[ سينما السيارات محاولة لابتكار طرق تلبي رغبات عشاق مهرجان أجيال (الجزيرة) ]
في محاولة لابتكار طرق تلبي رغبات متابعي مهرجان أجيال السينمائي في دورته الثامنة، وتلتزم بالإجراءات الاحترازية، التي فرضتها جائحة كورونا، لجأت إدارة المهرجان إلى عروض سينما السيارات بفضاء لوسيل المفتوح، وذلك للمرة الأولى في تاريخ المهرجان.
وإن كانت فكرة سينما السيارات مقتبسة من تجارب غربية عريقة ما زالت تحتفظ بطابعها الكلاسيكي الأول؛ إلا أن لمسة خاصة أضيفت على العروض، من بينها مرور الممثلين السينمائيين والمخرجين وفريق التحكيم على السجاد الأحمر بسياراتهم، في طقس يحاكي مناسبات الافتتاح الرسمية، التي تعرفها المهرجانات السينمائية حول العالم.
الأمير الوالد الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني يستمع لشرح مديرة مهرجان أجيال ضمن عروض سينما السيارات (الجزيرة)
ونالت تجربة سينما السيارات إعجاب رواد المهرجان باعتبارها الأولى من نوعها في قطر، وبحكم أنها توفر ظروف مشاهدة أفلام في طقس متميز واستثنائي، يجمع بين متعة المشاهدة السينمائية والفضاء المفتوح مع مراعاة التباعد الاجتماعي.
كما تفاعل عدد من نشطاء وسائل التواصل الاجتماعي مع الحدث، واعتبر كثير منهم أنه يمثل تحديا حقيقيا للظروف الراهنة جراء الوباء، كما أنه يقرب السينما من جميع الفئات ضمن طقس مناسب يثري مشاهدة العروض السينمائية في أجواء خاصة.
ولهذا الغرض، وفرت إدارة فضاء لوسيل كافة شروط المشاهدة السينمائية الآمنة، بداية من اقتناء التذاكر إلكترونيا واختيار العروض، ثم تحصيل رمز العرض الصوتي، من أجل برمجته على راديو السيارة؛ لضمان استماع جيد وهادئ لسيناريو الفيلم المعروض على شاشة كبيرة توفر مشاهدة ممتعة ضمن نطاق الفضاء المخصص للعرض.
لأول مرة في قطر
وترى مديرة مهرجان أجيال السينمائي والرئيس التنفيذي لمؤسسة الدوحة للأفلام، فاطمة الرميحي، أن سينما السيارات كانت أحد العناصر الأساسية في تجربة صناعة الأفلام خلال الخمسينيات والستينيات في جميع أنحاء العالم، ووسيلة إبداعية للحفاظ على روح المجتمع وللاحتفال بالثقافة.
وقالت للجزيرة نت "نحن نفخر بتقديم أول سينما سيارات في لوسيل جزءا من مهرجان أجيال السينمائي هذا العام، لإثراء تجربة الجماهير في مساحة جديدة تجمع بين الأفلام والموسيقا والمرح، والمهرجان بتقديمه عروض سينما السيارات يروم بشكل خاص الاحتفاء بالجمال والذوق السينمائي، ولهذا برمج أفلاما كلاسيكية وحديثة عظيمة حازت جوائز في محافل كبرى".
وضمن قائمة العروض الكلاسكية لسينما السيارات بفضاء لوسيل، عرض فيلم "بامبي" من خزانة أفلام "ديزني" (Disney) للمخرج ديفيد هاند، وفيلم "الساحرة وخزانة الملابس" من إخراج أندرو آدامسون، وفيلم "هروب الدجاج" من إخراج بيتر لورد ونيك بارك الحائز على جوائز من "دريم ووركس" (DreamWorks) عام 2000 بالولايات المتحدة الأميركية، وفيلم "فرانكشتاين" للمخرج جيمس ويل المنتج عام 1931.
كذلك، شاهد الجمهور في ليالي عروض سينما السيارات قائمة أفلام ضمن فئة "صنع في قطر" من خلال برنامجين اثنين، وضم الأول أفلام "أمل" لعبد الله محمد الجناحي، وفيلم "رأيها" لمريم مسراوه، وفيلم "مسحر" لحسن الجهني، وفيلم "غريب" لياسر مصطفى وكريستوفر بافيت، وفيلم "الست" لسوزان ميرغني، وفيلم "أخت رجال" لسوزان ميرغني، وفيلم "يا حوتة" لعبد العزيز يوسف ولطيفة الدرويش، وفيلم "الطبّاب" لخليفة المانع.
أما برنامج الأفلام الثاني، فضم فيلم "وتر الغربة" من إخراج أليساندرا الشنطي، وفيلم "ابتسم فأنت تستحقها" للمخرج إبراهيم البوعينين، وفيلم "خلف الجدران المكسورة" لحصة المناعي، وفيلم "آندر" لألينا مصطفى، وفيلم "شرينغار" لمحمد نوفل.
أصل الفكرة
تاريخيا، تعد تجربة سينما السيارات أميركية الأصل، وتعود إلى ثلاثينيات القرن الماضي، بعدما دشنها الأميركي ريتشارد هولينغسهيد، في عام 1933 كحل للأشخاص غير القادرين على الجلوس في مقاعد السينما؛ لأنها صغيرة وغير مريحة، وكانت والدته واحدة من هؤلاء.
وقد ازدهرت خلال خمسينيات وستينيات القرن الماضي، حيث كانت علامة متميزة لدور العرض بالولايات المتحدة؛ إلا أنها بدأت في الاندثار تدريجيا، حتى عادت خلال السنوات الماضية إلى فضاءات عدد من دول العالم، بعد أن أصبحت اليوم خيارا أكثر أمانا.
واليوم، أدت جائحة كورونا إلى إعادة تنشيط سينما السيارات من جديد، وعادت دور عرض ومهرجانات في أوروبا وآسيا والدول العربية إلى إحيائها مرة ثانية، خصوصا مع الخسائر الهائلة التي تكبدها قطاع السينما حول العالم جراء حالات الإغلاق الشامل، والمقدرة بأزيد من 17 مليار دولار، حتى نهاية مايو/أيار 2020.
ويعتبر متابعون أن سينما السيارات تجربة جديدة على المجتمع العربي، رغم وجود تجربة وحيدة سابقة في مصر؛ لكن بعد وباء كورونا، أعاد العالم الانفتاح على هذه الفكرة وقبولها، حتى تتمكن السينما من الاستمرار.
وهناك تجارب متعددة لتطوير هذا الصنف من السينما وتعزيزه بالوسائل الحديثة، خاصة ما يتعلق بلغة الأفلام وجودة الصورة وطبيعة فضاءات المشاهدة، وجعلها أكثر استجابة لتطلعات الجمهور.