[ نوال السعداوي ]
توفيت الطبيبة والكاتبة المصرية نوال السعداوي اليوم، الأحد، عن عمر ناهز 90 عاما، وكانت حالتها الصحية قد تدهورت في الأيام القليلة الماضية، وفق ما صرحت به ابنتها منى حلمي.
ولدت نوال في 27 أكتوبر/تشرين الأول 1931 بمحافظة القليوبية، وتخرجت في كلية الطب بجامعة القاهرة، بدأت رحلتها مع الكتابة في مرحلة الشباب، وأصدرت عشرات الكتب التي تُرجم بعضها للغات أجنبية.
وكانت وسائل إعلام محلية قد نقلت عن حلمي، ابنة نوال السعداوي، قولها إن الحالة الصحية لوالدتها غير مستقرة، وإنها ترقد في مستشفى منذ 5 أشهر من دون تحسن، داعية سلطات بلادها إلى "علاجها على نفقة الدولة".
ونوال السعداوي هي طبيبة أمراض صدرية ونفسية وكاتبة وروائية وناشطة في مجال حقوق الإنسان بشكل عام، وحقوق المرأة خاصة، اكتسبت شهرة واسعة لمحاربتها “ختان الإناث” وأصدرت كتابا عام 1972 بعنوان "المرأة والجنس" استعرضت خلاله ما اعتبرتها أنماط عنف قائم على النوع الاجتماعي.
وقالت السعداوي إن بعض كتبها تعرض للمنع، حيث واجهت اتهامات من منتقدين بالجرأة على تقاليد المجتمع ونصوص الدين، وفي 2004، أوصى مجمع البحوث الإسلامية، التابع لمؤسسة الأزهر، بمنع روايتها "سقوط الإمام"، معتبرا أنها تتعارض مع ثوابت الإسلام.
وكان برنامج الجزيرة "خارج النص" في حلقته بتاريخ (2019/3/10) قد سلط الضوء على كتاب "قضايا المرأة والفكر والسياسة"، الذي عرضت فيه نوال السعداوي مجموعة من مقالاتها، التي تصطدم مع الكثير من الأعراف الاجتماعية والثوابت الدينية.
ويعد كتاب "قضايا المرأة والمجتمع" من أكثر الكتب المعبرة عن المسيرة الفكرية لنوال السعداوي، التي يرى البعض أنها ساهمت في تحرير الفكر في المجتمع، وأنها دفعت الماء الراكد في الكثير من القضايا النسوية، بينما يرى آخرون أن أفكارها وآراءها تفتقد للمنطق والحجة القوية، كما أنها ليست قريبة من الناس ولا تؤثر فيهم.
رؤى مثيرة للجدل
قالت الكاتبة والروائية نوال السعداوي في كتابها إن استقلال المرأة نفسها وخروجها للعمل هو السبيل الوحيد لتحرير النساء من المجتمع الذكوري.
ورأت أن الدين والمجتمع يتعمدان تجاهل وإقصاء دور المرأة وتأثيرها في تاريخ الأمة أجمع؛ لكونها "امرأة"، مشيرة إلى أن المرأة هي مكتشفة الحروف واللغة كما أنها اكتشفت علم الفلك، فكانت "إيزيس" هي إله المعرفة في الحضارة الفرعونية.
كما تحدثت عن دور السيدة خديجة في انتشار الإسلام وحماية الرسول محمد (صلى الله عليه وسلم) من الكفار؛ بل إنها ذهبت إلى القول إنه لولا دور السيدة خديجة لما انتشر الإسلام.
بدوره، فند أستاذ الفقه المقارن أحمد كريمة هذا الرأي، موضحا أن الفقه الإسلامي اعتمد اعتمادا كبيرا على أحاديث السيدة عائشة بنت أبي بكر، وأشار إلى اعتراف الإسلام بدور السيدة خديجة رضي الله عنها، وكذلك السيدة فاطمة الزهراء كريمة الرسول صلى الله عليه وسلم بنقل الأحاديث.
واتهم أحمد كريمة، السعداوي بالتجديف ضد الدين والتجني عليه، عبر نشرها لتلك الأفكار التي ليس لها أي أساس من الصحة.
ومن جهتها، سخرت الكاتبة الصحفية سلمى أنور من الدعاة للفكر النسوي وتحرير المرأة، معتبرة أن الحرب التي يشنها معتنقو ذلك الفكر ضد "الذكورية" هي معركة طفولية تدعو إلى الضحك، وأنها لا ترقى للنضج الفكري.
أما الكاتب الصحفي نبيل زكي، فيؤيد أفكار السعداوي معتبرا أنها تدعو إلى تغيير نظرة المجتمعات العربية تجاه المرأة والتحضر والتقدم لتحريرها من القيود الذكورية والأعراف المجتمعية.
الشرف وإباحة الإجهاض
وعبرت السعداوي عن قناعتها باعتبار أن الشرف "ينبع من العقل والفكر"، ولا علاقة له بعذرية المرأة كما هو متعارف عليه في المجتمع، مؤكدة أن زمن عبودية المرأة لمجرد الجسد فقط أدى لإلصاق المرأة بالجنس.
ومن جانبه، قال عالم الأزهر سالم عبد الجليل أن الدين سعى لحفظ غريزة "الجنس" في إطار محدد ومقنن شرعي، وهو الزواج فقط.
واعتبرت السعداوي أن إجهاض الأجنة غير الشرعيين "حلال"، فتحدثت عن حرية الجسد، وأنه ملك لصاحبه، فلا سلطة يفرضها الدين والمجتمع على صاحبه، فمن حق المرأة إجهاض الجنين، الذي يعد "ملكا لها"؛ لكونه داخل جسدها، فهي من تملك القرار في إبقائه أو إجهاضه، ولا علاقة لرجل الدين بجسد تلك الأم.
في حين رأت الكاتبة الصحفية أن الإجهاض هو خلاف ونزاع بين قيمتين مهمتين هما "الحق في الحياة" و"حرية الجسد"، وقالت إنه يجب الانتصار لقيمة الحق في الحياة للجنين على غيرها.
في حين اعتبر عالم الأزهر أن إباحة الإجهاض وتركه لقرار الأم هو جريمة في حق الإنسانية، الأمر الذي يقلل من النسل بشكل كبير، وأكد أن الشريعة تضبط ذلك الأمر بمختلف الحالات، داعيا إلى مراعاة الشريعة وأخذها بعين الاعتبار قبل الشروع في تلك العملية.