خاشقجي داخل قنصلية بلاده في إسطنبول يوم 2 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، إذ نقلت صحيفة "حريت" التركية أن فريق الاغتيال السعودي حقن جثة خاشقجي بدواء مخثر للدم لمنع تناثره أثناء التقطيع، فما هي هذه المادة؟
وقالت صحيفة "يني شفق" التركية إنه تم حقن جثة خاشقجي "بمخثر للدم" من قبل فريق الاغتيال للتغطية على الجريمة.
وكان فريق الاغتيال قد قطع جثة خاشقجي في القنصلية السعودية، ثم نقلها إلى منزل القنصل السعودي محمد العتيبي حيث أذيبت بالأحماض داخل إحدى الغرف.
ووفقا لمصدر في الادعاء العام التركي، فقد عُثر على بقايا حمض الهيدروفلوريك ومواد كيميائية خاصة، بعد فحص عينات أخذت من بئر في بيت القنصل ومن قنوات الصرف الصحي بالمنطقة.
مخثرات الدم
طبيا هناك مجموعة من الأمراض التي تؤثر على تخثر الدم، وفيها يواجه الجسم صعوبة في وقف النزيف، مما يقود إلى نزف المريض لفترة طويلة عندما يتعرض لجرح، كما قد يصاب بنزيف في المفاصل وخاصة المرفق والكاحل والركبة، بالإضافة إلى احتمال حدوث نزيف داخلي قد يؤثر على الأعضاء الحيوية كالدماغ، وهذا قد يؤدي إلى مضاعفات قد تصل حد الموت.
ومن هذه الأمراض مرض الهيموفيليا، ويطلق عليه في اللغة العربية اسم "الناعور".
ومن هنا جاء اختراع مخثرات الدم التي تعطى للمرضى المعنيين قبل الجراحة أو بعد التعرض لنزف، بهدف مساعدة الجسم على وقف النزيف، ولكنها هنا ترياق للحياة، لا أداة وحشية للقتل.
وهناك أنواع عدة من مخثرات الدم التي تسمى "مركزات عوامل التخثر" (Clotting Factor Concentrates) التي يمكن أن يكون قريق اغتيال خاشقجي قد حقنها في جسمه، مثل:
العامل الثامن.
عامل "فون ويل براند".
العامل التاسع.
عامل تجاوز العامل المثبط 8 (FEIBA-NF).
العامل الـ13.
العامل الـ11.
مركز الفيبرينوجين.
وطبيا تُحقن هذه المواد في الوريد ضمن تركيز معين وبطريقة معينة وكمية محددة، وفقا لحالة كل مريض، إذ إن عملية تخثر الدم تتم عبر عدة مراحل، ويجب أن يكون الدواء المعطى يعوض النقص في المرحلة المعينة الناقصة من تخثر الدم لدى المريض.
طرطشة
أما في قضية خاشقجي، ولأنه لم يخطر ببال العلماء والباحثين أن اكتشافاتهم هذه ستغدو طريقة لتقليل "طرطشة" الدم (تناثره الشديد) أثناء تقطيع جثة الضحية، فغير معلوم نوع المخثر الذي استخدمه فريق الاغتيال ولا كميته.
ولكن هذا يطرح سؤالا مخيفا: هل حُقن خاشقجي بمخثر الدم وهو حي؟
المنطق يفترض ذلك، إذ حتى يبدأ مخثر الدم عمله ويصل إلى الدورة الدموية كاملة لدى خاشقجي، يجب أن يكون القلب ينبض ويضخ الدم، بما يضمن سريان المادة المخثرة في كامل الدم.
أما إذا حُقن خاشقجي بالمخثر بعد قتله فإن توقف القلب عن النبض يعني توقف الدورة الدموية، ومن ثم لا يمكن لمادة المخثر أن تنتشر.
وهذا يطرح سؤالا آخر: هل استُخدم مخثر الدم لقتل خاشقجي؟ إذ إن استعمال تركيز عال جدا من مادة المخثر قد يؤدي إلى حدوث جلطات قاتلة، وبهذا يضرب فريق الاغتيال عصفورين بحجر واحد: قتل خاشقجي وتخثير دمه، وبالتالي منع تناثره أثناء تقطيع الجثة.
كل ما سبق يُصنَّف في خانة الفرضيات، بانتظار كشف كافة ملابسات الحقيقة في إطار تحقيق شامل وشفاف.