[ النجم الأسكتلندي شون كونري أول من قدّم شخصية العميل السري جيمس بوند في السينما (رويترز) ]
أعلنت هيئة الإذاعة البريطانية وفاة الممثل العالمي الأسكتلندي شون كونري عن عمر يناهز 90 عاما. وهو أول من قدّم شخصية جيمس بوند في تاريخ السينما لعدة سنوات.
فاز كونري بجائزة الأوسكار وجائزتي بافتا و3 جوائز غولدن غلوب وجائزة هنريتا. كما حصل على جائزة الإنجاز مدى الحياة من مركز كينيدي في عام 1999. ومنحته الملكة إليزابيث الثانية وسام فارس في عام 2000، بعد أن تم رفضه في مرتين سابقتين من قبل الحكومة البريطانية، بسبب دعمه الصريح للحزب الوطني الأسكتلندي، الذي يدعو إلى استقلال أسكتلندا عن المملكة المتحدة.
ومؤخرا، تم التصويت على اعتباره "أفضل من قام بدور جيمس بوند على الإطلاق"، حيث قام ببطولة 7 أفلام منها (توافقا مع رمز 007) بين عامي 1962 و1983. وقال عنه المخرج العالمي ستيفن سبيلبيرغ "كونري ليس مثل أي ممثل آخر، فهو أسطورة حقيقية ونجم سيخلده التاريخ".
وفي حفل أقامه "المعهد الأميركي للسينما" عام 2006 لتكريمه بجائزة عن إنجازاته المهنية، أعلن كونري أن الوقت قد حان لتعليق قبعته، قائلا "لقد اعتزلت بشكل نهائي".
وقبل وفاته، قرر شون كونري بعد بلوغه التسعين أن ينتقل للعيش مع زوجته في جزر البهاما، متفرغا لسرد قصة حياته التي من المقرر أن يكتبها له هنتر دافيز، الذي كتب مذكرات الرئيس الأميركي بيل كلينتون.
نشأة فنان لا مثيل له
الممثل الأسكتلندي الذي وصف نشأته قائلا "كنا فقراء للغاية، فقد كان أبي يحضر لنا بضعة شلنات فقط في الأسبوع، ويُنفق المال على الخمر والقمار". وأهدته سلسلة أفلام جيمس بوند المثيرة شهرة مبكرة ونجاحا استمر لعقود طويلة.
فلم يمنعه بؤس البدايات من إظهار مواهبه، بالرغم من عمله منذ طفولته في مهن كثيرة، فمارس رياضة رفع الأثقال وكرة القدم وكمال الأجسام. وكان شغوفا بالقراءة ومشاهدة الأفلام، وعزف على آلة موسيقية في منطقة المسرح بلندن، قبل أن يلتحق بالبحرية الملكية ليكون بحارا مدة 3 سنوات.
الخروج من عباءة بوند
بعد بدايات مسرحية وتجارب تلفزيونية وسينمائية منذ 1954، تجلت موهبته متعددة الألوان فشارك في فيلم ديزني الخيالي عام 1959 "داربي أوغيل والناس الصغار" (Darby O'Gill and the Little People (1959. وهو العام الذي خاض فيه أول تجاربه الكوميدية بفيلم "مغامرة طرزان الكبرى" Tarzan's Greatest Adventure، ثم الفيلم الحربي "عملية سنافو Operation Snafu"1961. قبل أن يأخذ مكانه وسط نجوم بحجم جون واين وريتشارد بيرتون، في ملحمة الحرب العالمية الثانية، بفيلم "أطول يوم" 1962، الذي حصد جائزتي أوسكار.
وهو العام نفسه الذي فاجأ فيه الجمهور بشخصية جيمس بوند -أو (العميل 007) من المخابرات البريطانية السرية، في فيلم "دكتور نو" Dr. No- والتي حققت نجاحا هائلا، لتتبعها أفلام "من روسيا مع الحب" (From Russia with Love) في عام 1963، و"إصبع الذهب" (Goldfinger) في عام 1964، التي جعلت من جيمس بوند ظاهرة عالمية، ومن شون كونري نجما عالميا أيضا.
لكنه سرعان ما شعر بالملل من أسطورة الجاسوس المثالي، وخشي أن يُحبس فيما يشبه حوض السمك، فقرر التوقف عنها لتوظيف قدراته الفائقة في أنماط تمثيلية أخرى. فاتجه إلى أدوار الإثارة النفسية مع المخرج ألفريد هيتشكوك بفيلم "مارني" (Marnie (1964.
ليعود بعدها بفيلمين من سلسلة جيمس بوند، هما "الرعد" (1965) Thunderball، و"أنت تعيش مرتين فقط" (You Only Live Twice (1967، قبل أن يقدم النسخة السادسة منها بعد 4 سنوات في فيلم " الألماس إلى الأبد" (1971) Diamonds Are Forever، معلنا أن هذا هو فيلمه الأخير في تجربة بوند.
أدوار لا تُنسى
يدخل كونري إلى حقبة السبعينيات مواصلا لعبة التنوع، ويبدي اهتماما أكبر بالدراما والخيال العلمي، فيقدّم من أفضلها "مولي ماغوايرس" (1970) The Molly Maguires، الذي رُشح لجائزة أوسكار، و"زردوز" Zardoz المرشح لجائزة بافتا في 1974.
وفي السنة نفسها يشارك في فيلم "جريمة قتل في قطار الشرق السريع" (Murder on the Orient Express) الفائز بجائزة أوسكار. وفي 1975 يقوم ببطولة "الرجل الذي سيكون ملكا" (The Man Who Would Be King)، الذي رُشح لـ 4 جوائز أوسكار. و"الريح والأسد" (The Wind and the Lion)، الذي رشح لجائزتي أوسكار، إلى جانب أفلام أخرى.
وفي عام 1981 قدم أداء لا يُنسى في فيلم "تايم بانديتس" (Time Bandits) الخيالي للسفر عبر الزمن. وبعد ذلك بعامين انهارت مقاومته أمام إغراء العودة إلى جيمس بوند، فعاد في عام 1983 بفيلم "لا تقل أبدا مرة أخرى" (Never Say Never Again)، الذي رشح لجائزة غولدن غلوب.
ليصل إلى منتصف الثمانينيات بفيلمين يسهمان في ترسيخ قدميه عالميا، فحصل على جائزة الأكاديمية البريطانية للأفلام عن دوره كراهب تحول إلى محقق في فيلم "اسم الوردة" (The Name of the Rose (1986.
ثم نال جائزة أوسكار أفضل ممثل مساعد عن دوره في "المنبوذون" (1987) The Untouchables. لينهي حقبة الثمانينيات في 1989 بفيلم " إنديانا جونز والحملة الصليبية الأخيرة" (Indiana Jones and the Last Crusade)، الحائز على جائزة أوسكار.
افتتح كونري جولة التسعينيات بفيلم الحركة والإثارة الفائز بجائزة أوسكار "مطاردة أكتوبر الأحمر" (1990) The Hunt for Red October، الذي لعب فيه دور قبطان غواصة سوفيتية منشق. بالإضافة إلى مجموعة أفلام لا تُنسى لعب فيها دور الملكين البريطانيين ريتشارد وآرثر، في فيلمي "روبن هود: أمير اللصوص" (1991) Robin Hood: Prince of Thieves، و"فارس أول" (1995) First Knight. ثم "الصخرة" (The Rock) و"قلب دراغون" (DragonHeart) في 1996، وقد رُشحا لجائزة أوسكار.
كما قدم كونري فيلم "الفخ" (Entrapment) في 1999، ليصل إلى المرفأ الأخير في عام 2003، مُضيفا إلى أكثر من 80 عملا سينمائيا وتلفزيونيا، فيلم الخيال والمغامرة "عصبة السادة الخارقين" (The League of Extraordinary Gentlemen) المقتبس من سلسلة الكتاب الهزلي الذي يحمل الاسم نفسه، مكتفيا بعد ذلك بأداء أدوار صوتية في أعمال مختلفة.