يتعرض العمال الفلسطينيون في إسرائيل لأبشع أشكال الاضطهاد التي تمارسها سلطات الاحتلال الإسرائيلية بحقهم، والتي تتخذ أشكالا متعددة لا تختلف في سياقاتها عن تحقيق الهدف الذي تسعى إليه إسرائيل بممارسة مزيد من الضغط الاقتصادي على الفلسطينيين أينما تواجدوا.
وتتذرع إسرائيل بين الفينة بفرض إغلاق شامل على كافة المناطق الفلسطينية بحجة الأعياد اليهودية قد تصل لمدة أسبوع كامل، وهو ما يعيق وصول العمال الفلسطينيين لأماكن عملهم، ما يتسبب بتكبدهم خسائر اقتصادية تقدر بمئات الملايين من الدولارات سنويا.
إحصائيات العاملين
وتشير تقديرات الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني إلى أن عدد العمال الفلسطينيين الذين يحوزن تصارح عمل رسمية في الداخل المحتل يصل إلى 67 ألف عامل، بالإضافة إلى نحو 22 ألف عامل يعملون في المستوطنات، ولكن مصادر نقابية تتحدث عن أن الرقم الحقيقي للعمال الفلسطينيين يفوق النسب الصادرة عن جهات رسمية.
وفي السياق ذاته، أكد الأمين العام للاتحاد العام لنقابات عمال فلسطين، شاهر سعد، أن "عدد العمال الفلسطينيين الذين يعملون في إسرائيل وهم من الضفة الغربية تخطى حاجز الـ130 ألف عامل، نصفهم يعملون بتصاريح عمل رسمية يتقاضون أجورا تتراوح قيمتها من 250 و400 شيكل (70- 110 دولارا) يوميا، ونحو 22 ألف عامل يعملون في المستوطنات، وما يزيد على 40 ألف عامل يعملون بنظام التهريب، وذلك نتيجة انتهاء صلاحية تصاريح العمل الخاصة بهم، أو وجود شبهات حول مخاطر أمنية تمنع إسرائيل من دخولهم لأراضيها".
وكان الجهاز الأمني الإسرائيلي حذر نهاية أيلول/ سبتمبر 2015 المشغلين الإسرائيليين من تشغيل أو توفير مبيت للعمال الفلسطينيين الذين يدخلون إسرائيل بلا تصاريح عمل رسمية، بمعاقبتهم بالسجن لمدة 30 يوما، أو دفع غرامة مالية تتراوح قيمتها من ألف إلى 3 آلاف دولار.
وأضاف سعد في حديث لـ"عربي21" أن "إجمالي الدخل الذي يتقاضاه العمال الفلسطينيون يوميا في إسرائيل يقدر بنحو 35 مليون شيكل (10 ملايين دولار)، وفرض إسرائيل لإغلاق شامل بحجة الأعياد أو وجود مخاطر أمنية يعني تكبد الفلسطينيين لخسائر مالية كبيرة، تصل سنويا إلى 1.2 مليار شيكل (320 مليون دولار)".
انتهاكات إسرائيل بحق العمال
وتابع قائلا: "لا تقتصر الانتهاكات الإسرائيلية بحق العمال الفلسطينيين في أوقات الأعياد اليهودية، بل هي معاناة يومية يعانيها العامل الفلسطيني بدءا من الحواجز الأمنية التي يفرضها الجيش على مناطق خروج الفلسطينيين من مدنهم، مرورا بتعقيدات إصدار تصاريح العمل، تحت ذريعة المخاطر الأمنية، ما يدفع بالعامل للجوء لسماسرة التهريب بعد دفعهم لتكاليف مالية تتجاوز الـ3 آلاف دولار لكل تصريح عمل ساري المفعول لمدة نصف عام، مع حرمان العامل من أي أتعاب مالية فور تقاعده وحتى علاجه ضمن إصابات العمل".
وتعد العمالة الفلسطينية في إسرائيل من أبرز قنوات الإيرادات المالية للسوق المحلي، ويعود ذلك إلى ارتفاع متوسط أجر العامل الذي يبدأ من 70 دولارا ليوم العمل الواحد، مقارنة مع متوسط أجر العامل في فلسطين الذي لا يزيد على 20 دولارا في اليوم.
وتساهم التحويلات المالية للعاملين في زيادة مستوى الدخل للأسر الفلسطينية، حيث تشير تقديرات الجهاز المركزي للإحصاء إلى أن نسبة مساهمة تحويلات العمال للدخل القومي تزيد على 25 بالمئة بواقع 800 مليون دولار سنويا.
ويشكل قطاع البناء النسبة الكبرى لعمل الفلسطينيين في الداخل المحتل بنسبة 63 بالمئة، يليه قطاع الصناعي بنسبة 22 بالمئة، بينما يساهم القطاع الزراعي بنسبة 12 بالمئة من إجمالي العمالة الفلسطينية.
إلى ذلك، أكد وكيل وزارة العمل الفلسطينية سامر سلامة، أن "فرض إسرائيل إغلاقا شاملا في المناطق الفلسطينية في فترة الأعياد لا تقف خسائره المباشرة على أجور ورواتب العمال، بل تتسبب الأعياد في شلل القطاع التجاري والصناعي جراء إغلاق المعابر التجارية".
وأضاف سلامة في حديث لـ"عربي21" أن "المشغل الإسرائيلي يفرض على العامل الفلسطيني خصم سبعة أنواع من الضرائب وهي خصومات التقاعد، ونهاية الخدمة، والتأمين الصحي، والإجازة المرضية، وفرض المساواة، ورسوم النقابة، وضريبة الدخل، وهي استقطاعات مالية يتحملها العامل الفلسطيني بنسبة تزيد على 25 بالمئة من راتبه الإجمالي دون أن يحصل العامل على أي من هذه الحقوق بعد التقاعد".
وكشف سلامة أنه جراء تنصل إسرائيل من دفع كافة الحقوق المالية للعمال الفلسطينيين فقد "وصلت قيمة التعويضات المستحقة التي يطالب بها الجانب الفلسطيني ما يزيد على 33 مليار شيكل (10 مليارات دولار)".