[ روايات المؤلفين الأفارقة تمثل انتقالاً من الثقافة الشفهية التي سادت القارة السمراء إلى التدوين الأدبي (الجزيرة) ]
يتوقع كثير من القراء غلبة الطابع الشفهي والتراث غير المكتوب على الأدب الأفريقي، لكن في الحقيقة، ورغم أنه حديث العهد بالكتابة والتدوين، فقد استطاع أدب القارة السمراء أن يعكس ثقافة شعوبها ومآسيها وأحلامها في العقود الأخيرة ولا سيما مع جيل من المبدعين الأفارقة في بلدان غرب ووسط وشرق القارة.
ولأن أغلب القراء قد لا يتذكر كتابا قرأه لمؤلف أفريقي عن قارته السمراء، بما في ذلك الأدب الروائي وأدب الرحلات والمقالات، بالمقابل قد يكون قرأ كتابات عن أفريقيا مكتوبة من قبل مؤلفين أوروبيين أو أميركيين، اختار موقع "فران زاباليتا" الإسباني في التقرير الذي نشره مجموعةً من الأعمال الأدبية تمثل نافذة مميزة تمكننا من التعرف على قارة مجهولة.
وتقدم أعمال هؤلاء المؤلفين مجتمعات ما بعد الاستعمار التي تحاول أن تصنع نفسها لإنقاذ وجودها من مستنقع التاريخ فضلا عن مدن حيّة وحيوية بشكل هائل، ما يجعل قراءة هذه الكتب من أفضل الطرق للاقتراب من واقع بعيد عما تظهره لنا صور الزوارق المهاجرة في البحر المتوسط، على الرغم من أن هذا المشهد يمثل واقعا أيضا في أفريقيا.. وهذه مجموعة من تلك الأعمال:
"أشياء تتداعى" بقلم تشينوا أتشيبي
أردف الموقع أن "أشياء تتداعى" هي رواية "ما بعد الاستعمار" بامتياز، وتعتبر من الأعمال الأدبية العظيمة في القرن العشرين. وتجسّد هذه الرواية المأساة الشخصية والجماعية لمحارب ينتمي لمجتمع الإيبو (جنوب شرق نيجيريا) يرى عالمه كله ينهار مع وصول الرجل الأبيض.
في هذا الإطار، تصوّر الرواية قصة محارب عظيم يُدعى أوكونوكو ذاع صيته في جميع أرجاء غرب أفريقيا. ولكن بمجرد قتله رجلا بارزا في عشيرته عن طريق الخطأ، اضطر أوكونوكو للتكفير عن ذنبه عن طريق التضحية بابن زوجته والعيش في المنفى.
وعندما تمكّن هذا المحارب أخيرًا من العودة إلى قريته وجدها تعج بالمبشرين والحكام البريطانيين، وراقب أوكونوكو عالمه ينهار ولم يستطع فعل شيء غير تسريع حدوث المأساة، وتسرد هذه الرواية قصة رجل ذي كبرياء يشهد هلاك شعبه العاجز في عام 1958. وقد بلغت مبيعات الرواية منذ ذلك الحين أكثر من عشرة ملايين نسخة مترجمة إلى 45 لغة حول العالم.
"نصف شمس صفراء" بقلم تشيماماندا نغوزي أوتشي
أشار الموقع إلى "نصف شمس صفراء" كرواية ملحمية كُتبت ببراعة، وتطرح الرواية الكثير من القضايا مثل الاستعمار والتحالفات العرقية والمسؤولية الأخلاقية للصراع في نيجيريا، الذي تغذيه قوى عالمية.
ببساطة، تعيد الرواية رواية فترة في التاريخ المعاصر لأفريقيا المتمثّلة في نضال بيافرا (جمهورية انفصالية سابقة دامت من منتصف 1967 حتى بداية 1970) من أجل إقامة دولة مستقلة في نيجيريا وما تلاها من حرب أهلية أودت بحياة الآلاف من الناس.
بتعاطف كبير وبطبيعة الراوية الملتزمة، أعادت تشيماماندا نغوزي أوتشي إحياء ثلاث شخصيات متورطة في اضطرابات العقد الذي سلّطت عليه الضوء. وتتمثّل الشخصية الأولى في الشاب أوغو الذي يعمل خادما في منزل أستاذ جامعي مشبع بالأفكار الثورية بالإضافة إلى أولانا، زوجة الأستاذ الجامعي الجميلة التي تخلت عن الحب وعن حياتها في لاغوس من أجل أن تعيش حياة مرفهة في مدينة أخرى. وأخيرا، توجد شخصية ريتشارد، وهو شاب إنجليزي خجول يقع في حب أخت أولانا، وهي امرأة غامضة.
ومع تقدم القوات النيجيرية، يتوجب على أبطال هذه القصة الدفاع عن معتقداتهم وإعادة تأكيد ولاءاتهم.
"الخبز الحافي" بقلم محمد شكري
وتروي هذه الرواية السيرة الذاتية للمؤلف وتدور أحداثها في مدينة طنجة الساحلية وحالة الفقر والمجاعة التي كان يعيشها المؤلف والمجتمع المغربي في منطقة الريف بصفة عامة، في الوقت الذي يعيش فيه المحتلون من فرنسيين وإسبان حياة رغدة.
وضمن أحداث الرواية غادرت عائلة منزلها وقررت النزوح إلى طنجة بحثًا عن حياة أفضل، ولكن قسوة الأب العنيف تجبر محمد الصغير على الفرار من المنزل.
ولعل هذه التجربة مثّلت طريق التعلم بالنسبة لمحمد، الذي امتلك ذاكرة شفوية اكتسبها من سنوات الأمية العشرين، فكان يكتب نصوصه في ذاكرته قبل أن يحولها على الورق.
ويعاني الطفل من الجوع والخوف والعنف في شوارع طنجة وتطوان القاسية، في الليالي التي قضاها تحت النجوم، جرب محمد الجنس ومرارة السجن، واكتشف في هذا المحيط البائس الذي عاش فيه الألم والظلم والرحمة أيضا، وجعلت هذه الرواية صاحبها أحد الأصوات الأساسية للأدب المغربي المعاصر.
"اليوم أفضل من الغد"، بقلم نادين غورديمر
تطرق الموقع إلى رواية "اليوم أفضل من الغد" التي تحكي قصة عائلة مختلطة من حي جوهانسبرغ بجنوب أفريقيا، منذ حقبة التسعينيات حتى نهاية عام 2009.
وبعد سقوط الأبارتايد أي نظام الفصل العنصري، لم تتحقق آمال معظم المواطنين في الظفر بعالم أفضل، حيث إن الديمقراطية وإلغاء التفرقة العنصرية لم يحققا أفضل النتائج التي يطمح إليها كل مواطن، بل على العكس من ذلك، استفحل الفساد وأصبحت عدم المساواة الاجتماعية العمود الفقري الجديد للبلاد. ومع ذلك، تروج الرواية للأمل وتؤكد أنه يمكن بناء عالم أفضل.
ورغم منع الرواية في جنوب أفريقيا كانت غورديمر على علاقة مميزة مع العالم العربي والثقافة العربية، فقد ربطتها علاقة وثيقة بالراحل نجيب محفوظ، وكانت مهتمة بأعماله، وقد كتبت مقدمة الترجمة الإنجليزية لكتابه "أصداء السيرة الذاتية"، فضلا عن مناصرتها للقضية الفلسطينية، ودعوتها لإيجاد حل يكفل حقوق الشعب الفلسطيني، وإن كان يؤخذ عليها حضور احتفالات الذكرى الستين "لتأسيس إسرائيل
"صباح الخير يا أيها الرفاق" بقلم أوندياكي
تمثل رواية الكاتب الأنغولي أوندياكي سيرته الذاتية، وتروي قصة رحلة تعود بكاتبها إلى مرحلة الطفولة وأرضه الأصلية. ويجسّد الراوي شخصية صبي يبلغ من العمر عشر سنوات يكشف عن حياته اليومية بين الروابط الأسرية والمدرسة والعنف في بلد لم يعد مستعمرة برتغالية.
تكمن حيوية وسحر هذا الكتاب في صوت طفل يكتشف كل شيء في حياته لأول مرة. بدهشة شديدة، يروي صوته الصادق والحساس النكات والمزاح الصبياني، وكذلك التوتر وعدم اليقين في أواخر الحرب الأهلية الأنغولية.
ودون استياء أو غضب أو ثناء أو خطاب، يصف أوندياكي بدقة اللحظة التي يغادر فيها الكوبيون أنغولا. في الواقع، نحن أمام كاتب أفريقي تسمح موهبته الهائلة برواية تاريخ العالم من خلال تسليط الضوء على التفاصيل، بحسب ما أورده الموقع الإسباني في القائمة.
"العودة إلى الوطن" بقلم الروائية يا جياسي
بين الموقع أن هذه الرواية هي أولى روايات الكاتبة الأميركية من أصل غاني يا جياسي.
تدور أحداث هذه الرواية ذات البعد الإنساني العميق في الساحل الجنوبي الغربي لأفريقيا وجمهورية غانا الحالية وفي أميركا الشمالية من القرن الثامن عشر حتى الوقت الحاضر.
تتحدث الرواية عن قصة ابنتين لأم، وأبوين ينتميان إلى مجموعتين عرقيتين مختلفتين، إيفيا وإيسي هما شقيقتان لم تتعرفا على بعضهما رغم أن طريقهما كان يائسا ومحكوما بالانفصال، وفي حين كانت إيفيا مجبرة على الزواج من حاكم إنجليزي والإقامة في قلعة على طول الساحل، وقع القبض على إيسي وإرسالها، مع العبيد، إلى جنوب الولايات المتحدة.
في الأثناء، تسرد الرواية مستقبل كلا فرعي الأسرة، أي بطلتي القصة المؤثرة، التي تروي تفاصيل الألم والأمل والصراع في إطار سلسلة من الأحداث التاريخية البارزة، من قبيل الحروب القبلية، وتجارة الكاكاو، وقانون هروب الرقيق لعام 1850، والهجرة الكبرى، والكفاح من أجل الحقوق المدنية وإحياء هارلم (مركر الأميركيين من أصل أفريقي في نيويورك) في عشرينيات القرن العشرين، وصولا إلى "وباء الهيروين" في سبعينيات أميركا.
نالت هذه الرواية إعجابا وترحيبا كبيرين في أميركا الشمالية وإنجلترا وفرنسا، حيث احتفى النقاد المختصون من جانبي المحيط الأطلسي بوصول صوت جديد وشفاف وقوي من أصل أفريقي، يتمتع بموهبة استثنائية لإيصال المشاعر الأكثر حميمية إلى القارئ، في كفاحه غير المتكافئ ضد قوة التاريخ الساحقة.
"العظام المتقاطعة" للكاتب الصومالي نور الدين فرح
اشتملت قائمة الموقع على رواية تحكي قصة البطل جيبلة، الذي عاد بعد مرور حوالي 12 عاما على زيارته الأخيرة، إلى العاصمة الصومالية مقديشو التي طال انتظارها لرؤية أصدقائه القدامى يرافقه صهره مالك، الصحفي المهتم بتغطية الاضطرابات السياسية المتزايدة في العاصمة الصومالية.
ومع ذلك، فإن أول شيء يواجهانه لم يكن الفوضى التي توقعاها وإنما الهدوء المؤلم الذي تفرضه شخصيات موجودة في كل مكان يرتدون ملابس بيضاء ومسلحين بالسياط.
في الوقت نفسه، يصل شقيق مالك إلى منطقة بونتلاند المضطربة بحثا عن ابن زوجته، الذي يبدو أنه تم تجنيده من قبل المتمردين الصوماليين. في الأثناء، سيجبر الأخوان على الخوض في النسيج الاجتماعي لبلد على حافة الانهيار الداخلي وعلى وشك أن يتحول إلى ساحة معركة في محاولة لرفض غزو القوات الإثيوبية.
والجدير بالذكر أن فرح، المرشح البارز لنيل جائزة نوبل للآداب يرسم في هذه الرواية الرائعة، صورة تمكنت على الرغم من طابعها النقدي الشديد، من إضفاء الطابع الإنساني على التعقيدات التي تعيشها المنطقة الممزقة بشكل دائم بسبب العنف والفساد والفقر والتعصب.
"سحب المطر" بقلم بيسي حيد
تروي هذه الرواية قصة مخايا، الذي بعد قضاء حوالي سنتين في السجن، عبر الحدود من جنوب أفريقيا إلى بوتسوانا -التي تنتمي إليها الكاتبة- دون أي طموح سوى إيجاد مكان هادئ للعيش فيه.
وفي قرية جوليما مميدي، يلتقي بطل القصة برجل يُدعى جيلبرت، وهو عالم إنجليزي في مجال الزراعة لديه خطط طموحة للمستقبل، والذي يثير غضب زعيم محلي. وتتفاقم مشاكل جيلبرت ومخايا بسبب الجفاف الرهيب الذي دمر البلاد والتحيزات القبلية التي أصبحت عقبات حقيقية أمام تقدم القرية. هناك لم يحصلا سوى على دعم النساء. وتعتبر الكاتبة الجنوب أفريقية بيسي حيد أحد أشهر مؤلفي الأدب الأفريقي.
"حبة من القمح"، بقلم نغوغي وا ثيونغو
قال الموقع إن هذه الرواية، الأكثر شهرة للكاتب الكيني، تتحدث عن التمرد والحب والصداقة والخيانة. تدور أحداثها في خمسينيات وستينيات القرن الماضي، في أيام انتفاضة ماو ماو واستقلال كينيا اللاحق، وهي تحكي قصة سكان قرية اتخذت حياتهم منحى معاكسا. في مركز القصة، يوجد موغو، الذي على الرغم من اعتباره بطلا من قبل الجميع، فإنه يعيش معذبا بسبب سر رهيب. وقد جرى الكشف عن القصص المختلفة وراء هذا المكان الغامض من خلال رواية تنسج بين الأسطورة والواقع.
"العودة" بقلم هشام مطر
وختمت القائمة برواية الأديب والشاعر الليبي هشام مطر الفائزة بجائزة بوليتزر، وتمثل سيرة ذاتية للمؤلف باللغة الإنجليزية يتناول فيها حياته، وخاصة عودته إلى ليبيا بعد أكثر من ثلاثين عاما قضاها في الخارج بسبب خلاف والده مع نظام العقيد الليبي الراحل معمر القذافي.
وفي شهر آذار/مارس 2012، عاد مؤلف "العودة" إلى ليبيا رفقة والدته وزوجته بعد أن فتحت الإطاحة بالقذافي صفحة جديدة كان يأمل فيها إعادة تأسيس مجتمع دمرته الجرائم الدنيئة للدكتاتورية، عبر استعادة نظام القيم القائم على العدالة واحترام الحياة البشرية.
ومع ذلك، بعيدا عن الحلم ببلد يعيش في حرية وتقدم، كانت لدى هشام رغبة جامحة في غلق جرح عميق ومؤلم كان قد ميز حياته وحياة عائلته. في عام 1990، اختُطف والده جاب الله مطر -رجل الأعمال المثقف، عاشق الشعر وزعيم المعارضة في المنفى- في القاهرة وزُج به في سجن ليبي. بعد ست سنوات، انقطعت أخباره وفُقدت آثاره، لذا يحاول بطل الرواية البحث عن الحقيقة، في قصة إنسانية مؤثرة.
يسمح لنا نثر المؤلف، الذي يمكن الاطلاع عليه في كتابه "وحيد في العالم" أو قصة اختفاء"، بمشاركته عواطفه، من المشاهد المشرقة لطفولته في طرابلس وبنغازي إلى الحاضر القاسي حيث يختلط الوهم بالغضب والعجز، ومن خلال إتقانه لنقل التشنجات الشخصية والأحداث التاريخية، فإن هذه السيرة الذاتية الصادقة لا تقتصر على محاولة فهم آلام الماضي، بل تشير مرارا وتكرارا إلى الراحة التي يوفرها الحب والصداقة والأدب والفن.